يسعى الرئيس الإيراني #حسن_روحاني جاهداً لاستقطاب الاستثمارات الخارجية التي يعتبرها أساسية لسلامة الاقتصاد واستحداث الوظائف في بلدٍ حيث ينتمي أكثر من واحد من أصل كل أربعة شبّان إلى عداد العاطلين عن العمل. ولا تألو غرفة التجارة في #طهران جهداً لجذب مديري صناديق الثروات السيادية الأجنبية والشركات الكبرى ودفعهم إلى تدعيم اقتصاد فاشل أنهكته العقوبات إنما أيضاً إنفاق مليارات الدولارات من صناديق الدولة على شراء الأسلحة واسترضاء الملالي وأصحاب الثروات والنفوذ في #الحرس_الثوري_الإيراني.
لكن مع العقوبات التي تفرضها #الولايات_المتحدة على إيران على خلفية الإرهاب، وعلى ضوء فرض جولة جديدة من العقوبات رداً على قيام إيران باختبار صواريخها البالستية بصورة غير قانونية، لا يزال الأشخاص الطامحون إلى الاستثمار في إيران والمصارف يبدون تردداً وحذراً في توظيف أموالهم هناك، وهم على حق في ذلك.
لا يزال المناخ الاستثماري غير مؤاتٍ؛ فهو يخضع للإفراط في التنظيم، وتخنقه البيروقراطية، كما أن ملكية الشركات بعيدة كل البعد عن الشفافية في إيران، حيث يسيطر #المرشد_الأعلى والحرس الثوري على أمبراطوريات ضخمة في الصناعة والأعمال. يتفشّى الفساد في مختلف قطاعات المجتمع. العام الفائت، احتلت إيران المرتبة 131 من أصل 170 بلداً في مؤشر مدركات الفساد لعام 2016 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية.
ليس الاستثمار في إيران محفوفاً بالمخاطر والعقبات وحسب، بل إن ضخ مبالغ طائلة من الأموال في دولة راعية للإرهاب وذات سجل مريع في مجال حقوق الإنسان، هو في رأيي سلوك غير أخلاقي. لطالما اعتبرت أن التداول التجاري مع إيران يصب في إطار الأهداف المشبوهة التي تسعى إلى تحقيقها، ويساهم في بلوغ هذه الأهداف، ولذلك يجب التحذير منه والابتعاد عنه بغض النظر عن المكاسب المالية التي يمكن أن تترتب عنه.
بصراحة، من سابع المستحيلات أن أوظّف درهماً واحداً في إيران التي لطالما كانت لديها أطماع في الأراضي العربية، والتي تسيطر على بعض العواصم العربية عن طريق عملائها المسلّحين، وتتحمّل مسؤولية استمرار النزاع السوري كما أنها تقف خلف تمويل التمرد الشيعي في #اليمن.
قبل أعوام، عندما شجّعني سياسي بريطاني بارز على الاستثمار في إيران، لم أتردّد ثانية واحدة في رفض نصيحته. فأنا أعتبر أن التعامل التجاري مع دولة معادية لا تزال تحتل ثلاث جزر تعود ملكيتها إلى #الإمارات، بعدما سرقها الشاه، والاستثمار في تلك الدولة، يسيئان إلى بوصلتي الأخلاقية ويتعارضان تماماً مع مبادئي التي أتمسّك بها.
لا بد لي من التشديد على أنه ليس لدي شيء ضد الشعب الإيراني. فبعض أصدقائي المقرّبين هم من أصل إيراني. الإيرانيون هم ضحايا نظام همجي وقمعي يلجأ إلى القوة لإبقائهم تحت سيطرته، وكذلك لسحق أكثر من خمسة إلى سبعة ملايين عربي أحوازي يُقيمون في إقليم #خوزستان جنوب إيران، والذي كان يُعرَف بعربستان على امتداد أكثر من ستمئة عام قبل أن يقوم #الشاه_رضا_بهلوي بطرد حاكم الإقليم العربي المدعوم من البريطانيين، #الشيخ_خزعل.
لطالما آلمتني محنة عرب #الأحواز الذين نسيهم المجتمع الدولي، وقد تطرقت إلى هذه القضية مراراً وتكراراً في مقالتي أملاً بتسليط الضوء على أشكال الظلم التي يرزحون تحت وطأتها منذ أمد طويل ويسعون جاهدين للتغلب عليها.
على الرغم من أن #خوزستان تؤمن تسعين في المئة من استهلاك النفط الداخلي في إيران، إلا إنها من الأقاليم الأشد فقراً في البلاد حيث يُستعبَد أبناء الأرض في وظائفهم، ويُحرَمون من الاحتياجات الأساسية. عام 2016، صنّفت #منظمة_الصحة_العالمية مدينة أحواز، عاصمة الإقليم، بأنها الأكثر تلوثاً في العالم. القول بأن عرب #الأحواز مواطنون من الدرجة الثانية مجافاةٌ مطلقة للحقيقة؛ فالوضع أسوأ من ذلك بكثير، إنهم طبقة دنيا تتعرض للسحق عن سابق تصور وتصميم.
يعيش عدد كبير من الأسر الأحوازية في مساكن دون المستوى من دون الوصول إلى مياه نظيفة أو إلى التيار الكهربائي، كما أنهم تعرّضوا للطرد الجماعي، وجرى تقسيم أراضيهم وبيعها إلى الفرس. مَن يدافعون عن حقوقهم على الملأ يمكن أن يتعرّضوا للضرب أو السجن والإعدام.
الأسوأ هو أن هويتهم العربية مهدّدة. يتعلم طلاب المدارس اللغة الفارسية فقط، ويُعاقَبون عند التكلم باللغة العربية، ما يؤدي إلى ارتفاع نسبة التسرّب المدرسي. بحسب مركز #الأحواز لحقوق الإنسان، يتعرّض الطلاب العرب للتنمّر والاستقواء من المدرّسين والطلاب الفرس بسبب انتمائهم الإثني.
لا تصدر أي صحيفة عربية في #خوزستان. ويتعرض الأشخاص الذين يرتدون اللباس التقليدي إلى “تجريدهم بالقوة من ثيابهم على أيدي قوى الأمن التابعة للاحتلال الإيراني”، كما يُمنَع الأهل من إطلاق أسماء عربية على مواليدهم الجدد.
كان لي في الآونة الأخيرة شرف لقاء المدير التنفيذي لمنظمة حقوق الإنسان الأحوازية، الدكتور #كريم_عبديان، الذي يرفع لواء قضية الشعب الأحوازي في #واشنطن، عبر التنسيق في معظم الأحيان مع ممثلين عن أقليات إيرانية أخرى تعاني من القمع، وذلك في إطار مجهود يهدف إلى لفت انتباه الحكومة الأمريكية إلى ما يعانونه من مظالم.
يكرّس الدكتور عبديان حياته من أجل قضية يتعمّد المجتمع الدولي إعماء بصيرته عنها، لكنه لن يستسلم أبداً، ولذلك أكنّ له كل احترام وتقدير.
وهو على يقين من أن الإيرانيين يتعرضون لانتهاكات متزايدة في مجال حقوق الإنسان منذ إبرام الاتفاق النووي بين إدارة #أوباما وإيران. تماماً كما توقّعت، لن يغيّر شيء على الإطلاق الطبيعة العنصرية التي هي في أساس النظام الإيراني، أو يساهم في التخفيف من قبضته الحديدية التي يستخدمها لسحق تطلعات المواطنين العاديين.
قال الدكتور عبديان، في كلمة ألقاها أمام مؤتمر نظّمه البرلمان السويسري، إن عرب #الأحواز “هم ضحية ظاهرة مؤسفة؛ فهم يعانون من العنصرية بسبب العداء التاريخي بين الفرس والعرب”.
ولم يبدُ متفائلاً بقدرة #حسن_روحاني، المسمّى معتدلاً، على إحداث فارق، لأن هذا الأخير “يعتبر، شأنه في ذلك شأن المؤسّسين الآخرين للجمهورية الإسلام.
المصدر: موقع خلف أحمد الحبتور