تعيشان في بروكسل كلاجئتين، وما من يوم إلا وتتواصلان مع أمهما المقيمة في منطقة الأهواز العربية، ويستحثانها على القدوم إلى أوروبا، والأم تكرر العبارة ذاتها: “أخشى أن يعود أبوكما ويطرق الباب ولا يجد أحدا”.
حتى اللحظة لا تعرف العائلة أدنى معلومة عن مكان الأب، فنظام طهران يرفض الرد والإفصاح، بل ولا يتعاطى مع مخاطبات المؤسسات الحقوقية الدولية.
“منى” وهي تخطو نحو إتمام ثلاثين عاما، لا تغادر الحديث عن قضية أبيها، وبمرارة تقول: “المشكلة أن أبي قد اختطف بجريرتي، فهو إنسان بسيط ولم يكن له أي نشاط سياسي، ولا شيء يفسر اختطافه سوى لأن ابنته ناشطة أهوازية تنادي بحقوق شعبها”.
كوابيس تقتحم حياة الشقيقتين، كلما سمعتا أخبار الإعدامات في الأهواز، وهما اللتان عايشتا القمع والظلم والإقصاء والتمييز في منطقة تغيب عن رادارات الاهتمام. شيماء ومنى، وبشيء من غضب، تنتقدان غياب التفاعل العربي مع قضية الأهواز، وتستنكران محدودية المعلومات في عقول العرب حول خمسة ملايين أهوازي، يُمنَعون حتى من تعلّم لغتهم الأصلية في موطنهم.
أما عن حياتهما في أوروبا، فتقول “شيماء”: “لا أحد يذكرنا كجالية عربية، ولسنا جزءا من أي نشاط داخل المجتمع المدني أو المساحات العربية في أوروبا، ما يحيل حياتنا كمنصة للخطابة والتعريف بالأهواز شعبا وقضية، ننجح أحيانا، لكن تأثيرنا أقل بكثير مما نرجو”.
تقاطعها “منى”: “هذا هو ميراث الأنظمة العربية، والتي لا تتعامل مع قضيتنا، سوى إذا تقاطعت مع بعض مصالحها اللحظية، وقد تركنا العرب في مواجهة استيطان إحلالي، يعمل في كل لحظة على اقتلاعنا من أرضنا”.
ومع كل الخذلان، إلا أن الفتاتين مصممتان على المضي في مشوار النضال، وتسعيان لتطوير أدواتهما، كي تكون أكثر جدوى في التأثير على مراكز صناعة القرار داخل أوروبا، أملا في موقف إيجابي صوب مظلومية الأهواز.