صالح حميد – العربية.نت – استضاف “نادي الصحافة الوطني” بالعاصمة الأميركية واشنطن، مؤتمرا الأربعاء، تحت عنوان “تحديات التعددية في إيران”، لمناقشة أوضاع الأقليات القومية والدينية والشعوب غير الفارسية والاضطهاد الذي تعاني منه على يد النظام الإيراني.
ونظم المؤتمر “منظمة حقوق الإنسان الأهوازية”، بالتعاون مع “مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية”، وشارك فيه خبراء إيرانيون وعرب وأميركيون، بالاضافة إلى سياسيين وأكاديميين وحقوقيين من القوميات والأقليات الدينية والعرقية في إيران.
وناقش المؤتمر أزمة بنية الدولة الإيرانية المبنية على عنصري القومية الفارسية والمذهب الشيعي، وإلغاء التعدد العرقي والثقافي والديني القائم وبالتالي انتهاك حقوق القوميات غير الفارسية وسائر الأقليات العرقية والدينية التي تشكل فسيفساء المجتمع الإيراني.
وضمت قائمة المتحدثين أعضاء بارزين في منظمات القوميات غير الفارسية كعرب الأهواز، والأتراك الآذريين والبلوش والأكراد والتركمان، والأقليات الدينية كالبهائيين والمسلمين السنة والمسيحيين واليهود وغيرها من الأقليات الموجودة في إيران.
بنية الدولة الإيرانية
وافتتح المؤتمر الدكتور كريم عبديان بني سعيد، رئيس منظمة حقوق الإنسان الأهوازية، بكلمة قدم خلالها نبذة عن مشكلة التعددية في إيران وبنية الدولة الإيرانية التي لا تسمح بمشاركة مكونات المجتمع بإدارة الدولة، بالإضافة إلى الاضطهاد والتمييز العرقي والديني الممارس من قبل الأنظمة الإيرانية المتعاقبة ضد الشعوب غير الفارسية والأقليات الدينية.
وأكد بني سعيد أن “الشعب العربي الأهوازي الذي يعاني من التمييز المضاعف، يريد حقه في تقرير المصير، لكن بالطرق السلمية من خلال طرح مظلوميته واضطهاده ومخططات الحكومة الإيرانية لإبادته على المجتمع الدولي”.
من جهته، تحدث الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، عن خارطة انتشار القوميات والأقليات ومكونات المجتمع الإيراني، وقال إنه “من المفترض أن تستفيد إيران من هذه الطاقة البشرية وهذا التنوع في خدمة تنمية البلد والارتقاء به، لكن النظام الحاكم منهمك في صراعات طائفية بالمنطقة”.
القوميات وحقوق الإنسان
بعد ذلك، تمت قراءة رسالة للمؤتمر مقدمة من قبل شيرين عبادي، المحامية الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتي لم تستطع الحضور من لندن إلى واشنطن، حيث أكدت في رسالتها أن الدفاع عن حقوق الأقليات القومية والدينية المضطهدة في إيران هو ركن أساسي في الدفاع عن حقوق الإنسان.
وانتقدت عبادي مواد الدستور الإيراني التي تؤكد أن يكون المذهب الشيعي المذهب الرسمي للدولة والفارسية اللغة الرسمية الوحيدة في البلاد.
من جهته، تحدث د. محمد حسن حسين بور، المحامي الدولي والبروفيسور بمجال حقوق الإنسان ورئيس المجلس الأميركي- البلوشي، عن أوضاع البلوش في إيران وقدم إحصائيات عن تعدادهم ومناطق انتشارهم.
كما تحدث عن الفقر والتهميش الذين يعانونه، بالإضافة إلى موقعهم الاستراتيجي على مضيق هرمز والخليج العربي وبحر عمان، وصلاتهم الثقافية والدينية مع العرب.
وتطرق الدكتور حبيب آذر سينا، رئيس الجالية الأذرية في الولايات المتحدة الأميركية، إلى المطالبات الثقافية والهوية والخطاب العنصري المعادي للأتراك الآذريين في إيران.
وقال آذرسينا: “صحيح أنه ليس هناك إعدامات ضد نشطاء الأتراك كما هي ضد نشطاء العرب والأكراد والبلوش، وذلك لأن الحكومة الإيرانية تخشى من التعداد السكاني للأتراك الآذريين كأكبر قومية في البلاد، ولكن الخطاب الشوفيني المعادي للأتراك منتشر ومتجذر”.
وشاركت آفا هوما، وهي كاتبة وشاعرة ومدرسة جامعية كردية إيرانية، بكلمة تحدثت فيها بالأرقام عن صنوف اضطهاد الأكراد من الإعدامات التي تنفذ ضد السجناء السياسيين إلى اضطهاد المرأة إلى قمع أي نشاط ثقافي أو سياسي أو اجتماعي.
السنة في إيران
كما تحدث الدكتور محمد حسن حسين بر، عن معاناة السنة الإيرانيين، وقال إنهم يشكلون حوالي ثلث سكان إيران لكنهم لا يتمتعون بأية حقوق ويمنعون من أبسط الحقوق كالتمثيل في مؤسسات الدولة، وتساءل: إذا كان التعامل مع المسلمين السنة كذلك، فما بالكم بالتعامل مع سائر الأديان؟”
كما شاركت مهرانغيز كار، وهي ناشطة ومحامية بازرة تدافع عن حقوق الإنسان في إيران لسنوات طويلة، وأكدت في كلمتها أنه “في إيران المستقبل، لا ديمقراطية دون حقوق القوميات والأقليات”.
دولة ايديولوجية طائفية
أما الدكتور علي الطائي، الأكاديمي العربي الأهوازي وأستاذ علم الاجتماع في الجامعات الأميركية ومؤلف كتاب “أزمة الهوية القومية في إيران”، فأكد في كلمته أن “الدولة الإيرانية ليست دولة مواطنة بل دولة تحمل ايديولوجية طائفية”.
ورأى الطائي أن هذا الدولة “فريدة من نوعها في القرن 21 من حيث التمييز الطائفي والعرقي، وقد شكلت أبشع نموذج لنظام سياسي ايديولوجي يضطهد الأقليات”، وتوقع أن يحصل “حراك قومي متزايد في إيران” بالمرحلة المقبلة.
وشارك صلاح بايزيدي، القيادي في حزب كوملة الكردستاني الإيراني، بكلمة قال فيها إن وضع القوميات في إيران لم يصل حتى إلى مستوى جارتها باكستان التي يتمتع فيها القوميات بمناطق حكم ذاتي”.
وأكد أن “التغيرات التي حدثت للأكراد في العراق وسوريا ستؤثر على أكراد ايران”، وانتقد في الوقت نفسه مواقف المعارضة الإيرانية واعتبرها “متعاطفة مع نظام الملالي فيما يتعلق بقمع القوميات والأقليات”.
كما شارك في المؤتمر جو ستوك، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة “هيومان رايتس ووتش”، بكلمة قال فيها “على إيران التخلي عن سياستها الأمنية تجاه القوميات”.
وقال ستوك “كل ما تحدثنا مع الحكومة ايرانية حول حقوق القوميات يقولون لنا بأن الحدود مهددة، ولمدة 37 عام يكررون هذا الكلام، وهذه ليست إلا ذريعة لاستمرار القمع والبطش ضد القوميات والأقليات”.