صفعة سعودية – خليجية لأوباما مكسوة بقفاز حريري !

كان البيت الابيض عقد الأمل كثيرا على مؤتمر القمة المقرر عقده في منتجع كمب ديفيد على أن يجمع قادة الخليج بالرئيس الأميركي حتى تسنح الفرصة لأوباما ليتمكن من تسويق الاتفاق النووي المزمع إبرامه مع طهران.

وسمعنا الكثير عن التحضير لهذه القمة إلا أن القرار السعودي بعدم مشاركة الملك سلمان بن عبدالعزيز في القمة حيث ينوب عنه الولي العهد الأمير محمد بن نايف، فسره الكثير من الخبراء كصفعة سعودية من العيار الثقيل للبيت الأبيض ولكن بقفاز حريري على الطريقة السعودية التي تتسم بحكمة سياسية معهودة، يعترف بها خصوم المملكة قبل أشقائها وأصدقائها.

كما قررت مملكة البحرين أن تحذو هي الأخرى حذو الشقيقة الكبرى ومن المؤكد لن يحضر الشيخ خليفة بن زايد ولا السلطان قابوس في هذه القمة .

ومن ناحيتها وصفت وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها من السعودية وصفت عدم مشاركة الملك سلمان في كمب ديفيد بمثابة صفعة من الرياض لواشنطن.

وتأتي هذه الصفعة في الوقت الذي يقترب يوم الثلاثين من حزيران/يونيو أي يوم التوقيع على الاتفاقية النووية، الأمر الذي دفع الرئيس الأميركي إلى السعي لإقناع قادة الخليج العربي بقبول الإتفاقية ولكن كما كتب عبدالرحمن الراشد المدير السابق لتلفزيون العربية في مقال له بهذا الخصوص ” إن كان الرئيس الأميركي باراك أوباما بمهارة الحواة، فإن مؤتمره الذي دعا إليه قادة دول الخليج العرب، قد لا يطيب الخواطر ويهدئ الغضب من اتفاق البرنامج النووي الإيراني، وحسب، بل يتجاوزه ليفتح صفحة جديدة إيجابية في تاريخ المنطقة. إنما المهمة من الضخامة والصعوبة والتعقيد بما يدفعنا للتشكيك. “

هناك أسئلة كثيرة تحوم حول شبح الاتفاقية النووية ! وهل ستصبح طهران صديقة لواشنطن بعد أن كانت مارقة لثلاثة عقود ونيف؟ وهل ستتكالب الشركات الأميركية الغربية على الفرص الاقتصادية التي بدأ لعابها يسيل للصفقات الاقتصادية المشهية التي تقدمها طهران؟ وبالمقابل هل المصلحة الإقتصادية الأميركية تتحول إلى غشاوة متعمدة أمام أعين واشنطن والغرب وتجعلها تغض الطرف عن إنتهاكات حقوق الإنسان في إيران خاصة تجاه الشعوب غير الفارسية وبالأخص الشعب العربي الأهوازي الأعزل؟ وهل ستترك واشنطن باب القفص مفتوحا أمام ذئب ولاية الفقيه لينهش بالأمن القومي لدول الجوار ولاسيما العربية منها التي تعاني من التمدد والتدخل الإيرانيين وبالتحديد في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين؟

قد يفيق الرئيس الأميركي بفعل الصفعة السعودية-الخليجية من سباته الناتج عن عدم فهمه العميق لنزعات النظام الإيراني. هذا النظام الذي يمتلك أكبر الجيوش المؤدلجة في العالم، وهو الحرس الثوري حيث يرى بأن مهمته لا تنحصر في حدود إيران الجغرافية بل تمتد إلى أي رقعة يعتقد بوجود مصلحة موهومة لنظام ولاية الفقيه فيها وفيلق القدس بقيادة قاسم سليماني ما هو إلا ذراع تنفيذي لضمان هذه المصلحة.

أن البيت الأبيض لن يتمكن من اقناع دول الخليج العربي بقبول نظام طهران كحمل وديع خلافا للتجارب المرة التي استشفوها بفعل تدخلات ذئاب الحرس الثوري منذ ثورة الشعوب لعام 1979 والتي تمت مصادرتها لصالح مؤسسة دينية رجعية عقدت العزم التوسع على حساب هذه الدول وشعوبها من خلال العبث في أمنها القومي ومصالحها الوطنية وسلمها الإجتماعي بذريعة تصدير ثورة تم وأدها بعد ولادتها مباشرة.

من يعارض أوباما

المعارضون للاتفاق النووي يمكن توزيعهم على خمسة مجموعات وهي دول الخليج العربي والجمهوريين الأميركيين والحرس الثوري الإيراني وإسرائيل والشعوب في إيران.

المعارضة الخليجية

أسباب معارضة دول الخليج لهذه الاتفاقية واضحة وهي ترى بأن الاتفاقية لا تبلغ الحد الذي يمكن عنده ايقاف طموحات طهران العقائدية في المنطقة على حساب هذه الدول وشعوبها التي تريد طهران بث عدم الإستقرار فيها وترى هذه الدول أن طهران تقف وراء كافة الصراعات والازمات في المنطقة التي تقع فيها.

وتجارب دول مجلس التعاون الخليجي مع تدخلات الجمهورية الإسلامية الإيرانية معروفة إبتداء من الكويت وصولا إلى أبرزها أي البحرين وحتى المكانة الإعلامية الإيرانية لم توقف تحريضها لمكون من مكونات هذه الدول ضد الوطن الحاضن للجميع من خلال الضرب على وتر الطائفية لذا دون ايجاد حل لهذه المعضلة ستكون الاتفاقية تشكل خطرا حقيقيا على أمن هذه الدول فكان من الأحرى أن تصر الولايات المتحدة التي تربطها منظمومة من المصالح بدول المنطقة على ايجاد توافقات سياسية وأمنية بين إيران دول المنطقة بإشراف الدول الكبرى لا أن تربط العربة خلف الحصان.

المعارضة الأميركية

أما الفريق المعارض الثالث للإتفاقية والذي يتربص لأوباما في عقر البيت الأميركي نفسه، يتكون من منافسي الرئيس اوباما الجمهوريين ومعهم البعض من الديمقراطيين الذين يرون في الاتفاق تراجعا أمريكيا يضر بالمصلحة الأميركية ليس في الشرق الأوسط فحسب بل في كافة أنحاء العالم لا سيما وأن إيران تحدت واشنطن في أكثر من مكان منذ ثلاثة عقود ونيف ابتداء من احتلال السفارة الأميركية بطهران واحتجاز العاملين فيها كرهائن لمدة 444 يوما وصولا إلى حرب الخليج الثانية ضد العراق من خلال دعم المجموعات المسلحة في هذا البلد للقيام بعمليات أدت إلى مقتل جنود أميركيين هناك وتكرار نفس السيناريو الافغاني في هذا البلد العربي ولو عدنا إلى الوراء وبالتحديد إلى عام 1982 ينبغي أن نشير إلى تفجير مقر قوات المارينز الأمريكية في بيروت .

المعارضة الإسرائيلية

وصلت معظم الدول العربية إلى قناعة واضحة لا غبار عليها بأن العالم لن يقبل برمي سكان إسرائيل في البحر وأصبح هذا البلد ظاهرة يجب التعاطي الواقعي معها للحفاظ على ما تبقى من الحقوق العربية المغتصبة في فلسطين مما دفعها إلى تقديم مشاريع عربية تؤكد قبول الدولتين إحداها الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية ولكن منذ ثمانينيات القرن الماضي دخلت جمهورية ولاية الفقيه على هذا الخط وحاولت استثمار شعاراتها الثورية الدعائية في هذا المجال لأسباب داخلية أولا وخارجية مصلحية ثانية لذا خدمة لموقفها في صراع الدولتين اقدمت طهران على إنشاء حزب الله اللبناني ليفتح جبهة إيرانية مع إسرائيل للضغط على العالم الغربي وخاصة الولايات المتحدة التي ترى نفسها معنية دائما بأمن الدول العبرية وهنا ظلت إيران تستغل شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة كلما أصبحت مصلحتها بحاجة لتفعيل هذا الشعار . لذا لن يهدأ لإسرائيل بال إلا أن تطمئن بأن طهران لن تستخدم الورقة الفلسطينية ضدها وتتوقف عن تهديدها وتهديد وجودها حتى لو كان خدمة لمصالح طهران وفي إطار الصراع الإقليمي بين الفريقين.

الحرس الثوري والاتفاقية

مسسببات معارضة الحرس الثوري الإيراني للإتفاقية النووية أو تأييده لها تختلف عن الفرقاء الثلاثة التي سبق ذكرها. هناك تيار كبير ومؤثر في الحرس الثوري يعارض الاتفاقية وتيار آخر يؤيدها فنلقي نظرة سريعة على مواقف كل تيار:

التيار المعارض للإتفاقية يتكون من قادة وعناصر من منتسبي الحرس الثوري الذين استطاعوا جني الأموال الكبيرة وتكوين ثروات هائلة نتيجة للعقوبات الاقتصادية وذلك من خلال مساهمتهم الفعالة والمباشرة في الصفقات السرية التي أبرموها بالنيابة عن النظام بغية الالتفاف على العقوبات والعمليات التي قاموا بها لإنشاء موانيء ومطارات وممرات برية ومائية خارج تحكم الدولة أو إشرافها وبناء علاقات أمنية وعسكرية بالغة التعقيد والخطورة منحتهم سلطات تفوق سلطات الدولة وكل ذلك ناتج عن ضلوعهم بشكل مباشر في تهريب مستلزمات البرنامج النووي الذي خصصت له ميزانيات كبيرة بمعزل عن الميزانية العامة، فهؤلاء لن يقبلوا بتعريض الشبكة المعقدة والسرية من مصالحهم للخطر ولا يكترثون حتى بأيديولوجية النظام أو تصدير الثورة.

وفي صف المعارضين ثمة قادة وعناصر في الحرس الثوري يعارضون الإتفاقية لأسباب عقائدية ونتيجة لنزعاتهم السلطوية فهؤلاء لا يرون في الاتفاقية التخلي عن أهداف الثورة وطموحات جمهورية ولاية الفقيه الاقليمية والدولية فحسب بل يعتقدون بأنها تشكل ضربة قاضية لنظام ينبغي أن يخيف أعدائه ومعارضيه عبر التسلح بالقوة النووية وبما أن الاتفاقية تؤكد تعرض منشآت الجمهورية الإسلامية العسكرية والنووية للتفتيش المستمر من قبل المجتمع الدولي فإنها تخرق السيادة الوطنية ويصبح النظام الذي تحت رحمة المفتشين وقد يتكرر في إيران سيناريو التفتيش الذي تعرضت له المنشىت النووية العراقية .

المؤيدون للإتفاقية

المؤيدون للإتفاقية النووية في الحرس الثوري يمكن تقسيمهم إلى مجموعتين إيضا، فأغلبية هؤلاء يعملون في المؤسسات الاقتصادية العملاقة للحرس الثوري التي تضم شركات ومصانع ومشاريع اقتصادية محضة ويمسهم ما يمس اي شركة أو مصنع أو مؤسسة اقتصادية مدنية نتيجة لإستمرار العقوبات يمكن القول بأنهم مصلحيين اقتصاديين يرون في توقيع الاتفاقية فرصة لتفعيل الأنشطة الاقتصادية للحرس الثوري .

وإلى جانب هؤلاء ثمة تيار آخر براغماتي في الأجهزة السياسية والأمنية للحرس الثوري يتكون من عناصر متخصصة موالية لولي الفقيه ومؤمنة بالطرق المصلحية السلمية في العلاقات الدولية للنظام فهؤلاء يعتقدون أن التفاهم مع الغرب وايجاد صلاة مصلحية اقتصادية معه يضمن ديمومة نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويحولها إلى قوة إقليمية حليفة مع الغرب في المنطقة وبالرغم من عدم انسجامهم مع الديمقراطية إلا إنهم يؤمنون ببعض الاصلاحات التي تضمن مصالح النظام وأمنه والبعض من هؤلاء يؤمن ايضا بان الاتفاقية النووية تقلل من الضغوط التي تمارس ضد النظام بسبب تدخله في المنطقة وخاصة في سوريا لذا الاتفاقية من شأنها أن تفتح الابواب للنظام ليحظى بمكانة مميزة في المنطقة تخدم حتى دعمه احلفائه في المنطقة بشكل أوسع.

التوافق النووي والشعوب في إيران

معلوم أن قضايا حقوق الإنسان تم إبعادها بشكل متعمد عن المفاوضات النووية بين طهران والدول الكبرى لأن هاجس الغرب والولايات المتحدة كان نابع من الخطر الذي يشكله امتلاك إيران للأسلحة النووي على العالم فقط فترك الملف الإنساني للشأن الداخلي بالرغم من سوداويته وحتى يستطيع المفاوضون جر طهران إلى طاولة التفاوض إختارت الدول الكبرى سياسة إفشال الذرائع التي تثيرها طهران بحجة السعي للتدخل في شؤونها الداخلية بهدف اسقاط النظام، وبالرغم من أن فصول الملف الإنساني يضم اعدامات عشوائية وقمع الاصوات الاحتجاجية والتنكيل بالمعارضين إلا أن الغرب فضل المصلحة الكبرى وهو ايقاف الخطر النووي على حساب حقوق الشعوب في الداخل .

وبما أن حصة الشعوب غير الفارسية وخاصة الشعب العربي الأهوازي من هذا الملف هي حصة الأسد فمن الطبيعي جدا أن نعارض نحن في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي مثلنا مثل اغلبية المعارضين هذه الاتفاقية التي تترك يد النظام الإيراني مفتوحة ليعبث في مصير شعبنا الاعزل ويستمر في التنكيل به ونهب ثرواته وطمس هويته العربية وتغيير التركيبة السكانية المستمرة على قدم وساق. هذه الاتفاقية تزيد من إمكانيات نظام ولاية الفقيه الاقتصادية والسياسية في تعاطيه القمعي مع شعبنا المظلوم وقضيتنا العادلة ومع سائر الشعوب المضطهدة في إيران فنعارض اي إتفاق مع النظام قبل ارغامه على الخضوع للحد الأدني من المواثيق الدولية التي تضمن على أقل تقدير حقوق الإنسان أما حقوقنا وطموحاتنا وفي مقدمتها حق تقرير المصير شعبنا مثله مثل سائر الشعوب هو الذي كفيل بها.

اللجنة الاعلامية لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي

شاهد أيضاً

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …