إيران في 2025: عام الأزمات الكبرى

منذ اندلاع إيران في 2025: عام الأزمات الكبرى الثورة في إيران عام 1979، مرت إيران بتقلبات سياسية واقتصادية وأمنية متعددة، لكنها لم تواجه أزمة حقيقية وشاملة كما هو الحال في عام 2025. يمكن وصف هذا العام بأنه الأصعب على النظام الإيراني، نظرًا لما شهده من تحولات عميقة على الصعيدين الداخلي والخارجي، الأمر الذي وضع النظام في مأزق غير مسبوق.

فقدان الأذرع الإقليمية

أحد أبرز ملامح الأزمة الحالية هو فقدان إيران لنفوذها في العديد من المناطق التي كانت تعتمد فيها على ما يُعرف بـ”الأذرع الإقليمية”، وهي الجماعات المسلحة التابعة أو الموالية لها في بعض الدول العربية. هذه الأذرع كانت تمثل أدوات ضغط قوية بيد طهران ضد خصومها الإقليميين والدوليين، لكن ضعف هذه الجماعات أو انحسار دورها، جعل قدرة إيران على التأثير في محيطها تتراجع بشكل كبير، مما أضعف مناوراتها السياسية والأمنية.

أزمة اقتصادية خانقة

على الصعيد الداخلي، تعيش إيران أزمة اقتصادية غير مسبوقة، رغم كونها من كبار منتجي الغاز والنفط. يعاني المواطن الإيراني من نقص حاد في موارد الطاقة، فضلًا عن الجفاف الحاد الذي أدى إلى عجز الدولة عن توفير مياه الشرب في العديد من المناطق، كذلك الانقطاع المتكرر للكهرباء. يرافق ذلك انهيار تاريخي للعملة الإيرانية، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وتنامي الغضب الشعبي.

تهديدات دولية وتصعيد أمريكي-إسرائيلي

المشهد الدولي لا يقل تعقيدًا، خاصة مع عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى سدة الحكم. ومنذ عودته، لم يخفِ نواياه تجاه النظام الإيراني، حيث بدأ بإطلاق تهديدات صريحة، أبرزها التلميح بإمكانية استهداف المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية. وقد زاد هذا التوتر بعد تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أعلن بشكل قاطع رفضه لأي مفاوضات مع الولايات المتحدة، مما فُسّر على أنه تمهيد لمزيد من التصعيد.

احتجاجات داخلية وتمرد اجتماعي

في الداخل، تشهد إيران موجة احتجاجات متصاعدة، تقودها شرائح واسعة من الشعب، وعلى رأسها النساء. تمرد النساء، خصوصًا فيما يتعلق بفرض الحجاب، يُعتبر تحديًا مباشرًا لركيزة أساسية من ركائز النظام الإسلامي، ويعكس عمق التحول في المزاج الشعبي الإيراني. هذه الاحتجاجات باتت تمثل تهديدًا وجوديًا للنظام.

الحوثيون: الورقة الأخيرة

في ظل هذا التدهور الشامل، تبدو جماعة الحوثيين في اليمن الورقة الإقليمية الأخيرة المتبقية بيد طهران. ومن الواضح أن النظام الإيراني سيكثف دعمه لهذه الجماعة في محاولة لإثارة الفوضى في المنطقة واستخدامها كأداة ردع ضد التهديدات المتزايدة. غير أن التجارب السابقة، مثل رد الفعل الإسرائيلي القوي تجاه صواريخ الحوثيين، تشير إلى أن الجماعة قد تلقى نفس مصير حزب الله أو الفصائل الأخرى الموالية لإيران، في حال أقدمت على تحركات عسكرية كبيرة.

التفاهم الروسي–الأمريكي: ضربة غير مباشرة لإيران

ومن بين ما يُثقل كاهل النظام الإيراني في عام 2025 ويجعله عامًا وجوديًا بالنسبة لها، هو التقارب المتزايد في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. إدارة ترامب، التي تضع الصين على رأس أولوياتها في المواجهة الجيوسياسية، تسعى إلى تحييد أي دول يمكن أن تدعم بكين، وعلى رأسها إيران. لهذا، يبدو أن واشنطن مستعدة لتقديم امتيازات استراتيجية كبيرة لموسكو، ربما على حساب أوكرانيا، مقابل تقليص الدعم الروسي للصين.

ومن أبرز المؤشرات على هذا التقارب، هو سماح الأمريكيين للرئيس الأوكراني زيلينسكي بحضور قمة تستضيفها السعودية، وهو ما قد يندرج ضمن ترتيبات أوسع لإعادة توزيع النفوذ في المنطقة. في هذا السياق، قد تستخدم واشنطن علاقتها الجديدة بموسكو للضغط على إيران، التي لا تُصنف ضمن الحصة الغربية، وليس كما هو الحال ميولها نحو الشرق . من هنا، يمكن للولايات المتحدة أن تتحرك للسيطرة على مصادر الطاقة الإيرانية (النفط والغاز) كوسيلة لخنق الصين، ما يُضعف في الوقت ذاته العلاقات الإيرانية–الروسية ويجعل الدعم الروسي لطهران أقل فاعلية من السابق.

الخلاصة

عام 2025 يُعد بحق العام الأسوأ للنظام الإيراني منذ تأسيسه قبل أكثر من أربعة عقود. تتراكم الأزمات من كل اتجاه: فقدان النفوذ الخارجي، انهيار اقتصادي داخلي، تهديدات دولية متصاعدة، واحتجاجات داخلية غير مسبوقة، إلى جانب عزلة دبلوماسية متزايدة نتيجة تفاهمات دولية قد لا تصب في مصلحة طهران. في ظل هذه الظروف، يبدو أن النظام الإيراني يقف على مفترق طرق حاسم، وقد تكون المرحلة المقبلة مصيرية في تحديد مستقبله.

وجدان عبدالرحمن

شاهد أيضاً

الإضربات ودورها في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية

الإضربات ودورها في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية علي شبيبي لعبت الاضرابات التي قام بها العاملون في …