نظام ولايةنظام يتراجع عن بعض قرارته نتيجة ضغط الشعوب

نظام ولايةنظام يتراجع عن بعض قرارته نتيجة ضغط الشعوب

بقلم: علي شبيبي

منذ الهزيمة التي لحقت بالنظام بعد إجراء الانتخابات الشكلية لمجلس الشورى الإسلامي في عام 2024، التي قاطعتها الشعوب الإيرانية على نطاق واسع، والنظام في حالة تسارع ملحوظ من التآكل والانحلال والانحدار نحو حافة السقوط.

فمنذ مطلع ذلك العام بدأت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية تتدهور يومًا بعد يوم، وخاصة في مجال تأمين لقمة العيش للفقراء والمعدمين من أبناء المجتمع الإيراني. وعلى الرغم من عمق الأزمات، يواصل قادة النظام، وعلى رأسهم المجرم علي خامنئي، استعراضاتهم الخطابية ولقاءاتهم الصورية الفارغة. لكن على أرض الواقع، وبسبب الخوف من ردود فعل الجماهير الغاضبة، اضطروا إلى تقديم بعض التنازلات المؤقتة إزاء بعض القضايا الاجتماعية. ومع ذلك، من غير المرجح أن يستطيعوا استعادة المواقع التي خسروها بسهولة، كما يتوهمون، لأن الهزائم التي مُني بها النظام غير قابلة للإصلاح بنفس السياسات القديمة.

ومن أبرز هذه التراجعات رفع الإقامة الجبرية عن مهدي كروبي، وتجميد قانون “الحجاب والعفاف”. وقد كتب محمد باقر قاليباف، رئيس مجلس الشورى، الأسبوع الماضي من على منصة “إكس”:
“في القانون الحالي الذي أصدرناه تم إلغاء دوريات الإرشاد أو الأخلاق بالكامل، وتم تعليق عدد من المواد القانونية، وقد تم إبلاغ جميع الهيئات التنفيذية بذلك.”
هذا التصريح يُظهر بوضوح حجم الضغط الشعبي من جهة، والأزمة البنيوية التي يعيشها النظام من جهة أخرى. كما يكشف أن التحركات الجماهيرية قادرة على إجبار الأنظمة الديكتاتورية الدينية على التراجع أمام المطالب الشعبية.

علمًا أن النظام، حتى وقت قريب، كان يصرّ على مواجهة ظاهرة خلع الحجاب باعتبارها تمسّ بهويته الدينية.

وبذلك تتسارع وتيرة فقدان خامنئي لمصداقيته، وتزداد الشكوك في قراراته كـ”ولي للفقيه” حتى بين أوساط النظام نفسه، إذ بات من الواضح أن عجزه، وعجز قيادات النظام، عن حل أزمات البلاد أصبح أمرًا بديهيًا لدى الجميع. فالجميع بات يعلم أن النظام، وعلى رأسه علي خامنئي، هو السبب الأساسي في تفاقم هذه الأزمات، التي دفعت البلاد إلى حافة الخطر، سواء من حيث التدخل الخارجي أو الانهيار الداخلي، وحرمت الملايين من حقهم في حياة كريمة.

إن شعار النظام الأبدي “الحفاظ على النظام بأي ثمن” هو ما يوجّه سياساته، داخليًا وخارجيًا، على حساب أمن المواطنين ومصالحهم. أما خطابات خامنئي المتكررة عن “نجاحات النظام” و”الوصول إلى القمة من خلال تطبيق ولاية الفقيه”، فقد باتت محطّ سخرية عامة، حتى من داخل النظام نفسه. لم تعد خطب “المرشد الأعلى” تؤثر في الرأي العام، بل غالبًا ما تأتي بنتائج عكسية.

فعلى سبيل المثال، جاء ترشيح مسعود پزشكيان للرئاسة بدعم مباشر من خامنئي، في محاولة لموازنة التوازنات السياسية الهشة داخل النظام. إلا أن هذا الترشيح لم يوقف عملية التآكل المتزايدة للنظام، ولم يُحقق أي استقرار يُذكر.

أما الوضع الاقتصادي المتدهور، والذي اعترف خامنئي نفسه بأنه “مختل وغير منتج”، فقد دمّر سبل العيش لغالبية الشعب، خاصةً الفئات الفقيرة، وعرّض أمنهم ومصالحهم للخطر، في ظل استمرار العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد.
وعلى الرغم من أن خامنئي أعلن في خطاب رأس السنة لعام 1403 أن ذلك العام سيكون “عام قفزة الإنتاج بمشاركة الشعب”، إلا أن النظام لم يُحقق أي من تلك الوعود، بل ساءت الأوضاع بشكل أكبر. ثم عاد في بداية 1404 ليُعلن أن هذا العام سيكون “عام الاستثمار من أجل الإنتاج”، لكنه قال في اليوم التالي: “القيادة لا تتدخل في التخطيط الاقتصادي!” — وهو تصريح متناقض يُجسد حالة الفشل والعجز لدى النظام.

وقد ظهر هذا التخبط أيضًا في رسالة پزشكيان بمناسبة العام الإيراني الجديد، حيث لم يتمكن سوى من التعبير عن “شعوره بوجوده الكامل بمشاكل الغلاء والتضخم”، ووعد الشعب بحلول مستقبلية غامضة ومكررة، دون أي خطة حقيقية.

بات واضحًا أن حكومة پزشكيان، كالحكومات السابقة، غير قادرة على وقف التدهور الاقتصادي أو تحسين حياة المواطنين، بل زادت من معاناتهم المادية. من هنا، تبرز الحاجة الملحّة لتكاتف جميع الشعوب المتضررة من هذا النظام من أجل إسقاطه وإقامة دولة ديمقراطية فدرالية تمثل إرادة الشعوب الإيرانية بما فيها شعبنا العربي الأهوازي، وتؤمّن للجميع حياة حرة كريمة.

شاهد أيضاً

عودة ترامب وتصاعد التهديدات: هل باتت إيران في مرمى المواجهة المباشرة؟

العودة الثانية لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض لم تمرّ كحدث عابر في الجغرافيا السياسية للشرق …