يؤكد البيان السياسي لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي حق تقرير المصير للشعب العربي الأهوازي فمن الطبيعي أن هذا الحق يتضمن اتحاداً طوعياً أو استقلالاً إختيارياً بمعنى تكوين دولة قائمة بذاتها والاتحاد الإختياري مع سائر الشعوب في إيران يبدأ من اللامركزية التي قد تبلغ النظام الكونفدرالي مروراً بالحكم الذاتي والفيدرالية .
معلوم أن حق الاستقلال ليس جريمة كما يسوق لها من قبل الدولة المركزية المبنية على أساس وطن واحد لشعب واحد، بل إنه يضمن حق الإنفصال في حال فشل التعايش المشترك، عندها لا بدّ من التفكير في قيام كيانات جديدة حفاظا على مصالح كافة الأطراف أملا في أن تمد هذه الكيانات جسور الصداقة بدلا عن الحروب والحقد وتبني علاقات ودية تفرضها الجغرافيا والمصلحة المشتركة مع الأخذ بعين الإعتبار المشتركات الإنسانية والثقافية والاقتصادية والدينية التي رسخها التاريخ .
وهنا نذكر بما تعرض له الشعب العربي الأهوازي وسائر الشعوب من اضطهاد مارسته الحكومات المركزية المتعاقبة في إيران والمحاولات الشوفينية التي سعت بشتى السبل، طمس هويات هذه الشعوب ومحو معالم وجودها فحاولت التنكر لحقوقها المشروعة وفي مقدمتها حق تقرير المصير.
ومن الطبيعي أن لا نعقد الأمل في النظام الحاكم في إيران أن يرضخ لهذا الحق، لأن الحقوق لا تأخذ بالتمني بل بإقدام شعبي واسع يحمل كافة التنظيمات الأهوازية مسؤولية التعاطي الواقعي لتعبئة الجماهير كي تستعد لعصيان مدني وبالتنسيق مع سائر الشعوب التي تعاني من نفس الإضطهاد وبمعية الشرفاء من الشعب الفارسي نفسه لكي نتمكن جميعا من شل النظام الحاكم بدلا من القيام بإقدامات فردية مؤذية للنظام ولكن غير مؤثرة لن تخدم حق تقرير المصير لأنها تنطلق من نظرة فئوية طوباوية لا تمت للواقع المعاش بصلة.
ونؤكد مرة أخرى لا أمل في هذا النظام الذي يحرم الشعوب حتى من حق الدراسة بلغة الأم على الرغم من إعتراف بعض النصوص الدستورية الخجولة ومنها المادتين 15 و19 به، وحيث تم تعطيلها منذ مصادرة ثورة الشعوب لعام 1979، فهذا الدستور لم يؤكد على شراكة الشعوب من عرب وكرد وترك وتركمان ولر وبلوش وجيلك ومازيين ولر في الحكم ولم يقرّ بأبسط الحقوق ناهيك عن الحكم الذاتي أو الفيدرالية .
أن مفهوم حق تقرير المصير في الأدب السياسي ترسخ منذ بدايات القرن العشرين وارتفع رصيده كلما تطور الفكر السياسي الإنساني إلى أن إعترفت به الأمم المتحدة التي نصّ عليه ميثاقها في المادة الثانية والمادة الخامسة والخمسين.
وشاهدنا التطبيق العملي لحق تقرير المصير إزاء شعوب عدة في العالم وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي مما أدى إلى انبعاث الهوّيات والقوميات التي أدت بدورها إلى تكوين كيانات مستقلة تبلورت في تشكيل 15 دولة مستقلة على انقاض النظام الإشتراكي وتلته يوغسلافيا لتنقسم هي الأخرى إلى 6 دول وانفصلت تشيكوسلوفاكيا بشكل سلمي إلى جمهوريتين التشيك وسلوفاكيا.
ومن الشواهد الأخرى على هذا الصعيد استقلال تيمور الشرقية من اندونيسيا تطبيقا لقرار من مجلس الأمن وحصول جنوب السودان على استقلاله واليوم تحاول قوميات اوروبية ممارسة حقها في تقرير مصيرها في بلجيكا (الوالنين والفلامانيين) حيث الحكم الفيدرالي، وفي كندا (إقليم الكيبك) وفي إسبانيا (كاتلونيا) وفي بريطانيا (اسكتلندا) وفي السويد (سكونا) لأن هناك علاقة عضوية بين حق تقرير المصير والهوّية القومية التاريخية .
ونرى أن القضية العربية الأهوازية تعود إلى الواجهة بين الحين والآخر منذ إسقاط الحكم العربي في عربستان عام 1925 وضم اقليمنا بمعزل عن إرادة شعبنا إلى دولة مركزية شديدة العنصرية، مبالغة في معاداتها للعرب.
وكان أبرز الانتفاضات الشعبية على الإطلاق قامت بها جماهيرنا المضطهدة في 15 نيسان 2005 على خلفية الرسالة التي إشتهرت بإسم رسالة أبطحي والتي تقضي بتغيير التركيبة السكانية لصالح غير العرب وبهذه الانتفاضة التي كانت قاب قوسين أو أدني لتتحول إلى عصيان مدني لن يتوقف إلا بإسقاط النظام بعد إنتقاله إلى سائر الشعوب المضطهدة ولكن تحركت كافة أجهزة النظام الأمنية والعسكرية بممارسة العنف المفرط لتجرنا إلى موقف منفعل وإنهكمت غرف الفكر السياسية للسلطة على إستغلال ضعفنا التنظيمي في الداخل والخارج فخلقت ظروف معاكسة لإنتفاضة شعبنا رغم أنها فشلت في إطفاء شعلة الثورة التي بقيت وهاجة وترتفع السن نارها بين الحين والآخر كلما سنحت لها الفرصة.
واليوم لكي لا نقع مرة أخرى في نفس الظروف علينا جميعا أن نتخلص من النزعات الفئوية الضيقة والمنافسات التنظيمية المريضة حتى لا تصبح تنظيماتنا وأحزابنا وجبهاتنا وائتلافاتنا وبالاً على حراك شعبنا الثوري، إما نتيجة لعدم قراءة المرحلة قراءة موضوعية أو إثر لهثنا وراء مصالح فردية ناتجة عن حب الذات وداء العظمة ووهم الزعيم الضرورة.
على الجميع أن يعلموا بأن أي إجراء فئوي نفعي يريد أن يقصي أي جهة على الساحة سوف يؤدي إلى تفشي الإحباط في الشارع الأهوازي ومن شأنه أن يحول دون تطور التحرك الشعبي إلى انتفاضة وثم عصيان مدني نتيجة لهذا الإحباط المفترض لذا من الضرورة بمكان أخذ الدروس من تضحيات شعبنا وسائر الشعوب التي مرت وتمر بظروف مماثلة لظروفنا حتى لا نقع مرة أخرى في اخطاء سابقة لأن الشعوب المنتصرة هي تلك التي لا تكرر أخطاء الماضي بل تأخذ الدروس منها .
ولكي نصل إلى هذا المستوى من النضوج علينا أن نفتح الباب على مصراعيه لخوض حوارات هادئة ونقاشات مسؤولة واختيار اللحظة المناسبة لذلك وأن نفكر ألف مرة ومرة قبل أن نتسرع مرة أخرى ونتخذ مواقف غير مدروسة تصبح لصالح النظام الإيراني الذي يسعى جاهدا للحؤول دون انتصار ثورة شعبنا بشتى الوسائل لا سيما ومنطقتنا الغنية بثرواتها هي التي تضمن له إستمراره في التمدد والتوسع في المنطقة.
هذا النظام ومن هذا المنطلق يريد تفتيت شعبنا العربي وضياع نضاله المرير الذي خاضه على مر العقود الماضية، كما إن أي تأخر في هذا المجال قد يؤدي إلى ضياع الفرص التاريخية التي يتيحها شعبنا بين الحين والآخر.
حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي
15-4-2015