القضية الأهوازية بعد تسعة أعوام من الأنتفاضة النيسانية

كلمة حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التي ألقاها السيد عقيل منيعاوي في ندوة الحزب يوم السبت الثاني عشر من ابريل/نيسان 2014 تحت عنوان(التطورات المتسرعة بعد انتفاضة نيسان).

أن التطورات المتلاحقة والسريعة والمباغتة أحيانا التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العربية تحت مسمى “الربيع العربي” والتي أتت بعد انتفاضة نيسان عام 2005 في الأهواز تجعلنا في موقف دقيق وحساس يفرض علينا إعادة النظر في الكثير من القراءات نظرا لتغيير الكثير من المعادلات في المنطقة ويمكن إعتبار مستجدات الربيع العربي إيجابية ما دامت تنبع من المؤثرات الذاتية الداخلية دون أن تتحول وتمنح الأرضية الخصبة للتدخل الأجنبي في شؤون بلدان المنطقة .

مما لا شك فيه فإن النظام الإيراني وإنطلاقا من مصالحه التوسعية يحاول تجنيد كافة إمكانياته البشرية والمادية والإعلامية لإستغلال “الربيع العربي” عبر التوغل الخفي في صفوف المطالبين بالتغييرات في العالم العربي ليوجهها نحو أهدافها المرسومة والأمثلة كثيرة بهذا الشأن .

وعلى هذا الصعيد من الضرورة بمكان معرفة خفايا الصراع على السلطة في إيران من جهة واستشراء الفساد والفقر والبطالة والمشاكل الإقتصادية من جهة أخرى تمهيدا لإحداث تغييرات جذرية في المجتمع الإيراني والتي ستؤثر على قضيتنا العربية الأهوازية دون أدنى شك سيما وإننا نؤمن بان نضالنا جزء من نضال الشعوب في إيران لأجل الحرية والديموقراطية. الأمر الذي يفرض علينا الخروج بصيغة تضمن مشاركتنا مع كافة أطياف المعارضة في عمل جماعي لتحقيق الغاية المرجوة من التغيير وفي مقدمتها تحقيق حقوق شعبنا العربي الأهوازي.

فنحن في حزب التضامن نقسم المعارضة الفاعلة على ثلاثة مجموعات مؤثرة : حركة الشعوب غير الفارسية التي تعاني من الظلم المضاعف, والأحزاب العامة من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار والحركة الخضراء.

من الواضح أن الحركة الخضراء خرجت من رحم النظام نفسه إلا انها تضم في صفوفها جميع أطياف الحركة الإصلاحية الدينية وغيرالدينية التي لاترنو إلى إسقاط النظام بل تحاول إحداث تغييرات محددة فيه بينما الطيف العلماني في الحركة الخضراء يتمنى إسقاط النظام ولكن يفتقر للإدوات التي من شأنها تمكينه من ذلك .

ويعرف غالبية ابناء الشعوب في إيران حقيقة سلوك الاصلاحيين وقد أثبتت التجارب لهذه الشعوب بأن تداول الحكم داخل السلطة الإيرانية من محافظ إلى إصلاحي وبالعكس لم يترك أي تاثير على ظروف حياتها ولم يحقق أي من مطالبها الاساسية . فالإصلاحيون لا يمتلكون مشروع متكامل لحل قضية القوميات غير الفارسية وإنهم يطلقون بين الحين والآخر شعارات خجولة لا تبلغ حتى المادتين 15 و19 المعطلتين عمدا من الدستور الإيراني.

كما أنه من الصعوبة بمكان أن تتغير السياسة الخارجية التوسعية للنظام الإيراني بتغيير الرؤساء من محافظ إلى إصلاحي حيث إنها مبنية على التحريض الطائفي وأبرز وجوهها تتمثل في الدعم السافر لنظام الطاغية بشار الاسد ضد الثورة المباركة لاشقائنا السوريين والعمل على التَحَكّم بالوضع العراقي من خلال دعم عناصر طائفية في بغداد لا تريد للعراق أن يرتقى إلى مستوى خلق التوازان الاستراتيجي مع إيران بدلا من أن يكون تبع لها والتدخل في شؤون البحرين وسائر دول الخليج ومحاولة فرض الوصاية على القضية الفلسطينية عبر مجموعات تبحث عن مصالحها الفئوية ومصادرة القرار اللبناني المستقل بواسطة حزب الله اللبناني وبناء علاقات خفية مع جماعات لا تريد الخير لمصر. لأن المشروع الاصلاحي يركز على الشأن الداخلي و لم يحاول ايجاد أي تغيير في السياسة الخارجية التي تتبناها إيران والتي يقررها الولي الفقيه والحرس الثوري.

أما الأحزاب والتنظيمات المعارضة الأخرى التي جعلت إسقاط النظام شعارا لها من الجماعات الملكية إلى الجمهورية لا تمتلك هي الأخرى أي مشروع ديمقراطي حقيقي واضح يضمن حقوق الشعوب غير الفارسية التي تعاني من الإضطهاد المضاعف لا وبل البعض منها له مواقف معادية وعنصرية واضحة ضد الشعوب ويرى في بعض مطالبها الحقة خطرا على سلامة الاراضي الإيرانية ويعتبرها مقدمة لتفكك البلاد ناهيك عن رفضه القاطع لمشاريع من قبيل الحكم الذاتي أو النظام الفیدرالي وحق تقرير المصير الذي يعتقد بأنها بداية النهاية للإنفصال عن إيران .

أما حركة الشعوب غيرالفارسية تركز عمليا على إحداث تغييرات حقيقية وجذرية على الصعيدين الداخلي والخارجي بُغية الحد من سياسات النظام المتمثلة في ممارسة الكبت والاضطهاد ضد الشعوب في إيران والتدخل في شؤون دول الجوار والمستمر منذ قيام نظام الجمهورية الاسلامية الإيرانية حتى الساعة. وقامت الشعوب بانتفاضات بعضها سلمية وأخرى مسلحة في المناطق التي تقطنها في إيران لكن المرحلة الراهنة تقضي بضرورة الاستمرار في النشاط السلمي لتحقيق ما تطمح اليه الشعوب المختلفة في البلاد. وأثبت استمرارهذه الحركات بان الشعوب الإيرانية تتمتع باليقظة والرؤية العميقة حيث أنها تعرف بانه لاعودة عن الطريق الذي تسلكه نحو تحقيق مطالبها الطبيعية وانها لن تتخلى عن نضالها للوصول إلى حقها المشروع .

ونحن نعتقد نظرا لعدم اعتراف الاسرة الدولية بحق الانفصال والاستقلال للشعوب في إيران وفقدان الظروف الموضوعية في الوضع الراهن وخاصة فقدان التوازن الإستراتيجي ونظرا لضرورة عدم حرق المراحل أو القفز عليها نتيجة لفقدان أي ارضية قانونية لطرح موضوع الانفصال فان طرح مطلب الانفصال والاستقلال في إيران لايخدم هذه الشعوب وقد يؤدي الى تقوية موقف النظام الإيراني للتظاهر بالمظلومية في العالم وتقوية جبهته الداخلية من خلال إظهار حركات الشعوب بالمعادية للأمن القومي، لذا نرى بان تسوية قضايا الشعوب تأتي عبر إقامة نظام بمشاركة الشعوب نفسها وهذا شرط اساسي للتغيير الديموقراطي من أجل اقامة نظام لامركزي وفیدرالي وديموقراطي في البلد و هو أفضل اسلوب للحكم في إيران بسبب الموقع الجغرافي والظروف الاقليمية و التنوع اللغوي و الثقافي والشعبي في هذا البلد .

كما نرى إن الوصول الى الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية والسلم الاقليمي والتعايش السلمي مع دول المنطقة على أساس الإحترام المتبادل والمواثيق الدولية وإيقاف المد الإيراني والحد من التحريض الطائفي في دول الجوار وتسوية القضايا العالقة مع بعض الدول لايمكن تحقيقها في ظل سياسات النظام الحاكم حاليا في إيران .فعلى سبيل المثال لا الحصر بإمكان الحكم الفیدرالي العربي الأهوازي ان يلعب دورا بارزا وجسرا رابطا بين إيران التعددية الديموقراطية والعالم العربي وأن يقف سدا أمام أي سلوك عدائي، والعمل على تحقيق مناخ سلمي في منطقة الشرق الاوسط الاستراتيجية .

وتتمتع الشعوب التي تعاني من الاضطهاد القومي اليوم بوعي كبير نتيجة للثورة المعلوماتية ونمو استخدام القنوات الفضائية والانترنت وانها تقف في الرتل الأول للنضال ضد النظام الإيراني الذي يمارس الطائفية والتمميز العرقي خدمة لمصالحه .

وندعو العالم أجمع ولاسيما دول المنطقة إلى دعم الحركات الفیدرالية في إيران ومنها مؤتمر شعوب إيران الفیدرالية وبناء اواصر استراتيجية معها للوصول الى قنوات أخرى في المعارضة الإيرانية ومنهم الأحرار من الفرس من اجل الوصول إلى ما تطمح اليه لإقامة نظام ديموقراطي وعادل وسلمي, وبناء علاقات أخوية و سلمية مع الدول المجاورة .

يعتبر مؤتمرشعوب إيران الفیدرالية الذي يعد حزبنا حزب التضامن الديموقراطي الأهوازي عضوا مؤسسا فيه جزء غيرقابل للتجزئة من الحركة الديمقراطية المناهضة للتمييز والاستبداد الديني في البلد ويرى المؤتمر ان الديمقراطية لن تتحقق في البلد إلا بازالة التمييز الثقاقي والديني واللغوي والقومي والتمييز ضد النساء كما ان الديموقراطية لم تتحق الا بعد فصل الدين عن السلطة حفظا على الدين وتوفير مناخ مناسب لممارسة الحريات الدينية واللغوية والفكرية والسياسية لكافة المواطنين .

إن أهمية دور الشعوب غير الفارسية نابع من كونها تشكل حوالي 60% من سكان إيران ومن بين هذه الشعوب هو الشعب العربي الاهوازي الذي يشكل حوالي 8% من السكان وتجمعه أواصر الدم ووشائج الأخوة والتاريخ واللغة والمصلحة المشتركة بالعالم العربي بشكل عام والخليج بشكل خاص الأمر الذي يؤهله ليكون حلقة الوصل بين إيران الديوقراطي والفیدرالیه و التعددية مع العالم العربي خدمة للسلم والصداقة والأخاء بدلا عن الكره والطائفية والحقد .

فمن هذا المنطلق نرى أن تواصل العالم العربي مع الحركة العقلانية والبرغماتية الأهوازية أو العربستانية وجعلها حلقة الوصل مع سائر حركات الشعوب غير الفارسية على وجه الأخص وحركة المطالبة بالحرية والمساواة في إيران على وجه الأعم من شأنه ضمان أي مشروع لخلق توازن إستراتيجي مع إيران .

وللأسف الشديد فإن حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي هو التنظيم الأهوازي الوحيد الذي إنضم إلى مؤتمر شعوب إيران غير الفارسية وكعضو مؤسس حيث لاتزال المجموعات الأهوازية (الأحوازية) لم تستطع التوصل إلى القراءة التي نعتقد نحن بأنها موضوعية وتخرجنا جميعا من سجن ادبيات سبعينيات القرن الماضي التي تفرض نفسها علينا بإسم الثوابت وتدفعنا نحو ضيق الأفق نتيجة لمطالبتنا بالتحرير دون أن تكون لنا أي قوة فعلية على الساحة الداخلية أو أي قراءة موضوعية للمرحلة الراهنة ومتطلباتها من الناحيتين الإقليمية والدولية .

نحن ننظر إلى الخطاب التحريري بمثابة مطلب سياسي وليس تهمة كما ينظر اليه النظام والكثير من أوساط المعارضة إلا إننا نعتقد بأن ما تمر به قضيتنا لا تناسبه الشعارات المطروحة على هذا الاساس وخاصة الشعارات المتطرفة وغير المسؤولة التي تحولت وتتحول إلى ذرائع بيد النظام الإيراني ليخيف سائر الإيرانيين ولاسيما المعارضين لينظروا إلى العرب الأهوازيين كإنفصاليين يعملون على تفكيك إيران مما يسهل قمعهم وسحب فرصة اي نشاط لهم على ارض الوطن حيث قام النظام منذ عام 2005 وعبر التذرع بالشعارات المتطرفة التي تطلق في الخارج تبرر له فرض أجواء بوليسية تمنع أبسط الأنشطة على الساحة الأهوازية في حين بإمكان الكرد والترك والبلوش والتركمان القيام ببعض هذه الأنشطة .

لذلك نقول باننا في حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي نتطلع الى تعاون مسؤول بعيدا عن السطحيات والشعارات الفارغة مع جميع التنظيمات والشخصيات الاهوازية المؤثرة تعاون يكون مبنيا على اساس قرائات موضوعية في سبيل تحقيق الحرية لشعبنا الاهوازي البطل.

حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي

شاهد أيضاً

رفيقنا المناضل مهدي ابو هيام الأحوازي

تلقينا في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي التغييرات الإيجابية في المكتب السياسي لحزبكم الموقر و الذي …