، وحتى لو امتلكت القدرة العسكرية فهي تجازف بما سيكون عليه النتائج اللاحقة، وهي بمثل هذا الفعل، لو حدث، تحشد قوى العالم ضدها باتخاذ أي إجراء قاس عليها..
كذلك الأمر بارسال أسلحة لسوريا وحزب الله عندما قبض على باخرة متجهة لميناء طرطوس، والتحفظ عليها في قبرص، ثم الإفراج عنها، ونفس السيناريو حدث مع تركيا، والآن مع اليمن، والتآمر على قتل السفير السعودي في أمريكا «عادل الجبير» أي أن تصدير الثورة لم يعد بالمنشورات والملصقات، وارسال المبشرين بل بخلق حالة اضطراب في كل موقع يطاله نفوذها..
التدخل بشؤون الآخرين ضاعف لدول كبرى خسائر كبيرة عجزت عن الاستمرار بهذه السياسة، بينما دول صغرى مثل سنغافورة، استطاعت أن تبني اقتصاداً ونهضة تجاوزت دولاً متقدمة، لكن من منظور سلمي وسياسة ذكية، ولنضرب المثل بالبرازيل، فهي قوة عظمى قادمة في محيطها، لكنها تريد علاقات جوار تتجاوز محن العصور السابقة إلى تكامل اقتصادي وسياسي، أي أن تبديد الثروة بعبث فلسفة الهيمنة ليس لها هدف في مبادئ هذه الدولة..
إيران قد تكون دولة عسكرية مميزة تكتفي ذاتياً من خلال صناعاتها، لكن أن تستمر في استنزاف اقتصادها لصالح بناء ترسانتها، وأرقام الجوعى والعاطلين عن العمل في تزايد، فإنها تدفع بهذه العناصر إلى المواجهة، لأن في عرف كل الشعوب الخبز مقدم على السلاح، وهذا ما رأيناه في سقوط قوى عظمى وصغرى عندما اتخذت هذا المبدأ أولوية في أهدافها القومية..
سلاحها النووي الذي تريد أن يكون فخر فارس القادم، قد يتحقق، وقد يسبب لإيران ضربات عسكرية لدول ترى أن مثل هذا التطور يهدد مصالحها، ولا تزال الصورة معتمة في الجدل الدائر بتسخين المواقف بينها وبين إسرائيل وأمريكا، وبصرف النظر عن وجود معركة عسكرية تسبقها حملة دبلوماسية وهجمة تقنية، فإن مجريات الأحداث لا أحد يستنتج نهاياتها..
فباكستان بررت امتلاكها سلاحا نوويا، لأنها في حالة نزاع مع جارتها الهند المدججة بنفس الأسلحة، مع ثارات تاريخية تعيد ذكريات انفصال البلدين عن بعضهما، وإسرائيل تقول إن رقعتها لا تحتمل حروبا طويلة مع العرب ولا بد من وجود رادع يخلق الرعب لمنع أي مغامرة عسكرية، لكن إيران قوة إقليمية لا يوجد من يهددها، أو يجاورها بسلاح فتاك، وهنا تغيب المبررات، إلا باستنتاج حلم الامبراطورية القديم، ولو أن الأحلام تتحقق لعادت الامبراطويات البريطانية والفرنسية والاسبانية وغيرها، لكن تلك المراحل انتهت وأصبح ميزان القوة يقاس بالناتج العام لا بقوة السلاح..
لكاتب يوسف الكويليت