أنقرة, اسطنبول – ا ف ب, يو بي اي: يسعى المسؤولون الأتراك إلى وضع حد لنزاع خطير مع القادة العسكريين, في فصل غير مسبوق من أزمة مزمنة بين نظام منبثق عن التيار الاسلامي وجيش يريد ضمان علمانية البلاد.
وعين رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان في وقت متأخر من مساء اول من أمس قائد الدرك الجنرال نجدت أوزل رئيساً للأركان بالنيابة, بعد استقالة رئيسها الحالي الجنرال ايشيك كوشانر على خلفية خلاف خطير مع الحكومة.
وعين الجنرال أوزل أيضاً قائداً لسلاح البر بعد استقالة قائده الحالي أيضاً مع قائدي سلاح الجو والبحر, كما ذكرت وكالة أنباء الأناضول, نقلاً عن مرسوم لرئيس الوزراء والرئيس عبدالله غول.
والمنصبان الجديدان اللذان تولاهما الجنرال أوزل يبعثان على الاعتقاد بأنه سيعين قريباً خلفا لرئيس اركان الجيش المستقيل الجنرال ايشيك كوشانر, بحسب الصحافة التركية.
واستقبل الرئيس غول, الذي يعتبر بحسب الدستور القائد الاعلى للجيش, أردوغان والجنرال أوزل, مما يعزز الشعور بأنه طلب من الأخير ان يصبح رئيس هيئة الاركان المقبل.
وفي محاولة للتخفيف من حدة الأزمة, أكد غول, أمس, أن كل الأمور تسير بشكل طبيعي, ولا وجود حالياً لأية فوضى في إدارة الجيش.
وقال تعليقاً على الاستقالات “كما ترون كل شيء يسير في مساره الخاص ولا فراغ في سلسلة القيادة”, ووصف رئيس هيئة أركان الجيش المستقيل إسيك كوسانير بالقائد المحترم والقيم, لافتاً إلى أنه طلب من الأخير البقاء في منصبه, لكنه يحترم قراره بالاستقالة.
وأشار غول إلى أن قادة أسلحة البر والبحر والجو الذين استقالوا أيضاً, كانوا على وشك أن يبلغوا سن التقاعد, مشيراً إلى أن المجلس العسكري الأعلى سيلتئم وفقاً لما كان مقرراً غداً الإثنين, وسيواصل مناقشة المواضيع المطروحة على جدول أعماله, من بينها ترقية بعض القادة العسكريين.
وأضاف “ينبغي أن لا يظن أي أحد بأن تركيا تمر في أزمة. ما حصل كان بالتأكيد غير عادي, لكن كل شيء عاد إلى مساره وستطبق الإجراءات الطبيعية”.
وباستقالة كوشانر ومساعديه, أول من أمس, اندلعت أزمة سياسية عسكرية خطيرة في تركيا على خلفية خلاف مع الحكومة الاسلامية المحافظة بخصوص ترقية عسكريين كبار مسجونين بتهمة التخطيط للتآمر على النظام.
ويطالب قادة الجيش بأن يتمكن هؤلاء العسكريون من الحصول على ترقياتهم رغم وجودهم في السجن بانتظار الانتهاء من محاكمتهم, الأمر الذي ترفضه الحكومة بحسب الصحافة.
ومن بين هؤلاء جنرال كان يفترض ان يكون القائد المقبل لسلاح الجو.
وقال الجنرال كوشانر الى مساعديه لدى مغادرته منصبه, بحسب وكالة انباء الاناضول, “ان احد الاهداف من هذه التحقيقات وهذه التوقيفات منذ زمن طويل هو ابقاء الجيش في قفص الاتهام واعطاء الانطباع الى الرأي العام بانه منظمة اجرامية”.
واضاف لتوضيح استقالته “نظرا الى عدم امكانية القيام باي شيء في مواجهة هذا الوضع والى تجاهل مطالبات السلطات (من اجل ايجاد حل), لم يعد بوسعي حماية حقوقي الشخصية”.
ويتعرض الجيش التركي الذي كان يتعذر المساس به ولا يمكن الالتفاف عليه في الحياة السياسية منذ سنوات لانتقادات واتهامات منها قضايا تآمر مفترضة بهدف الاطاحة بحكومة اردوغان الذي تعود جذور حزبه “العدالة والتنمية”, الى التيار الاسلامي.
وتعتقل السلطات التركية 42 جنرالا, هم اكثر من 10 في المئة من جنرالات الجيش, إضافة الى العشرات من الضباط العاملين او المتقاعدين في اطار تحقيقات بشأن مخططات عدة محتملة تهدف الى الاطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم منذ 2002.
وأول من أمس, وجهت ستة اتهامات جديدة لجنرالات في اطار قضية التآمر على الحكومة وانشاء مواقع على الانترنت للدعاية ضد الحكومة, بحسب صحيفة “ملييت”.
وبينهم نصرت طاش ديلر قائد جيش ايجه واسماعيل حقي رئيس الاستخبارات وحفظي تشوبوكلو المستشار القانوني للمؤسسة العسكرية.
ويبدو ان التوقيفات الاخيرة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير, لتسهم في دفع القادة العسكريين الى قرار الاستقالة, بحسب الصحافة.
وقال الجامعي احمد انسل “ان العسكريين لم يعودوا يستطيعون مواجهة هذه الاتهامات للسلطة المدنية لأنها ثابتة, وهم باستقالتهم يوافقون ضمناً على ان الاتهامات ثابتة”.
واضاف هذا الباحث الذي ألف كتابين عن الجيش التركي ان “الحرس العسكري القديم تنازل”, مشيراً إلى أن الجيش الذي أطاح اربع حكومات منذ العام 1960, منها الاطاحة في 1997 بحكومة الاسلامي نجم الدين اربكان الذي يعتبر مرشد رئيس الوزراء الحالي, لم يعد بمقدوره القيام بانقلاب عسكري, لا سيما بسبب “الدعم القوي” لقسم من السكان لحزب “العدالة والتنمية” الذي حقق فوزاً كاسحاً في الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو الماضي, وحصل بالتالي على ولاية تنفيذية ثالثة.
واعتبر انسل أنه “قد يقوم كولونيل بمغامرة في يوم من الايام, ولكن لن تذهب أبعد من ذلك”, مضيفاً “ان الجيش خسر الجولة في 27 أبريل 2007 عندما اعترض من دون نتيجة على وصول اردوغان او غول الى قيادة البلاد”.
شاهد أيضاً
فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة
فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة جابر احمد 2024 / …