شاهدوا اين وصل بنا الزمان بان نقارن انفسنا بالشعب العربي الفلسطيني في اسرائيل والبتة هذا طبيعي لاننا نشعر بثقافة جاثمة على صدورنا منذ تسعين عاما لم تفسح لنا التنفس والتطور بشكل طبيعي
سوف تبکین کثیرا بعد موتي
وتقولین لهم، کان مسافات عواطف
لا یراه احدٌ غیر اله العالمین
وسَتَروین روایاتي لأثمار النخیل
وسَتَحکین حکایاتی لأشجارالطریق
آه یا علبة اقلامی القدیمة ومفاهیمی العتیقة وتصاویر جدودي السالفین
آه یا دفتر اشعاري السقیمة وهدوئي، عندما تجلس امي جنبنا في غرفة یملأها دفئ حنین
آه یا زَهرة حبي وصَلاتي وسکوني عندما کان ابي یقرأ قُرانا لیالي رمضان
آه یا سِر حیاتي و وجودي
آه یا من زرع الحُب باقطار وجودي نحو اوطان تلاشت بین ایدي المعتدین
آه یا صورة فجرٍ علقتها ید احلامي علی بوابة القرن الجدید
رَسَمَتها بدمٍ احمر حتی تستکین
آه یا حبي تجاه الشهداءالعاشقین
کیف انساکم وقد عشت بذکراکم سنین
کیف انساکم وقد مِتْ لکي تبقوا، کما کنت اراکم ثائرین
تطلبون الثأر ممن غصب الحب وارضي وحیاتي وحیاة الاخرین
سوف تبکون کثیرا بعد موتي
وستنسوني علی مر السنین
فانا اقرأ اشعاري لرب العالمین…
هذه القصيدة للشاعر الشهيد هاشم شعباني الذي اعدمته السلطات الايرانية في 7 ديسمبر 2013 ليس لسبب وانما لنشاطه الثقافي والادبي وتأسيسه وزملائه مؤسسة الحوارالثقافية في مدينة الخلفية قبل اكثر من 10 سنوات.
يمكن ان نشاهد في هذه القصيدة الحرة، طغيان المضمون على الشكل وهذا طبيعي للاجيال العربية في عربستان التي تم حرمانها من التعلم بلغتها الام. ونحن نحتفل هذه الايام باليوم العالمي للغة الام التي ممنوع التحدث عنها في ايران المتعددة الشعوب. فكل شاعر في ارض بلادي هو شاعر عصامي لم يتعلم العربية الا بجهده وسعيه. اذ تم اغلاق المدارس العربية منذ تسعين عاما بل وتم تغيير اسمائها الى الفارسية. كما تم تغيير اسماء اطفالنا ومدننا واحياءنا وشوارعنا ومياهنا وتم تدمير تراثنا كي نصبح فرسا جيدين.
عليكم بالله هل يمنع الكيان الاسرائيلي الذي تصفونه بالكيان الصهيوني العنصري – وهو كذلك – هل يمنع اطفال عرب 48 من التعلم بلغة الام وهل يمنع تدريس لغتهم في المدارس الابتدائية كما يفعل النظام الشمولي الديني في ايران ازاء نحو 60 او 70 في المئة من سكان ايران ومنهم العرب من التعلم بلغتهم؟
وقد تحدث لي عزمي بشارة عندما التقيت به وسميح القاسم في العام 2000 بالشام قائلا: اننا اي عرب 48 نهيء مشروعا للحكم الذاتي الثقافي – الاقتصادي؟ اي كان لهم طموح بعد ان شكلوا احزابهم العربية وصحفهم ودور نشرهم.. الخ. ومعظمها مستقلة عن السلطة الاسرائيلية، اسلامية كانت ام يسارية او ديمقراطية. فما بالك عن الفرق الموسيقية والمسرحية. ونحن لايمكن ان تنشط فرقة موسيقية او تصدر صحيفة عربية – فارسية في عربستان الا وان يغرس النظام التيوقراطي الشمولي، عناصره الاستخباراتية في داخلها. ضف الى ذلك الاعدامات والسجون الممتلئة بالنشطاء الاهوازيين ولم تفرغ خلال العقود التسعة الماضية ولا يوم واحد.
شاهدوا اين وصل بنا الزمان بان نقارن انفسنا بالشعب العربي الفلسطيني في اسرائيل والبتة هذا طبيعي لاننا نشعر بثقافة جاثمة على صدورنا منذ تسعين عاما لم تفسح لنا التنفس والتطور بشكل طبيعي، لا في المجال الثقافي ولا الاقتصادي والسياسي. لم تستطع طبقة بورجوازية اهوازية ناشئة ان تترعرع خلال الاعوام التسعين المنصرمة اثر وجود حاجز وهو طبقة فارسية شبه استعمارية حاكمة. وهذا ما ادى الى تخلف اقتصادي وثقافي ولغوي واجتماعي مفروض علينا.
وانا اقول لكم ماهو الفرق بين الحكام في ايران الذين يعدمون شبابنا ونشطائنا والكيان الاسرائيلي الذي يبطش بالفلسطينيين. ففي الاخير، الطبقات البورجوازية تربت في احضان البورجوازية الاوروبية وتشبعت بثقافتها الليبرالية مع انها اضافت اليها نوع من العنصرية. لكن البورجوازية الكبيرة والصغيرة التقليدية المتحالفة معها والحاكمة في ايران تتغذى من تراث تقليدي خرافي منغلق على نفسه.وهذا لم يقتصر على الحكام الاسلاميين، بل الطبقات الوسطى والبورجوازية الوطنية الفارسية ايضا التي لاتقل عداءا لحقوق الشعوب غير الفارسية وخاصة العرب منهم. انظروا الى الجبهة الوطنية (جبهة ملي) وريثة الدكتور مصدق او مجمع اللغة الفارسية المحسوب على القوميين والاسلاميين القوميين. فهؤلاء ايضا مشبعون باوهام تراثية فارسية منشأها قبل الاسلام. لكن دماء المناضلين بما فيهم النشطاء العرب وعلى رأسهم الشاعر هاشم شعباني والمعلم هادي الراشدي، سيجبر حكام ايران المتغطرسين بالتراجع. وقد بدأنا نشاهد ذلك في تصريحات الرئيس الجديد ومستشاريه. وكان هؤلاء – بما فيهم الادميرال علي شمخاني – في طليعة القامعين لطموحات الشعوب غير الفارسية في ايران، لكن احساسهم بالخطر الداهم الناجم عن تعاظم رقعة نضال هذه الشعوب اجبرهم كي يعيدوا النظر في بعض اساليبهم. وقد تحولت قضية القوميات غير الفارسية الى القضية الاولى المطروحة على اجندة الحكام في ايران داخليا.
وكما ترون لدى المثقف والشاعر الشهيد هاشم شعباني، يلعب الشعر دورا هاما في طرح قضية شعبه المضطهد. وقد اندمجت الكلمة بالدم لتخرق سياج الحدود الجغرافية ولتشع كالنور الكرة الارضية. هذا هو الدم الاهوازي البرئ الذي يزهق بواسطة اياد لا يهما الا الحكم باي ثمن وهي تساند حكاما من طينتها في الشام الجريحة. وقد قفز الملاك من سجن سري في الاهواز العاصمة ليتجاوز الاقليم وليعرج بروحه المثخنة بالدماء على كل بقعة في العالم تقدّر امر الحرية. اذ كتبت عنه الصحافة وتحدث عنه الاعلام ورثاه الشعراء والادباء والصحفيين، بدأا من بريطانيا وفرنسا الى الولايات المتحدة واليابان واميركا اللاتينية. ناهيك عن العالم العربي الذي غطى ايضا الحدث ولو بشكل خجول قياسا بالعالم الحر. اذ بات الدم الاهوازي سفيرا يجول سموات الارض محمولا على اجنحة الملاكين هاشم شعباني وهادي الراشدي. فالكلام المغموس بالدم اخذ يتحدث مع العالم بلغة الشعر وهي اللغة الناعمة المخملية التي يطرب لها البشر، ماعدى اعداء البشر القابعين في حصون عنصريتهم واستعلائهم القومي.
لايمكن ان انهي كلامي ولااتكلم عن صديقي الشهيد هادي الراشدي. الحائز على درجة الماجستير في الكيمياء و كم يحتاج شعبنا الى امثال هادي؟ مدرس التلاميذ العرب الفقراء في مدينة الخلفية. كم كنت انسانا عندما التقيت بك في ربيع 2002 في بيتك بالخلفية والى جنبك هاشم وشهيد ومحمد علي العموري؟ فقد تذكرت بيتك عندما شاهدت الجماهير الغاضبة المحتشدة امام بيتك بعد ان اعدموك، متحدية اوامر القتلة والظالمين. وانا قلق الان على حياة المهندس محمد علي العموري والاخوين البوشوكة المحكومين ايضا بالاعدام مع هاشم وهادي.
فانت ابيمثوس Epimetheus واخوك في النضال هو بروميثيوس Prometheus الاهواز، هاشم شعباني. وقد تعذبتم كما تعذب بروميثيوس سارق النار وصديق الانسان. وقد تحديتم الاله القابع في قصور طهران كما تحدى بروميثيوس، اله اليونان زيوس.