12/05/2024

لا يوجد بلد في العالم لديه طبقة نخبوية مثقفة شوفينية ساهمت في تكوين الدولة الوطنية الحديثة (1926) كما في إيران، هذه الطبقة معادية ضد جميع الشعوب في البلد إلا شعب واحد، وهي التي نظرت لتكوين دولة رضا شاه الحديثة، وحاولت طمس معالم وجود ومحو هوية كافة الشعوب غير الفارسية في إيران بغية الحفاظ على التماسك الترابي والشعبي لبلد جميع الشعوب فيه اقليات، ومن أبرز عناصر هذه الطبقة هو محمود أفشار يزدي، ولد في يزد في مركز إيران عام 1893 وفقد والدته عندما كان عمره 13 سنة وحينها سافر للهند فأكمل تعليمه الابتدائي لثلاث سنوات في مومباي، وبعدها انتقل إلى سويسرا عام 1912 وحصل على دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة لوزان، عاد إلى إيران في 1921 واشتغل بالتدريس وعمل قاضيا في المحكمة الجنائية العليا. أصدر مجلة مستقبل (بالفارسية:آیَنده) ونشرها لمدة سنتين. في 1933 عين قاضيا في المحكمة العليا ثم مستشارا. تحول إلى الأدب والشعر. انتقل في عديد من المناصب حتى تقاعد في مارس 1959. ويقال عنه قام “بأفعال الخير” والقصد هنا تأسيس مؤسسة الوقف لصالح اللغة الفارسية وترويجها دون غيرها وأبرز ما فيها ترويج وصيانة قاموس دهخدا للغة الفارسية. توفي يوم 19 ديسمبر 1983 أي بعد الثورة، سخر حياته لدعم اللغة والثقافة الفارسيتين ومحاربة لغات وثقافات الشعوب غير الفارسية في إيران.
حتى نستشف موقفه الشوفيني خاصة ضد العرب والكرد والترك والبلوش في إيران اترجم إلى العربية قسم من مقال له في مجلة آينده (1925/1304) اعيد نشره من قبل منظمة مكافحة العنصرية والافتراء في إيران، وينصح أفشاري يزدي فيه باتخاذ الخطوات التالية للقضاء على الشعوب غير الفارسية:
“الترويج الكامل للغة الفارسية والأدب والتاريخ الإيراني (الفارسي) في جميع أنحاء البلاد، ولا سيما في مناطق أذربيجان وكردستان وخوزستان (عربستان الأهواز) وبلوشستان والمنطق التركمانية، ومد السكك الحديدية والربط بين أجزاء مختلفة من البلاد، والتهجير القسري لبعض القبائل والبدو الرحل من أذربيجان (التركية) وخوزستان (العربية) إلى المناطق الداخلية بإيران وجلب القبائل الناطقة بالفارسية إلى هذه الاقاليم واسكانها، واحداث تغييرات عامة في تقسيمات البلاد وإلغاء أسماء أذربيجان وعربستان (خوزستان) وما إلى ذلك (كردستان ولورستان وقرميسان / كرماشان) ، وتغيير جميع الأسماء التركية والعربية في جميع “المناطق والقرى والجبال والأنهار في إيران، وحظر استخدام اللغات المحلية في جميع المحاكم والمدارس والمكاتب الحكومية والجيش ، إلخ.”

ويضيف موضحا ما يرنو إليه من “الوحدة الوطنية لإيران”، قائلا: “من خلال استكمال الوحدة الوطنية لإيران، نعني أنه ينبغي تعميم اللغة الفارسية في جميع أنحاء البلاد، ولا يجوز ارتداء الأكراد واللور والقشقايين (الأتراك) والعرب والتركمان، وما إلى ذلك، أي نوع من الأزياء الشعبية ومنع التحدث بلغاتهم… إلى أن تتكون الوحدة الوطنية في إيران من حيث اللغة والعادات واللباس وما إلى ذلك، لأن هناك خطر يتربص في أي لحظة لاستقلالنا السياسي وسلامة أراضينا”.
ويستطرد قائلا: “إذا لم نتمكن من توحيد كافة المناطق والقبائل المختلفة التي تعيش في إيران، أي جعلها جميعها إيرانية (فارسية) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، سوف ينتظرنا مستقبل مظلم”.
هذه النظرية هي التي تعشعش في خبايا العقل الشوفيني النخبوي الفارسي ولا أقصد هنا الشعب الفارسي ولغته وثقافته بتاتا، بل أقصد فئات شديدة العنصرية ومتوغلة في معاداة ما هو غير فارسي وخاصة العربي وثم التركي والسائرين.

الكاتب مسعود الفك