02/05/2024

ان التنظيمات المنضوية في مؤتمر شعوب ايران الفيدرالية بما فيها حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي العضو المؤسس في هذا الائتلاف يؤكد بان ايران في الوقت الحاضر  تتشكل من ستة شعوب اساسية اضافة الى العرقيات الفرعية ولكل من هذه الشعوب جغرافيتها التأريخية، حيث كانت لديها سلطة حكم ذاتي،  واحيانا تتمتع بسلطه وطنيه مستقلة على اراضيها ولهذا عرفت ايران في حقب سابقة بالممالك المحروسة حتى نهاية الحكم القاجاري.    

وبناء على ذلك فأن ايران تعتبر من البلدان ذات التعدد القومي والاثني حيث تضم شعوبا وعرقيات مختلفة ولكل منها تاريخها وثقافتها ولغتها التي تميزها عن بعضها البعض. بينما النظام السياسي القائم في ايران فهو مبتني على اساس السلطة المطلقة للحكام والانظمة الشمولية المعادية للديمقراطية وان السمة البارزة له قبل كل شي تتبلور في حرمان الشعوب والقوميات المختلفة مثل الترك والكورد والعرب والبلوش والتركمان وغيرهم، من المشاركة الحقيقية في النظام السياسي الحاكم في طهران وعدم اعتراف الانظمة الايرانية المتعاقبة بعد سقوط القاجار بحق هذه الشعوب الطبيعي في تقرير مصيرها، على الرغم من عدم وجود اتفاقية او معاهدة تكشف لنا الوحدة الطوعية بين هذه الشعوب المختلفة . في الحقيقة أن النظام السياسي الذي تأسس في ايران المعروفة بتعددها القومي بني على اساس المركزية المطلقة المتمثلة بالاستبداد وسلطة الفرد او العائلة او جماعة خاصة، تتحكم بالبلاد، حيث تبلورت اكثر فأكثر بعد تسلط رضا خان القزاقي على الحكم في ايران واعلانه عن انبثاق السلالة البهلوية العنصرية التي اختزلت التأريخ واللغة والثقافة والهوية بشكل عام في قومية واحدة وهي الفارسية وما ساعده على نجاح مخططه ‘ وقوف النخب والمفكرين من ابناء الشعب الفارسي المشبعين بالعنصرية من خلال الكتابة والتنظير لتسلط القومية الفارسية ولكن بتسمية جديدة وهي “ملت ايران” أي الامة الايرانية و بدأ بعد ذلك تهميش الشعوب غير الفارسية  أي منذ سنة 1925 بعد ان تمكن رضا خان من الاطاحة بالحكومات المحلية التي كانت قائمة في جميع المناطق القومية، منها الحكومة العربية في اقليم عربستان (الاهواز) والتي كان يدير شؤونها الامير خزعل بن جابر آل مرداو الكعبي ذو المكانة والسمعة الواسعتين في المشرق العربي لاسيماء الخليج العربي.

ومع هذا فأن الشعوب في ايران بعد سقوط حكوماتها لم تستسلم للامر الواقع وانما سعت بكل ما بوسعها وناضلت بمختلف الوسائل للتخلص من سيطرة الحكومات الايرانية المستبدة ومن الواقع المر الذي فرض عليها طوال السنوات الماضية لاسيما شعبنا العربي الاهوازي، الذي ثار وانتفض لمرات عديدة اولها كانت بقيادة الشهيد سلطان المسؤول الخاص لحرس الشيخ خزعل حتى انتفاضته  نيسان- آبريل 2005 اضافة الى المساهمة الفعالة مع باقي الشعوب في ايران في ثورة  1979 والتي اطاحت بالنظام الملكي الشاهنشاهي. ولهذا تعتبر حركة الشعوب في العصر الحديث من اهم الحركات المناهضة للانظمة القمعية الحاكمة في ايران، كما لايمكن تجاهلها والنقصان من مكانتها في أي تغيير مستقبلي يحدث في هذا البلد.

ان الشعب العربي الاهوازي وباقي الشعوب غير الفارسية شاركت في ثورة 1979 ظنا منها ان بعد زوال نظام الشاه سيأتي نظام ديمقراطي يلبي مطالباتها ويضمن حقوقها المشروعة من خلال مشاركتها في نظام الحكم الجديد، ولهذا فأن مساهمتها  في اسقاط النظام السابق لم يكن بهدف تبديل نظام حكم ملكي بنظام حكم جمهوري اسلامي، وانما كانت الشعوب ترموا الى اقامة نظام يحقق طموحات الجميع وكافة المكونات خاصة الشعوب غير الفارسية، وازالة جميع انواع الظلم والتمييز الذي عانت منه سنوات طويلة.

بالمقابل لم يعمل نظام الجمهورية الاسلامية منذ تأسيسه حتى يومنا هذا على ازالة رفع الظلم والحرمان والتهميش فحسب، بل استمر على نهج النظام السابق وبوتيرة اكثر ذراوة و استخدم القمع المفرط وما زال بحق كل من عارض سياساته. وما القتل الجماعي والمجازر المعروفة التي شهدتها ايران بين الاعوام 1980 – 1988 في صفوف ابناء الشعوب في اقليم كردستان وتركمن الصحراء لاسيما المجزرة التي عُرفت بالاربعاء السوداء في مدينة المحمرة التي نفذها الحاكم العسكري للاقليم الجنرال احمد مدني بأوامر قادة النظام وعلى رأسهم الخميني الذي وصفه بالساعد الايمن وعينه الحريصة في اقليم الاهواز ‘ ما هي الا نماذج بارزة لهذا النهج الاجرامي للحكام الجدد، ناهيك عن التصفيات الجسدية للمعارضة الفارسية لاسيما في المعتقلات والسجون في جميع انحاء ايران وتقدر بأكثر من 20 الف شخص ، التي اعترف بها الكثير من قادة النظام. وبهذا عُبد الطريق امام النظام الجديد التحكم بالبلاد و ان يقيم نظام حكم ديكتاتوري وديني مستبد معادي للديمقراطية بعد التخلص من معظم قوى المعارضة تحت غطاء الاسلام المحمدي الخالص ممثلا بولاية الفقيه المطلقة ، التي اصبحت العائق الحقيقي امام بناء نظام سياسي ديمقراطي يشارك فيه الجميع ليكون الضامن لحق تقرير المصير لجميع الشعوب والاقليات.

وبدأت الاعتقالات والاعدامات في السنوات الاخيرة  بين صفوف ابناء الشعوب غير الفارسية مثل بلوشستان وكوردستان لاسيما في اقليمنا العربي بدأت تأخذ منحى آخر وخطير وآخرها تنفيذ حكم الاعدام بحق اربعة من نشطاء شعبنا في مدينة الفلاحية واثنين من الاعضاء البارزين في مؤسسة الحوار من مدينة الخلفية الذين نفذ بحقهم الاعدام في الاونة الاخيرة لهو خير دليل على النهج الفاشي المتبع للنظام الحاكم في ايران.ومن الواضح أن السمة الاساسية للعصر الذي نعيشه هو تصاعد وتيرة الوعي القومي لدى الشعوب المهمشة ومطالباتها بأسترجاع حقوقها القومية لاسيما بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي السابق و ماحصل في يوغسلافيا، مما ساعد على ظهور العولمة، التي كان احد اهم نتائجها الثورة المعلوماتية التي اوجدت الارضية الخصبة والمناخ المناسب لازدياد وعي الجماهير التواقة للتغيير نحو الافضل  في مختلف انحاء العالم مما ادى الى تغيير بعض الانظمة الشمولية المتمركزة في البلدان الفاقدة للديمقراطية. وما حصل في شمال افريقيا ويحصل في منطقة الشرق الاوسط من انتفاضات وثورات واستياء وتذمر جماهيري، هو نتيجة لوجود انظمة حكم ديكتاتورية شمولية متمركزة ذات سلطة مطلقة معادية  للديمقراطية. وأن ايران التي تضم شعوب وقوميات محتلفة تناضل من اجل استرداد حقوقها المغتصبة والمجتمع الايراني بشكل عام الذي يعيش الويلات تحت حكم الجمهورية الاسلامية المتمثلة بولاية الفقيه، ليست بمنأى عن التغييرات الحاصلة وسيحل بها، كما حل بالانظمة المشابه .

ان الهدف الاساسي للحركات التحررية للشعوب في ايران ونضالها المستمر وكذلك الحركة الجماهيرية الفارسية نفسها رغم اختلاف اهدافها هو الخلاص من الحكم المركزي والعدو للديمقراطية والظلم الذي يعاني منه الجميع والسعي لايجاد نظام ديمقراطي وتعددي لا مركزي الذي يضمن الحقوق الاساسية لجميع مكونات ايران من فرس وترك وكرد وعرب وبلوش وتركمان وغيرهم من الاعراق والاقليات المختلفة يعترف بحقها في تقرير مصيرها كحق طبيعي ومعترف به عالميا ويكون محفوظا لجميع الشعوب القاطنة في ايران ، لذلك نرى ان احد اشكال الحكم والنظم السياسية في البلدان ذات التعدد القومي ، هو النظام الفيدرالي، الذي نسعى لايجاده في ايران مستقبلا حيث بات اكثر ضرورة في الوقت الحاضر

عدنان سلمان – امين عام حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي