مع بدء استئناف المفاوضات بين طهران ومجموعة ١+٥ في فيينا تساءل الكثيرون من المتابعين للشأن الإيراني من الرابح ومن هو الخاسر في هذه الصفقة وما هي الحقائق التي يحاول الجانبان إخفاءها، خاصة عندما أصّر ظريف قبل توجهه إلى المشاركة في المحادثات قائلا: “إن حكومة روحاني تتجنب توضيح أي تفاصيل حول ما يجري في المفاوضات ولو حتى لنواب البرلمان، لأنّ المفاوضات تجري في سرية تامة حسب قوله.
في حين ادعى باراك أوباما بأنه حقق انتصارا دبلوماسيا، كما ادعى روحاني أيضا أن الاتفاق انتصار تاريخي لإيران.
ولكن بين هذا وذاك الحقيقة التي يمكن أن يعترف بها الجميع هي أن روحاني تمكن من إنقاذ نظام الجمهورية الإسلامية من السقوط الحتمي وذلك عبر امتصاص الغضب الشعبي الذي أنهك المواطنين بسبب المقاطعات الدولية، وكان البلد يقترب من خطر التمرد والخروج على السلطة ولكن الرئيس الإيراني الجديد أبعد هذا الشبح من نظام ولي الفقيه بشكل مؤقت وبالاستسلام الكامل لمجموعة ١+٥ مقابل رفع العقوبات عن تصدير البتروكيماويات وتأمين ناقلات النفط، الذي مكّن النظام من إعادة بعض العائدات لدى الشركات الأوروبية والآسيوية. الأمر الذي وفر لطهران إمكانية تصدير النفط بشكل غير شرعي لتأمين احتياجاتها الضرورية والملحة.
وفي المقابل اشترى نظام ولي الفقيه بقاءه بتلقي وعود من الولايات المتحدة بالتعامل معه على حساب الشعوب داخل ايران مع استمرار النظام بحكمه المتشدد في الداخل والسماح له بأداء دور إقليمي وإدارة خلاياه النائمة والمستيقظة في المنطقة.
فعندما بدأ خامنئي وأحمدي نجاد المفاوضات السرية لعقد صفقة مع الولايات المتحدة قبل 7 أشهر من انتهاء ولاية أحمدي نجاد بدأ نظام ولي الفقيه بحملة ممنهجة وشرسة وعلنية ضد المملكة العربية السعودية عبر الإعلام الرسمي وغير الرسمي، وأخذ النظام يروج بأن السعودية وإسرائيل هما العدوان الرئيسيان للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
على عكس تصريحات روحاني وظريف، الإيجابية، لأنّ النظام يواجه صعوبة في إقناع المواطنين بعد 30 سنة من التنظير المعادي للأميركان ولأن معاناة الشعوب الإيرانية في جميع الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وصلت الى ذروتها بعد 20 عاما من إنفاق مئات المليارات من الدولارات لشراء معدات وأجهزة نووية من السوق السوداء بأسعار تصل الى أربعة أضعاف أسعارها الحقيقية، ودفع تكاليف توظيف العاملين في هذا المشروع، يتم الآن التنازل عن كل شيء فما هي النتيجة التي حققتها إيران؟.
لكن في المقابل جلس “الشيطان الأكبر” على طاولة المفاوضات مع النظام الإيراني على حساب حريات الشعوب وحقوقهم التي تنتهكها السلطات باستمرار، حيث لازال سجناء الرأي والنشطاء السياسيون يقبعون في غياهب السجون ويتحملون التعذيب ولا توجد صحافة حرة ويقع البلد في المرتبة ۱۷۰ في سرعة الإنترنت، والفقر والبطالة متفشيان بشكل رهيب، وحملات القمع والقتل مستمرة بحق أبناء القوميات والأقليات العرقية والدينية، لا توجد نقابات عمالية مستقلة، وينتهك النظام حقوق المرأة باستمرار، والأهم من كل ذلك يواجه النظام الاحتجاجات السلمية أو المسلحة في بعض الأقاليم منها المناطق العربية والبلوشية والكردية بقبضة حديدية.
نقلا عن العربية.نت