03/05/2024

اذا ما اراد المرء النظر والامعان في الظروف التي يعيشها بنظره واقعيه وعقلانيه بعيد ة عن المشاعر والعواطف، عندها يمكن ان يجد الحلول المناسبه والمجديه للتعاطي معها. فعلي هذا الاساس علينا ان نتفهم الظروف التي نعيشها والاوضاع السياسيه التي تحيط بنا ومن ثم يمكننا ان نضع الآليات والوسائل المناسبه للتعامل معها بمنهجيه يسودها العقل والاتزان انطلاقا من الواقع والمنطق وليس الخيال والتسويق العاطفي وهذا هو السبيل الوحيد للوصول الي ما نصبوا اليه وهو مستقبل شعبنا، الذي يعاني كما واضح من شتي انواع السياسات الخبيثه والمبرمجه من قبل انظمة الحكم الفارسيه.

لهذا نعتقد اعتقادا راسخا لايشوبه الشك بأحقية خطابنا السياسي الذي نراه هو الخطاب المطلوب والمناسب لهذه المرحله الدقيقه والخطيره التي يمر بها شعبنا مع التاكيد علي ضرورة تفحص ومعرفة  واقع الشعب وخصوصياته والحاله التي يعيشها من جراء تلك السياسات التي مورست ضده منذ ثمانين عاما، و ما تركته من اثار سلبيه علي مسار حياته علي جميع المستويات ولكن في نفس الوقت نحترم جميع الرؤى والخطاب السياسي لباقي التنظيمات والقوى الاهوازية الناشطة وان كنا نختلف معها.

وبالرغم من محاولات انظمة الحكم الفارسيه الهادفه الي جعل شعبنا جاهلا ومتخلفا بعيدا عن التطور والرقي، الا ان هذه الانظمة عجزت عن  انسلاخه من هويته القوميه وفشلت في ان تلغي تشبثه بارضه ووطنه. فلهذا كلما اتيحت له الظروف والفرص وقف بوجه عدوه معلنا عن مقاومته من خلال الانتفاضات والاحتجاجات والمظاهرات طوال هذه السنين العجاف واما انتفاضة نيسان المباركة ما هي الا تتويجا لهذه المقاومة الباسله.

كما ان هناك شعوب أخرى في ايران تناضل من اجل حقوقها المشروعه التي سلبت منذ تشكيل الدوله الفارسيه الحديثة علي يد رضا شاه المقبوروهي  تسير في نفس الاتجاه الذي يسير فيه نضال  شعبنا  لكنها لم تستطع هي الاخرى ان تنتصر علي عدوها و تحقق اهدافها لوحدها.

ومن اهم الاسباب التي امكنت الدوله الفارسيه من التصدى لكفاح ونضال هذه الشعوب واعاقته وجعله يتقهقر او يتراجع بين فترة واخري هو تجاهل الطلائع والنخب لاهمية  تشكيل جبهه مشتركه من اجل توحيد  النضال  ضد العدو المشترك. اذ يتطلب من النخب والطلائع في كافة التنظيمات القوميه الوقوف على اهمية هذا التحالف الذي من شأنه ان يأتي بالحل الامثل دون غيره من الحلول ولبلوغ هذا الأمروتحقيق هذه الغاية يتوجب على هذه التنظيمات والطلائع والنخب  توحيد صفوفها و تظافرجهودها وتوظيف طاقاتها لمواجهة هذا العدو الذي يمتلك جميع الامكانيات التي تمكنه من قمع هذه الشعوب عندما يستفرد بها، فلذا قد يصعب مواجهة ومقارعة هذا العدو والانتصار عليه الا من خلال بلورة وتأطير النضال المشترك ضد العدو المشترك.

فانطلاقا من هذا المفهوم وايمانا منا بمبادئنا وتأكيدا علي التزامنا بالثوابت الوطنيه ونتيجة لاستقراء موضوعي لمجريات الأمور، قمنا نحن كتنظيم سياسي وعلي اساس برنامج الحد الادني مع عدد من التنظيمات السياسيه التابعة للشعوب غيرالفارسيه بتأسيس مؤتمر شعوب ايران الفدراليه وهذا لم يأت من فراغ بل فرضته علينا الضروره التاريخيه والمعطيات والمتغيرات  الداخليه والاقليميه والدوليه من جهه  والتزامنا ببرنامجنا السياسي والذي ينص ويؤكد علي ان نضال شعبنا العربي في الأهوازهو جزء من النضال المشترك للشعوب في ايران من اجل السلام والديمقراطيه والحريه والعداله الاجتماعيه من جهه اخري  ثم ان هذه الشعوب التي تتعرض للاضطهاد القومي ذاته الذي يعاني منه شعبنا تشكل حليفا طبيعيا لنا وبالتالي فاننا نقف معها ومع حركاتها النضالية في خندق واحد لمقارعة النظام الشوفيني الفارسي وممارساته القمعيه والعنصريه والاستبداديه.

وتأكيدا على اهدافنا الساعيه لبناء علاقات وثيقة وعملية بين الحركة الاهوازيه وسائر الحركات السياسيه التقدميه خاصة تلك المتعلقه بالشعوب المضظهده في ايران والتي تجمعنا بها اهداف وطموحات مشتركه  ومن اجل ترجمة هذه الاهداف والطموحات الى واقع ملموس فقد ساهمنا الى جانب هذه الاحزاب والحركات القومية في بناء هذا الائتلاف الذي يسعي لأقامة  نظام فيدرالي علي اساس قومي جغرافي يعترف بحق تقرير المصير للشعوب المضطهده والمغلوبة علي امرها لاسيما وانها تشكل 65% من مجموع السكان في ايران ليصبح بديلا مناسبا للنظام الحالي .

أما الفيدراليه التي نطالب بها هي في واقع الأمرتنوي القضاء على فكرة الدوله الواحده التي تمثل الأمة الواحده وهذا يعني نفي دوله الامة الفارسيه واستبدالها بدولة اخري مغايره تماما للدوله التي تستعبد الامم او الشعوب الاخرى. دولة تضمن حقوق اي شعب من هذه الشعوب علي ارضه وتجيز حق سن القوانين التي تتناسب مع خصوصيات اي شعب من هذه الشعوب وتتقاسم الخيرات الماديه فيها بشكل عادل وتشارك جميع الشعوب في السلطة السياسيه وتحويل النظام المركزي الى آخر لامركزي يصون الحقوق المشروعه لكافة الشعوب التي تدخل ضمن اطار النظام الفدرالي او الاتحادي.

فمن المؤكد ان الفيدراليه هي شكل من اشكال أنظمة الحكم السياسية المتنوعه لادارة الشؤون الاجتماعيه، ويتم تشكيل هذا النوع من الحكم بواسطة الشعوب الراغبه بالاتحاد مع الشعوب الاخري علي اساس المصالح المشتركه وتطبيق شعار اللا مركزيه وتقسيم السلطة والحكم تقسيما عادلا،  فمثل هذه الحكومات التي تتمتع بقوانينها الخاصة و بمكونات شعوبها يربط فيما بينها  دستور يدون ويتفق عليه  من قبل الشعوب المعنية بهذا الاتحاد ويمثل أرادتها الحرة ويحافظ على  الهويه القوميه وخصوصيات كل شعب في اطار الدوله الاتحاديه او الفيدراليه وهذا ينبعث من قناعه ورضى الشعوب المكونة للفيدراليه.

توجد هناك أربع قوى ريئسيه تقف بشدة بوجه هذا المشروع الذي يصب في صالح الشعوب التي تسعى لتغيير الواقع المرير التي تعاني منه حاليا في ايران :

الاولى – نظام ولاية الفقيه الذي  يعتبر المانع الاساسي لاقامة نظام ديمقراطي اساسه الفدراليه العرقيه والقوميه.

الثانية – الجبهه الوطنيه الايرانيه التي تتكون من عدة أطياف و تنظيمات وفئات شوفينيه فارسيه ومن ضمنها الفئات المعروفة في ايران بالتيار الوطني- الديني.

الثالثة – الملكيين بكل تياراتهم بما فيهم الملكيين الدستورين.فهؤلاء جميعهم  يقفون صفا واحدا ضد الاصوات التي تنادي بالتغيير لانهم مدركين تماما خطورة قيام نظام فدرالي يسعي لازالة فكرة دوله واحده لامة واحده تسيطر علي باقي الامم و الشعوب في ايران.

 الرابعة – هي الاحزاب والتنظيمات اليساريه التي تسير علي النهج الشيوعي والاشتراكي والتي لها مواقفها ومشاريعها السياسيه لما بعد النظام الحالي وهي ايضا تري النظام الفدرالي يحول دون وصولها الي اهدافها وبالتالي تقف في موقف مضاد منه.

ولكن بالرغم من كل هذه العراقيل وكما ذكرت في بداية الحديث أنطلاقا من تفهمنا للظروف  التى نعيشها والاوضاع السياسيه التي تحيط  بنا نؤكد على أمكانية  تحقيق  أهدافنا لأنها مشروعة وحقة ولهذا السبب تؤيدها كافة الأوساط الدولية، والجدير بالذكر ان هناك تنظيمات وقوي في المعارضه الايرانيه بدأت تتفهم وتقتنع بما نطرحه من حلول مناسبة لمعالجة الاوضاع الشائكه والمعقده في ايران وخاصة وان المطالبات القومية المشروعة لدي ابناء هذه الشعوب باتت تأخذ منحا تصاعديا يوما بعد يوم  مما أدت الى تفهم البعض لشعار الفيدراليه وقبوله.

ومن اجل ذلك كله ثمة خطط ومشاريع لمؤتمر شعوب ايران الفيدراليه لتثبيت هذا الحق وانتزاع الاعتراف به من جميع المؤسسات الدولية وفي مقدمتها منظمة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها والبرلمانات والاحزاب الكبري في اروبا وكذلك القوى المحبة للعدل والسلام في العالم.

عدنان سلمان

امين عام حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي