27/04/2024
السيد جابر أحمد

السيد جابر أحمد

المظاهرات التي اندلعت في اغسطس من العام الماضي ضد حكم نظام ولاية الفقيه الدينية في إيران، لا تزال مستمرة رغم جميع الإجراءات القمعية التي اتخذها هذا النظام ضد المتظاهرين.
لكن ما يثير الاستهجان ان عدداً من النفعيين والانتهازيين والرافضين للتنوع القومي في ايران من أنصار الاستبداد , وبسبب انتماءاتهم الطبقية الاجتماعية , يحاولون تجيير هذه المظاهرات لصالحهم، وذلك من خلال الدعوة المشبوهة لمبايعة ابن الشاه السابق ( رضا محمد رضا بهلوي) وتأجيل ما تبقى من قضايا سياسية الى ما بعد سقوط النظام واعادة الاسرة البهلوية الى الحكم, ناسين ان الشعوب في ايران يشكلون اليوم 60 ٪ من عدد السكان، كما ان جرائم هذه الاسرة بحق هذه الشعوب لاتزال ماثلة للعيان .

ان الدعوات التي تدعو الى مبايعة ابن الشاه تذكرنا بالدعوات السابقة التي مهدت الطريق للخميني في ركوب انتفاضة الشعوب الإيرانية ضد نظام الشاه الاستبدادي قبل أكثر من أربعة عقود.
ورغم ان جرائم هذا النظام واضحة و تقبح وجه التاريخ، الا ان ابن الشاه المقبور” ولي العهد ” , لم يقدم حتى الآن اي اعتذار عن الجرائم التي ارتكبت في عهد أسرته بحق شعوب إيران. كما أن الداعين إلى مبايعته يرون أن مناقشة هذه الأمور يمكن أن تتم بعد الاطاحة بنظام “الجمهورية الإسلامية”، وهذا يذكرنا بما حدث عام 1979 حيث تم الاتفاق على قبول قيادة الخميني التي آلت الى قيام حكم ديني استبدادي قل نظيره في التاريخ.
و إذا ما نظرنا إلى نسيج التنوع القومي في إيران، فإننا نرى ان الآذريين لا يزالون يتذكرون إعدام رموزهم الوطنيين الذين أعلنوا عن تشكيل جمهورية أذربيجان الديمقراطية، وكذلك يتذكر الأكراد إعدام رموزهم الوطنيين الذين أعلنوا تشكيل جمهورية مهاباد الوطنية. أما نحن العرب فقد أُحتلت أراضينا احتلالاً عسكرياً من قبل جده المقبور رضا بهلوي في نيسان 1925، وقام بقمع انتفاضات شعبنا الواحدة تلو الأخرى، بالإضافة الى تهجير أكثر من 15 ألف أسرة عربية إلى شمال إيران، ناهيك عن ممارسة أبشع انواع الاستبداد تجاه شعبنا وشعوب إيران الأخرى.
من هذه الوقائع المريرة والواضحة للعيان، فإننا ندين، اي دعوة لمبايعة سليل هذه الأسرة الاستبدادية المجرمة، وعلى القوى الوطنية والديمقراطية المعارضة للاستبداد الديني، أن تعين برنامجها السياسي، على ضوء الوقائع التاريخية والتنوع المجتمعي القومي في إيران، كما أنه عليها اعادة النظر بتعريف ما يسمى بـ “الدولة الأمة الإيرانية الحديثة ” القائمة على مجموعة أركان منها: تاريخ ايران القديم، واللغة الفارسية، والعرق الاري ومعادات العرب والنزعة التوسعية والعنف. فهي دولة دكتاتورية بامتياز من جهة، وعنصرية تتجاهل التنوع القومي في إيران من جهة أخرى.
من هنا فإن اي دعوة لإسقاط النظام الحالي وإقامة بديل له لا اتأخذ بعين الاعتبار هذه الحقائق، ولا تدعو إلى التنوع القومي ومراعاة حقوق الإنسان، وحق تقرير المصير للشعوب – وذلك من خلال إقامة نظام فدرالي ديمقراطي في إيران- مرفوضة جملة وتفصيلاً.
كما أننا ندين اي دعوة من إي جهة، لمبايعة سليل الاجرام لان اي دعوة تتجاهل هذه الوقائع التاريخية هي دعوة لاستمرار الدكتاتورية و الاستبداد .

جابر أحمد