06/05/2024

عمار تاسائي
إن الثورة التي اندلعت في خريف 2022 في إيران، وضعت النخب الاهوازية أمام تحدي كبير مفاده أن هذه المجموعات والأشخاص هل يستطيعون الوصول الى خطاب موحد في مواجهة الآخر الذي يسعى بكل أطيافه وبشتى الطرق الوصول الى السلطة.
لا شك أن هذه الثورة التي بدأت شرارتها بمقتل الشابة الكردية جينا أميني على يد شرطة الأخلاق، أن لم تسقط النظام، فأنها سوف تترك تصدعات كبيرة في هيكل النظام الإيراني الذي أنهكته العقوبات الاقتصادية والفساد المستشري بين مسؤوليه وأيضا تعنته في سياسته الخارجية.
وكما هو معرف فان العد التنازلي لسقوط الأنظمة الشمولية والدكتاتورية يبدأ مع وصولها للسلطة، فسقوطها محتوم لامحالة إلا إذا قامت بإصلاحات جذرية تعالج التراكمات التي تحصل وتُنفس عن الاحتقان الذي ينجم عن انفرادها بالسلطة، ورأينا أن النظام الإيراني جرب الإصلاحات، ولكنه بسبب تزمته واستبداده لم يحتمل تبعاته واضطر الى إجهاضه قبل أن يخلف المشروع أي إنجازات حقيقية.
وأما اليوم لم يبق هناك أي شك أن نظام جمهوري إسلامي سيسقط وأن سقوطه يبقى مسألة وقت لا غير، ولذلك على النخب الاهوازية أن تستعد من الآن للمرحلة القادمة، فكما هو معروف أن أي حل يأتي بمشاكل جديدة ومن نوع آخر، وأن سقوط النظام الإيراني سوف يجلب معه تحديات ومشاكل ربما تكون اكبر مما نشهد اليوم. وسقوط النظام لا يعني حصول معجزة تنهي المشاكل، أنما انه بداية المشاكل، خاصة وأن نحن الاهوازيون نُعتبر الحلقة الأضعف في مجموعة القوى السياسية الموجودة على الساحة، فلا كالفرس بيدنا الحكومة المركزية، ومثل الأتراك لدينا تجار وراس مال وثقل سكاني ولا كالأكراد نمتلك مليشيات مسلحة جاهزة للسيطرة على المناطق الكردية. ولذلك علينا أن نعد العدة جيدا ونفكر في حلول منطقية وعقلانية يمكننا تنفيذها بالإمكانيات الموجودة ونبتعد عن الأوهام والأحلام والعنتريات التي لا يوجد سبيل لتنفيذها، وذلك من منطلق أن السياسة فن الممكن لا المستحيل وأن السياسة هدفها الوصول الى السلطة وتحقيق مطالب الشعب، جزئيا أو كليا حسب الظروف المحيطة والإمكانيات الموجودة. وإذا كان الرجل السياسي أو المجموعة السياسية، لا يمتلكان أي أدوات ضغط أو قوة، الناعمة أو الصلبة، فان وجودهما وعدمه سوى لان لا أحد يعير أي اهتمام للضعيف الذي لا يملك أوراق كافية في لعبة السياسة، وهكذا فان صاحب السياسة هذا لا يستطيع أن يحقق أي شيء ولذلك يتوجب عليه معرفة إمكانياته والعمل على تقويتها واختيار مطالبه بدقة بناءً على العقلانية لا رجما للغيب أو الهرولة وراء أحاسيس سرعان ما تتبخر مع الاصطدام بأول عقبة! فان السياسي ليس شاعرا أو فنانا، حتى ينتقي كلمات حماسية ويقول ما يريد قوله، وعليه أن يزن ويقيس كل شيء بدقة حتى لا يخسر في النهاية لان المرحلة القادمة أي ما بعد النظام الحالي، سوف تشهد صراعا على السلطة أكثر ضراوة من ذلك الذي حصل في السنوات الأولى لثورة 1979 وذلك سببه الوعي المتزايد لدى الجماهير و سرعة انتقال الأخبار والمعلومات وأيضا ما خلفته سنوات حكم النظام الإيراني من مشاكل وفجوات عميقة داخل أوساط مجتمعات الشعوب الإيرانية بالإضافة الى الفقر المدقع الذي يرزح تحته ملايين من أبناء الشعوب الإيرانية.