ساحتنا الأهوازية، مثلها مثل الكثير من الساحات الأخرى للشعوب التي تعاني مما نعاني منه في إيران، فيها السلبيات والإيجابيات، والنجاحات والإحباطات، والإنجازات والإخفاقات، ولكن علينا جميعا أن لا نتوهم بأننا نمتلك الحقيقة المطلقة في التعاطي مع قضية بحجم قضيتنا الدقيقة والحساسة على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي، كما لا يمكن لأي جهة منا أن تظن بأنها تتمتع بالقوة التي تأهلها لحمل ثقل قضيتنا لوحدها دون الآخرين.
فمن هذا المنطلق، أكد حزب التضامن مرارا ويؤكد تكرارا على الموضوعية كأساس لمنهجه العملي، وهذه الموضوعية ليست بنية التنازل عن الأهداف أو الطموحات، بل هي في إطار قبول الواقع وذلك بتصرف موضوعي، بغية تغييره إلى الأحسن في الوقت المناسب، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق بواسطة الحزب وحده، في حين بعض الأخوة يرى في هذا النهج نوع من التراجع أو تخاذل أو تخلي عن شعارات سابقة للحزب، بتاتا فأن الأمر ليس هكذا، بل نحن نعتقد بالعمل وفقا للسياسة التي يطلق عليها “فن الممكن”، بعيدا عن الشعارات العاطفية التي تحول دون إجتيازنا منعطفات دقيقة وحساسة وصعبة للغاية.
لذا نؤكد للأخوة الناقدين بإخلاص، والمسائلين بنية صادقة، بأننا لم نعلن في أي إجتماع بالمعارضة الإيرانية، بأننا تخلينا عن حق تقرير المصير، ولكن عندما ندخل في حوار أو إئتلاف الحد الأدنى مع أي جهة، لا يعني ذلك التخلي عن المبادئ التي قد نختلف حولها مع الأطراف التي نتحالف معها، لماذا؟ لأن في حالات التوافق حول الحد الأدنى، تكون الأطراف قد دخلت في تحالف تكتيكي حسب متطلبات المرحلة ولأهداف مرحلية، وفي هذه الحالة قد يحتفظ كل طرف على المبادئ التي يؤمن بها، دون التنازل عنها إلى أن يجتاز الجميع مراحل متقدمة، وحينها لكل حادث حديث، ونحن لم نغير في وثائقنا الرسمية أي هدف من أهدافنا.
الحزب لم ولن يشارك في أي مؤتمر أو تحالف يطالبه بالتخلي عن حق تقرير المصير، لذا لو كنا قبلنا بذلك لظهر في البيان السياسي للحزب، لذا فان الأمر واضح تماما ولا يحتاج تأويل وتفسير أكثر من قبلنا.
أما بخصوص إستخدامنا مسمى الاهواز، يرى بعض الأخوة بأننا وحدنا نستخدم هذا الإسم، بالرغم من أن شعبنا في الداخل وجميع أجدادنا وجداتنا فقد إستخدموا إسم الأهواز، ويزعم بعض الاخوة أيضا بإننا نعادي من يستخدم إسم الاحواز! هذا إتهام غير صحيح جملة وتفصيلا! ونحن نكرر إحترامنا لمن يستخدم إسم الأحواز، ولكن نحن نتبنى الإسم المسنود بالتاريخ والأدب العربيين، وهو إسم عربي تعود جذوره للعيلاميين، وجاء على لسان الخليفة عمر إبن الخطاب، وطفاحل الشعر العربي من قبيل جرير والمتنبي، والصحابي الأسود إبن سريع، وفي أغلب إمهات الكتب الرحالة والجغرافيين العرب والنقود الذهبية والفضية الأموية والعباسية، كما لم يُذكر إسم القاهرة والرياض وبيروت وعواصم عربية أخرى في الوثائق التاريخية العربية، بقدر تكرار إسم “الاهواز” نظرا لأهمية إقليمنا الإستراتيجية والتاريخية والإقتصادية خلال الخلافتين الأموية والعباسية وبعدهما، لذا فأن التنازل عن هذا الكم الهائل من المستندات الموثقة، رغم كل هذه المدلولات التاريخية، والإعلان بسذاجة بأنه إسم فارسي، قد يشكل ذلك خدمة مجانية للشوفينيين المعادين للعرب، الذين سوف يدعون بأن إسم الأرض في كل كتب التاريخ العربية هو “الأهواز” وأنتم تقولون بأنه فارسي، لذا هذه الأرض أيضا فارسية!. على هذا الاساس فأن تمسكنا بهذا الإسم المسنود، لا يعني معاداة إسم الاحواز بتاتا ومطلقا، بل نرى بأن الحفاظ على هذا الإسم الأهواز التاريخي، يعتبر واجب وطني حتى من قبل الأخوة الذين يتستخدمون إسم الأحواز، في النهاية نؤكد بأننا نقبل بالقرار الذي يتخده الشعب بخصوص الإسم، لأنه هو المصدر الأول للتشريع الذي يحدد مستقبل الوطن وإسمه وخارطته النهائية وعلمه ونشيده.
أما بخصوص المطالبة بالإستقلال والإنفصال، أكد الحزب وكرر مرارا تأكيده بأننا لسنا ضد طرح هذا المطلب، لأنه يعتبر طرحه مطلبا سياسيا وفقا للأسس الديموقراطية، وليس جريمة، كما يحاول الشوفينيون إظهاره، كما أن الحزب لم ولن يستخدم الفدرالية كورقة ضد الإستقلال أو ضد من يطالب بالإستقلال، هذا موقف واضح وصريح وأظهر من الشمس، ولكن في نفس الوقت، نرى بأن المرحلة ليست مؤاتية والظروف ليست ملائمة للمطالبة به، كما أن القرار بهذا الشأن يعود للشعب نفسه، ولكن كحزب نرى في الفدرالية الحل الواقعي والموضوعي للحقبة الزمنية المقبلة، إنطلاقا من الواقع المرير ونظرا للظروف المعاكسة للحلول الأخرى التي الإصرار عليها الآن وبالشعارات العاطفية والتحركات المثالية، دون وجود آليات لتحقيقها، قد تزيد من الإحباط والياس على الساحة، وقد تضيع علينا فرص لا تتكرر غداة أي تحول أو تغيير في إيران، وبما إننا نعتقد من الضروري أن نكون جزء من الحل المستقبلي وفقا للأخذ والعطاء ضمن الأهداف التي نؤمن بها، في الوقت نفسه نشدد على أن حزب التضامن لا يمكنه لوحده أن يحقق ذلك بمعزل عن الشعب، ودون التلاحم مع جميع القوى المؤثرة على الساحة.
أما موضوع مهم آخر، يخص علاقاتنا بالتنظيمات والأطراف الأهوازية-الأحوازية-العربستانية الأخرى، فإننا نؤكد بأننا نقف على مسافة واحدة من الجميع، ولن ننجر إلى صراعات جانبية مع جهة ضد الأخرى، ونحن مستعدون للحوار مع جميع الأطراف الحقيقة والمؤثرة على الساحة دون إستثناء، وذلك للعمل في إطار الحد الأدنى خدمة لقضيتنا، لذا لو إتصلنا بأي طرف أو بأي جهة، فهذا لا يعنى بأننا إتفقنا مع هذا الطرف أو هذه الجهة ضد ذاك الطرف أو تلك الجهة المنافسة أو المعارضة للأولى، والعكس هو الصحيح.
وطلب الحزب من جميع الأعضاء والمناصرين تجنب الدخول في النقاشات البيزانطية العقيمة مع أطراف أو جهات أهوازية-أحوازية أخرى والإبتعاد عن الإنضمام إلى دوامة مليئة بالتهم والشتائم والسباب وتحقير الآخر بلغة لا تخدم قضيتنا، لا وبل تضرها وتجعلنا في موقف يسخر منه الآخرين خارج الساحة الأهوازية.
أما بخصوص ما يجري في المنطقة، واضح بأنها تمر بمرحلة في غاية الدقة والحساسية نتيجة للتدخلات الإيرانية من لبنان إلى اليمن مرورا بسوريا والعراق وعلينا أن نستعد لأي طارئ على هذا الصعيد، وداخليا علينا الإستعداد للإنضمام كأهوازيين إلى أي عمل معارض وصولا للعصيان المدني ولهذه الغاية من الضرورة بمكان الإهتمام بالطبقات المؤثرة والفاعلة التي تعلب دور مصيري في رسم مستقبل شعبنا وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين والموظفين الصغار ودفاعنا عن العدالة الإجتماعية التي بدونها لن تتحقق أي حقوق قومية ووطنية.
و في هذه الايام يثور عمال صناعات قصب السكر في القوماط، الذين يشكل العرب أغلبيتهم ويقولون الكلمة الأولى في إيران برمتها، وإلى جانبهم عمال صناعات الصلب والحديد وصناعات النفط، هؤلاء سيحملون معهم نبراس التغييرات والمطالبات الحقيقية التي تخيف النظام، لذا علينا أن نتعاطف معهم دون أن نفرض عليهم شعارات قد تتحول إلى ذريعة بيد النظام لقمعهم.
وينبغي على التنظيمات المزيد من الإهتمام بشؤون المرأة بصفتها نصف المجتمع، والمساهمة في محاربة بعض العادات والتقاليد التي تعارض حقوق الإنسان والمبادئ الدينية، كما لن تنتصر أي حركة ولن تتحق أي أهداف دون مساهمة المرأة التي تريد ضمانا لإلغاء القوانين المجحفة بحقها.
وفي الوقت الذي نقدر جميع القبائل في منطقتنا دون إستثناء أو تفضيل إحداها على الأخرى، فإننا نطالب جميع أبناء شعبنا بالإبتعاد كل البعد عن النزعات القبلية، حيث هذه النزعات من شأنها إشعال نيران الخلافات الداخلية والحؤول دون بلوغ مراحل متطورة من الوطنية الجامعة للجميع بكافة قبائلهم، لذا هناك فرق شاسع بين كون الشخص ينحدر من قبيلة محددة، والشخص الذي يحول هذا الأمر إلى وقود للصراعات القبلية المشؤومة.
ويجدد الحزب رفضه للنزعات الطائفية ويحترم كافة المذاهب والأديان ويرى بأن النظام هو المستفيد الأول من الصراعات الطائفية ويؤكد كما جاء في البيان السياسي للحزب على فصل الدين عن الدولة حفاظا على الدين.
ونحن نعتقد أن النظام الإيراني يقترب من مصيره المحتوم، ولكن التغيير الحقيقي لن يأتي بالتمني، ونحن الأهوازيون لا يمكننا إحداث أي تغيير لوحدنا، لذا علينا الدخول في تحالفات مع تنظيمات سائر الشعوب غير الفارسية وتنظيمات الشعب الفارسي الذي تعترف بحقوق الشعوب وحتى التنظيمات التي تتدعي بأنها لا تخص أي شعب دون الآخر، وذلك لكي نحافظ على مكانة شعبنا المصيرية وأهمية إقليمنا الإستراتيجي على خارطة التحولات المقبلة.
حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي – عربستان