تفائل عرب الأهواز خيرا بقيام الثورة الإيرانية عام 9191 ظنا منهم أنها ستنصفهم عما عانوه على مر السنين ، وما وقع عليهم من الظلم والجور في الحقبة الشاهنشاهية ، تلك الحقبة القاسية التي جعلت العرب يشعرون أن الحياة مظلمة قاتمة ، وأن هذا الفضاء على سعته وانفراج ما بين أطرافه أضيق في عيونهم من ِك َّفة الحابل ، ولذلك فقد ساهموا بشكل ملحوظ في هذه الثورة ، وكان لهم بالغ الأثر في انتصارها ، ولكن خاب ظنهم فما أن وضع القائمون على هذه الثورة اقدامهم على الأرض الصلبة حتى تنكروا لكل الوعود والعهود التي اقتطعوها بإرجاع الحق الى أصحابه ، وجحدوا فضلهم ودورهم في نجاح الثورة ، وأظهروا لهم ما أضمروه في سالف الأحقاب ، والغريب ليس ذلك فحسب ، وإنما في سرعة نسيانهم للجميل وعودتهم لسيرة سلفهم بل أشد قساوة ومرارة منهم في سوء معاملتهم وصار لسان حالنا يقول: يا ليت جور بني مروان دام لنا، وليت عدل بني العباس في النار.
فقد أصبح عهدهم عهدا حافل بالظلم ، متسما بالرعب والاستبداد ، ولم يكن ليجرأ أحد على الاعتراض على سياساتهم، ومن يفع لذلك يعِّرض نفسه لخطرالسجن إن لم يكن القتل، وقدكان ذلك سببا كافيا
للعقوبة ، هذا من ناحية . ومن ناحية أخرى فعرب الأهواز رغم ما يمتلكون من الثروات الطبيعية الهائلة والخيرات الظاهرة فوق الأرض ، وتلك الكامنة في باطنها ، فقد تحولت هذه الثروة الى مصدر معاناة لهم ، فمن جهة يتحملون وطأة التلوث البيئي الناجم عن عمليات الحفر والتنقيب عن النفط والغاز ، ومن ناحية أخرى صارت هذه الأموال تغري الأجهزة الأمنية التابعة للسلطات أكثرعلى سحق أي مقاومة في المنطقة ، وصارت الثورة رغم أنف الشعب المنهوب تغدق بثرواته على أذنابهم وعملئهم في لبنان وسورية واليمن والعراق وفي كل بلد تصل له أيديهم ، وأشبعوا العرب فقرا وبددوا أموالهم ليحققوا أحلمهم التوسعية ، ويشبعوا رغباتهم ويصدرون ثورتهم وأفكارهم التوسعية ، التي صفق لها من صفق ، وصدق بواقعيتها من يمشون في هواهم ويدورون في فلكهم ، وبقى الشعب يكتم في نفسه حتى طفح الكيل ، وبلغ السيل ال ُزبى ، ولم يبق في قوس الصبر منزع ، وعندما نهضوا يطالبون بحقوقهم المسلوبة وكرامتهم المهدورة ، عندها أزال – مرشدهم الاعلى ولي أمر المسلمين والقائد والإمام كما يلقبونه – القناع عن وجهه ، وراح يذيق الشعب – ولا أقول شعبه – من ألوان العذاب فنونا وفنونا ، مستعينا بمرتزقته والمؤيدين له ، الذين لا مطلب لهم إلا دوام ظل سيدهم العظيم على رؤوسهم ولو فنى الشعب بأكمله ، ولكن هل سينجون أم ستبقى النار تحت الرماد؟
للحديث صلة إن شاء الله تعالى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوعلي الباوي