عندما يتأمل الإنسان معاناة العرب في الأهواز المحتلة ويقارنها بما يجري على أبناء جلدتنا في أرض الله الواسعة يجدها لا تقل فداحة وإيلاماً ، بل وتفوقها في كثير من الأحيان ، إن الثائرين في العراق ضد الفساد والظلم والهيمنة الفارسية عليهم وجدوا مساندة اعلامية وتعاطفا دوليا وإدانة من المنظمات العالمية ، وهكذا الوضع في لبنان حيث وجدوا المساندة سواء من الشعوب الحرة أو من الحكومات ، لأن الإعلام يسلط الأضواء على معاناتهم . ولكن يا أسفي علينا فإن قضيتنا أصبحت نسيا منسيا فلا الإعلام يشير إليها ولو بخجل ، ولا المنظمات الدولية والأمم المتحدة تهتم بها، والسبب – قاتل الله السبب – هو شدة جبروت النظام الفاشي العنصري في إيران ، فبالكاد نسمع عن تعاطف مع قضيتنا وكأننا نعيش في كوكب آخر ، فأصبح النظام الفاشي لا يرعى فينا إلاً ولا ذمة ، فهاهم يرتكبون المجازر الوحشية بحق العرب ولا من مندد لهؤلاء المجرمين ، وهذا الصمت الغريب والمريب ساهم في تشجيع الطغمة الفارسية أكثر فأكثر.
نعم صحيح أن قتل المتظاهرين في شوارع المدن هو تعريف مألوف ، لكل من الجمهورية الإسلامية وربما للشعب عموما ، وأصبح من الطبيعي في إيران قتل المتظاهرين وقمعهم ، ولكن ما حدث مؤخرا من مذبحة في مدينة معشور لأمر يرقى الى مستوى جريمة بحق الانسانية ، فإن مثل هذه الكارثة يجب أن لا تمر مرور الكرام ، وإنما ينبغي أن تجذب المزيد من الاهتمام ، ما يستدعي متابعة هؤلاء القتلة ومحاسبتهم دوليا ، لقد تم قمع الاحتجاجات في هذه المدينة بأكثر الطرق عنفًا حيث سحقوا المنتفضين بكل وحشية ، مستخدمين الدبابات والمدافع الرشاشة في الشوارع ، وعندما فر الناس من بطشهم وفتكهم الى حقول الجراحي تتبعوهم وتم قتلهم بكل وحشية حيث بلغ عدد القتل أكثر من مأة شهيد .
مثل هذه الجريمة لم ترتكب حتى في أعنف وأسوأ الأنظمة الديكتاتورية في العالم ، ولكن ماذا نقول وهذا هو واقعنا مع هذا النظام الجائر المستبد ، يقتلون الرجال ويهلكون الحرث والنسل ويروجون المخدرات في أوساط الشباب للقضاء على روح الحرية والكرامة التي تسري في نفوسهم ، والناس تضج وتعج ولا من مجيب لصرخاتهم ، وكما يقول الاديب :
ظلم وتهميش وقلة ناصر فكيف يكون الحال والجرح غائر
ولكن هيهات هيهات فإن لكل ظالم نهاية ، وبئس الحاكم من اقتات على دماء ودموع شعبه ، نحن لا
نخشى من الموت ، بل إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة ، ولكن الذي يؤلمنا ويحز في نفوسنا أن هذا الظلم والقتل يرتكبه الجلاد باسم الدين والدين منهم براء ، بينما الضحية يستصرخ الأحرار في العالم ولا يجد ناصرا له ، ناهيك عن حصار الأحياء ومصادرة ممتلكات الأهوازيين وأراضيهم ونهب ثرواتهم ، بل وصلت الدناءة والخسة بحكام إيران إلى تلويث المياه وتسميمها وجعل العرب بين خيارين أحلاهما مر : فإما الصمود في ظل معاناة انتشار وتفشي الأمراض الخبيثة والموت البطيء كما هو حاصل ، وإما الهجرة إلى المدن الفارسية ليتم تذويبهم ومسخ هويتهم القومية . فهل يا ترى محنة تفوق هذه المحنة؟. إن اسرائيل بظلمها وعنجهيتها وشدة بطشها لم تستعمل هكذا خطط قذرة مع الفلسطينيين ، والحديث ذو شجون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوعلي الباوي