كلمة حزب التضامن في مؤتمر التيار الوطني العربي الديمقراطي
(ايران ما بعد حكم الملالي محاولة لقراءة المستقبل)
حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي والمرحلة الدقيقة والحساسة الراهنة
تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات سريعة وحساسة للغاية غيرت الكثير من المعادلات الإقليمية والدولية وأوجدت ظروف قد تكون إيجابية رغم ظاهرها السلبي حيث يمكنها أن تحدث تغييرات جذرية في المنطقة وبالتالي ترفد الشعوب المضطهدة في غيران لتساعدها على إجتياز أزمات معقدة تواجهها.
نحن على يقين أن النظام في إيران يحاول هو الآخر إستغلال هذه الظروف بشكل أو بآخر خدمة لمصالحه التوسعية، حيث تُجَنّد “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” كافة إمكانياتها البشرية والمادية والإعلامية على وجه الأخص لتخرج منتصرة في صراعها العلني والخفي مع العرب تحت غطاء طائفي.
ونظرا لاشتداد خطر النظام الحاكم في إيران من الضروري أن تقوم الدول العربية ولاسيما تلك المستهدفة من قبل إيران وبالتحديد الخليجية بالعمل على خلق توازن استراتيجي مع النظام الحاكم في إيران بغية تغيير المعادلة الراهنة التي تسمح لطهران التدخل في كل صغيرة وكبيرة في العالم العربي .
ومن أوجه هذا التوازن هو مد الجسور مع المعارضة الإيرانية الحقيقية بكافة أطيافها وعلى وجه الأخص تنظيمات الشعوب المضطهدة في إيران حيث وحدة وتنسيق هذه الشعوب هو الضامن الوحيد للتخلص من النظام الحاكم في إيران.
ومن خلال إلقاء نظرة إجمالية بإمكاننا تقسيم المعارضة الفاعلة على مجموعات مؤثرة وهي أحزاب التظيمات العامة والحركة النسوية والحركات القومية للشعوب غير الفارسية بالإضافة للحركات الطلابية والعمالية.
وفي هذا الخضم بات من المؤكد أن دور الحركة الخضراء قد إنتهى ولم تعد هناك ثُنائية الإصلاحيين-المتشددين كما كانت عليه في العقدين الماضيين وهذا ما أثبتته الإحتجاجات الشعبية العارمة التي عمت مختلف المدن الإيرانية في نهاية 2017 ومطلع 2018، حيث تجاوز الشارع الإيراني بمجمله هذه الثنائية وأثبت أن خطاب الإصلاحيين هو في واقع الأمر لا يختلف عن المتشديين في إستراتيجية الحفاظ على نظام شديد المركزية والخلاف بينهما ما هو إلا خلاف تكتيكي.
داخليا فقد إتضح لغالبية الجماهير في إيران وخاصة لأبناء الشعوب المضطهدة غير الفارسية، مدى قدرة الاصلاحيين على ايجاد تغيير حقيقي وقد أثبتت التجارب بأن تداول الحكم داخل السلطة الإيرانية لم يترك أي تأثير على ظروف الشعوب ولا يرتقي حتى إلى مستوى تحقيق الحد الأدنى من مطالبهم.
ومن ناحية أخرى ومن الناحية الخارجية فإن السياسة التوسعية للنظام الإيراني في المنطقة لن تتغير مهما تداول التياران الاصلاحي والمحافظ الحكم في البلد حيث أن المشروع الاصلاحي يبحث هو الآخر عن مصالح للنظام أبعد بكثير من حدود إيران الجغرافية ولكن يختلف هنا أيضا مع التيار المتشدد في السياسة الخارجية التي يتبناها لأنها لا تضمن المصالح الإيرانية كما ينبغي.
وفي هذا الخضم نعتقد نحن في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي أن حركة الشعوب غير الفارسية التي تحيط بالبلد المترامي الاطراف، القوة الوحيدة التي يمكنها أن تلعب دورا بارزا في توحيد المعارضة التقدمية الإيرانية التي تعترف بحقوق الشعوب في جبهة واسعة وبذلا جهودا حثيثة على هذا الصعيد من خلال المساهمة الفعالة في إنشاء “مجلس المطالبين بالديمقراطية في إيران” الذي يضم احزاب للشعوب غير الفارسية إلى جانب قوى فارسية تعترف بحقوق الشعوب وترفض المركزية.
ونحن على يقين أن تغيير النظام لا يتهم إلا عبر جبهة واسعة تشمل الجميع حيث منذ قيام نظام الجمهورية الاسلامية إلى الآن فشلت جميع الحركات المنفردة لكن المرحلة الراهنة تقضي بضرورة الاستمرار في النشاط السلمي الجماعي لتحقيق ما تطمح اليه الشعوب المختلفة في البلاد ونحن في حزب التضامن لعبنا دورا بارزا في منذ عقد من الزمن لخلق مثل هذه الجبهة وكان أولها “مؤتمر شعوب إيران الفدرالية”.
نحن على ثقة إن الحركات الإحتجاجية المماثلة للشعوب في إيران تؤكد بأن هذه الشعوب باتت تتمتع باليقظة والرؤية العميقة حيث أنها تعرف بأنه لا عودة عن الطريق الذي تسلكه لتحقيق مطالبها الطبيعية وانها لن تتخلى عن نضالها للوصول إلى حقها المشروع وكان آخرها خروج الشارع العربي الأهوازي بقوة دفاعا عن هويته العربية أمام المحاولات الرامية إلى طمسها وللحيلولة دون محو وجوده كشعب عريق يحمل طموحات لابد وأن يحققها.
ونريد أن نوضح نقطة للجميع ودون تجامل وهي إننا في حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي لسنا ضد من يطالب بالإستقلال بل نعتبر هذه مطلب سياسي وليست جريمة كما يحاول البعض إظهارها ولكننا في الوقت نفسه نعتقد بأنه نظرا لعدم اعتراف الأسرة الدولية بحق الانفصال والاستقلال للشعوب في إيران على المدى المنظور ونظرا لضرورة عدم حرق المراحل أو القفز عليها نتيجة لفقدان أي أرضية قانونية ملائمة لطرح موضوع الاستقلال في الوقت الراهن، وبما أن توازن القوى الداخلية ليست لصالحنا، فإن طرح هذا الخطاب حاليا لا يخدم المرحلة النضالية التي نمر بها وقد يؤدي ذلك إلى تقوية موقف النظام الإيراني للتظاهر بالمظلومية في العالم وتقوية جبهته الداخلية من خلال إظهار حركات الشعوب بالمعادية للأمن القومي، لذا نرى بأن تسوية قضايا الشعوب تأتي عبر إسقاط نظام “الجمهورية الاسلامية” وبواسطة الشعوب جميعها أولا ثم ممارسة الضغوط لخلق تحول داخلي كشرط اساسي للتغيير الديموقراطي من أجل إقامة نظام لامركزي وفدرالي وديموقراطي في البلد كأفضل اسلوب للحكم في إيران بسبب الموقع الجغرافي والظروف الاقليمية والتنوع اللغوي والثقافي والشعبي في هذا البلدمع تأكيدنا على حق تقرير المصير كضمان لعدم عودة الديكتاتورية القمعية والمركزية الشديدة .
نحن في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي نرى بأن الوصول الى الحرية وتحقيق العدالة الاجتماعية والسلم الاقليمي والتعايش السلمي مع دول المنطقة وخاصة دول الجوار العربي على أساس الاحترام المتبادل والمواثيق الدولية وإيقاف المد الإيراني والحد من التحريض الطائفي في دول الجوار وتسوية القضايا العالقة مع كافة الدول، لا يمكن تحقيقها في ظل النظام الحاكم حاليا في إيران أو إستمرار سياساته الراهنة.
وهنا تأتي أهمية مؤتمر شعوب إيران الفدرالية كجزء لا يتجزأ من الحركة الديمقراطية المناهضة للتمييز والاستبداد الديني في البلد ونحن كعضو مؤسس في مؤتمر الشعوب نرى كسائر الأعضاء أن الديمقراطية لن تتحقق في البلد إلا بالقضاء الكامل على النظام المركزي وتأسيس نظام فدرالي مهمته إزالة التمييز الثقافي والديني واللغوي والقومي والتمييز ضد النساء كما أن الديموقراطية لن تتحقق الا بعد فصل الدين عن السلطة حفاظا على الدين وتوفير مناخ مناسب لممارسة الحريات الدينية واللغوية والفكرية والسياسية مع ضمانها لكافة المواطنين .
وعلى هذا الاساس يعتبر حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي في بيانه السياسي، نضالنا جزء من نضال الشعوب في إيران بحكم الواقع وذلك بغية إقامة نظام فدرالي ديمقراطي ونتطلع إلى أن يكون دورنا كعرب أهوازيين نابع من أهمية أرضنا الاقتصادية والاستراتيجية حيث تقع الأهواز على رأس الخليج بمجاورة العراق وبالقرب من الكويت وتضم 80% من النفط والغاز الإيراني و35% من المياه وأخصب الاراضي الزراعية الأمر الذي يمنحنا قوة في إتخاذ القرارات المصيرية في الدولة الفدرالية التي نطمح إليها.
فنحن أملنا في شعبنا حيث إن تبلور الثورة المعلوماتية وكثرة المحطات الفضائية الناطقة بالعربية وحركة الوعي القومي الذي يعيشها الشارع الأهوازي، دفعت شعبنا إلى أن يصبح من اللاعبين الرئيسيين على ساحة التغيير المستقبلي في إيران وسف يعيد ترميم هويته العربية الجريحة ويطور أساليب النضال مما أصبح في الصفوف الأولى للمقاومة ضد النظام الحاكم في طهران.
فمن هذا المنطلق نرى إن تواصل الأحزاب والتنظيمات الأهوازية على أساس الحد الأدنى وفقا لإستراتيجية واضحة المعالم على أساس توجه عقلاني وبرغماتي باتت من الضروريات لكي يكون لنا وزن يحسب له في التحولات المستقبلية.
حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي