ارادة الشعب العربي الأهوازي تتحدى عنصرية النظام الإيراني

جابر احمد

شهدت الساحة الأهوازية ومنذ سقوط نظام الشاه انتفاضات متتالية في تاريخه النضالي من أجل استرداد حقوقه القومية كون ان نظام الجمهورية الإيرانية وتحت حجج واهية امتنع من التعاطي مع قضية الشعب العربي الاهوازي خصوصا والقوميات الإيرانية عموما باعتبار ان ذلك من شأنه أن يعرض وحدة وسلامة أراضيها وأمنها إلى الخطر، كما إنها امتنعت حتى من تطبيق مواد الدستور التي تتعاطى بعض مواده بشكل خجول مع قضية القوميات في إيران .
وإذا ما القينا نظرة سريعة على الخارطة الإيرانية سواءً في الماضي أو الحاضر ترى ان إيران ومنذ القدم ولا تزال بلد متعدد القوميات وكانت ارتباط هذه القوميات بالمركز يشتد ويضعف وفقا لقوة سلطة الدولة المركزية ويمكن القول ان القوميات التي تعيش في إيران آنذاك كانت تتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي الكامل وقد حاولت ثورة الدستور التي حدثت عام 1906 ان تعزز من هذا الاستقلال دستوريا كونها مدركة للتنوع القومي ،لذلك طرحت ما يعرف بنظام “الإيالات والولايات”؛ أي نظام الأقاليم والمقاطعات، وعرَّفت إيران على أنها مجموعة ممالك، وليس مملكة واحدة. ولذلك نجد أن هذه الثورة تلقَّت دعماُ مادياً ومعنوياً من كافة الشعوب في إيران ، كما حظيت بدعم الشيخ خزعل بن الشيخ جابر أمير إقليم عريستان آنذاك .
ولعل هذا التجاهل للمسألة القومية سواء في عهد الأسرة البهلوية أو في عهد الجمهورية الإسلامية إنما يعود إلى طبيعة تأسس الدولة الإيرانية التي اقترنت ولادتها بما يعرف “بالدولة – الأمة ” والتي قامت على عدة مبادئ منها نظرية العرق الآري ،تاريخ إيران القديم ،التشيع الصفوي، اللغة الفارسية ،التوسع ،العنف ومعادة العرب والإسلام وغيرها والتي اعتبرها القوميين ” الفرس أفندية ومعممين ” على أن إيران وخلافاً لوقائع التاريخ بلد يتكون من قومية واحدة ولغة واحدة .

كما أنه في ظل هذه الدولة المصطنعة لم تتعرض القوميات في إيران للاضطهاد القومي و حسب بل ان البعض منها تعرض إلى الاضطهاد الديني أيضا ،كما هو الحال بالنسبة للأكراد ،التركمان والبلوش وهذا ما أشار إليه الكاتب مصطفى تاج زاد حيث قال : ” إن ما طرح في عهد البهلوي والذي عرف ب ” الروح الإيرانية ” هو بحد ذاته يحمل نزعة عنصرية واضحة في معادية الحقوق العربي والتركي والكردي والبلوشي ومؤيدا لروح للقهر والاستبداد ( الفارسي ) وبالتالي يعتبر نظرية عنصرية بامتياز” .
من هذه الرؤية التاريخية أيضا يعالج باحث علم الاجتماع الإيراني السيد ناصر فكوهي هذا الموضوع حيث يرى” أن بروز ظاهرة الدولة القومية في إيران والقائمة على مبدأ الدولة – الأمة والتي كانت قائمة على الأساطير قد ألحقت الكثير من الأضرار بمستقبل البلاد ، لأنه تم استغلالها من قبل مجموعة من العنصريين القوميين الفرس الذين اعتبروا أن إيران وخلافاً لوقائع التاريخ بلد يتكون من قومية واحدة ولغة واحدة … الخ ” .
وإذا ما استثنينا انتفاضات شعبنا العربي الاهوازي التي حدثت في عهد النظام البهلوي و الرافضة للاضطهاد القومي ،فقد شهد عصر الجمهورية الإسلامية عدة انتفاضات قام بها شعبنا العربي الاهوازي ضد نظام ولاية الفقيه وهي وإن اختلفت أوقاتها الزمنية والأسباب الموجبة لها، إلا أنها أولا وأخير تعبيرا عن رفض شعبنا لسياسات الاضطهاد القومي والاجتماعي الذي استمر به نظام الجمهورية الإسلامية ضد شعبنا ، ولعل أهمها ،انتفاضة المحمرة عام 1979 و التي أعقبت مجازر الأربعاء السوداء انتفاضة عام 1985 والتي جاءت على اثر مقالة نشرتها إحدى الصحف الرسمية الناطقة بالفارسية تحت عنوان ” مدينة الأهواز في الماضي والحاضر ” حيث صبت هذه الصحيفة إثناءها جام غضبها على أبناء شعبنا متجاهلة تاريخهم وعادتهم وتقاليدهم وثقافتهم وتواجدهم على أرضهم منذ عشرات الآلآف من السنين ، واصفة إياهم على أنهم مجموعة من ” الكاولية ” الرحل ، الذين هاجروا من البلدان العربية وسكنوا إقليم ” خوزستان ” عربستان ،
في عام 2000 شهدت الغالبية العظمى من المدن العربستانية مصادمات دموية بين المواطنين العرب وقوى الأمن الإيراني احتجاجا على تزوير الانتخابات المحلية من قبل عملاء النظام ، وفي نفس العام شهدت مدينة عبادان انتفاضة عارمة احتجاجا على تلوث مياه الشرب وجفاف نهر كارون وشعبه بسبب حرف مجراه باتجاه العمق الإيراني .
انتفاضة الخامس عشر من نيسان عام التي 2005 التي عرفت بانتفاضة ” الأرض ´” والتي جاءت على اثر وثيقة صادر من أعلى مصدر حكومي تنص على تغيير النسيج السكاني للشعب العربي و تبديله من أكثرية إلى أقلية خلال 10 سنوات.

وأخيرأً وليس أخرا انتفاضة نيسان الراهنة التي اندلعت قبل أسبوعين والتي أطلق عليها انتفاضة ” الكرامة ” والتي جاءت ردا على الممارسات العنصرية التي مارسها نظام ولاية الفقيه بحق شعبنا وذلك عندما عرض التلفزيون الحكومي تواجد المناطق القومية في إيران عبر عرض صور ل دمى تمثل الزي القومي لتلك المناطق مستثنيا تواجد الشعب العربي الاهوازي على الخارطة الإيرانية وذلك من خلال وواضع دمية ترتدي زيا غير الزى العربي.
لقد كان هذا العمل العنصري الذي أظهره التلفزيون بمثابة عود الكبريت الذي أشعل جذوة هذه الانتفاضات والتي جاءت عامة وشاملة ومستندة على كل التجارب السابقة للانتفاضات التي خاضها شعبنا ضد النظام الإيراني وهذا ما نلمسه في هذه الانتفاضة العظيمة والذي من أبرز معالمها هي على النحو التالي :
– إن هذه الانتفاضة أكدت ومنذ انطلاقاتها أنه لابد من الاعتماد على الإمكانيات الذاتية الاهوازية كونها أدركت أن كل من الإصلاحيين والأصوليين هما وجهان لعملة الوحدة
– رفعت شعارات سلمية وعامة تجمع بين الاضطهاد القومي والاضطهاد الطبقي الاجتماعي .
– من خلال متابعتنا لدقة تسيير المظاهرات نرى أنه لابد من جود قيادات ولجان لها تدعو إليها وتوجهها.
– فوت على المندسين في صفوفها فرصة إطلاق شعارات متطرفة من أجل إعطاء مبررات لضربها وتأليب الرأي العام الإيراني ضدها .
– لأول مرة تنطلق المظاهرات من قلب المدينة أي سوق الاهواز وهذا يعني أن الحراك العربي الاهوازي تحول من الهامش إلى المركز.
– استطاعت هذه الانتفاضة أن تجذب اليها ولأول مرة أعداد كبيرة من النساء الاهوازيات وقد تجسد ذلك في إطار الوحدة الوطنية الاهوازية وعبر مشاركة قطاعات واسعة من جماهير شعبنا بكافة قواها الوطنية والقومية في هذه المظاهرات.
– جاءت ردا على أولئك الذين يقولون ان شعبنا لا يزال قبائل وعشائر ولم تكتمل هويته القومية بعد .
– استطاعت هذه الانتفاضة أن تفرز أعداء الشعب من أصدقائه.
– إزالة عامل الخوف، ولعل انخراط شعبنا فيها من كافة الأعمار خير دليل على ذلك ،كما وحدت صوت القوى الوطنية الاهوازية في الداخل والخارج .
– تأثير الفعل السياسي داخل إيران، حيث هزت كما انتفاضة الخامس عشر من نيسان أركان النظام وأوجدت في داخله شرخا إزاء تعامله مع هذه الانتفاضة وأجبرته على تقديم اعتذارا رسميا وان يقوم بتصحيح غلطته .
– هزت صورة النظام الأخلاقية والعقائدية أمام الرأي العام العربي والإسلامي .
– عززت الثقة لدي شعبنا بنفسه ، كما أنها أصبحت درسا نضاليا بقتى به للنضال ضد النظام في ايران .
– تعتبرهذه الانتفاضة امتدادا للانتفاضة الشاملة التي انطلقت في بداية العام الميلادي الحالي و التي نادت بإسقاط النظام .

– أوصلت صوت شعبنا العربي الاهوازي إلى العالم العربي وأيضا إلى دوائر القرار العالمي والى هيئة الأمم المتحدة والهيئات المنبثقة عنها.
– أثارت بشكل مسبوق القضية الاهوازية في الصحف الغربية كما تصدرت أنباءها نشرات الأخبار في أهم لقنوات الفضائية العالمية.
– حظيت بتأيد إجماع القوميات في إيران وأيضا بتأييد بعض الأحزاب اليسارية التي أصدرت بيانات عبرت من خلالها تأييدها لهذه الانتفاضة وأدانت ممارسة النظام الوحشية تجاه الشعب العربي الاهوازي.
– تفيد الإحصائيات الأولية أن عدد المعتقلين قد بلغ حتى الآن مئات المعتقلين مما يدل على كثرت المشاركين في هذه الانتفاضة.
وفي الختام نود ان نقول، ان السياسات الإجرامية التي انتهجها نظام ولاية الفقيه ليس بمقدورها ان تكسر إرادة شعبنا الي صمم على خوض غمار لنضال والاستمرار به حتى الوصول إلى حقوقه القومية المشروعة بما فيها حقه بتقرير مصيره بنفسه.

Check Also

دكتورة أهوازية تفوز بمهرجان علمي عالمي وتحصل على جائزتين

دكتورة أهوازية تفوز بمهرجان علمي عالمي وتحصل على جائزتين جابر احمد فازت الدكتورة الأهوازية زينب …