البدايات الاولى للعمل السياسي – عندما رجعنا من عبادان الى مدينة الاهواز، كنت قد انهيت الصف الاول الثانوي من دراستي فدخلت الاعدادية السنة الثانية والثالثة وذلك في ثانوية 25 شهريور في الأمانية، اما الثانوية فقد درست سنة وقد تعرفت اثناءها على شخص اسمه محمد عجرش ، وعلى شخص زميل لي بالدراسة يسمى ناصر عجرش، وكان هذا الاخير كما عرفت فيما بعد كان قد نظم في خلية علي يد السيد فهد، ولكن قد القي القبض عليها من قبل الامن الايراني ” الساواك”، وكان ناصر من بين المعتقلين الذين تم القاء القبض عليهم ولكن أطلق سراحه فيمل بعد لعدم توفر الادلة وكونه كان آنذاك دون السن القانونية .
وقد تعرفت على اسم السيد فهد، او حميد رحمة الموسوي وهو عضو قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز – عربستان، وذلك عن طريق ناصرعجرش وكما كنت اعرف شخصيا أفراد اخرين من الجبهة منهم من سجن كما هو الحال فالح الساعدي وعبد النبي شميلي ومنهم من هرب الى الخارج بعد انكشاف امره، مثل عبد المهدي الصياحي وعندما تم تنظيمي كنت اصغر شخص في التنظيم كان لشخص محمد عجرش بالغ الاثر في زرع الشعور القومي لدي ، حيث كنت في تلك الفترة انا ومحمد عجرش نكتب مقالات عن معاناة الشعب العربي كمادة للإنشاء، و بسبب الكتابة عن مثل هذه الامور استدعي والدي من قبل ادارة المدرس، وربما كان سبب استدعاه التعرف على اتجاهه السياسي ، ظنا من ادارة المدرسة لربما قد يكون هو الذي لقنني مثل هذه الافكار .
قبل التحاقي بالتنظيم رسميا كانت لدينا اجتماعات نناقش خلالها الاوضاع الداخلية ونتبادل الاخبار، وقد مهد ذلك من انتسب مبكرا للجبهة الشعبية لتحرير الاحواز- عربستان – وأصبحت فينا بعد أحد اعضاء وقد تعرفت فيما بعد عن طريق ناصر عجرش، على ابن عمه طاهر عجرش وبدئنا نعمل سوية.
وكانت احدى الوسائل لجمع الشباب والتعرف عليهم وبث الوعي القومي بين صفوفهم هو تشكيل فريق رياضي لكرة القدم، وقد تم تمويل هذا الفريق من قبل السيد فهد من جيبه الخاص وقد سمي هذا الفريق باسم ” خون جوش ” أي فريق الدم الحار.
لعل من اهم اصدقاء سيد فهد كان شخص مهم في التنظيم وهو فالح الساعدي وهو صديقي الشخصي ، كان سيد فهد او حميد رحمة عامل ومهنته لحام حديد، يتنقل للعمل بين الاهواز والكويت وقد علم فالح مهنة الحدادة ،حيث فتح فالح محل للحدادة ،و بسبب تواجد السيد فهد في الكويت تعرف على الاخوة الفلسطينيين والعرب ، لذلك اسس فيما بعد تنظيم اسماه جبهة التحرير الأهوازية وتلك الفترة أي عام 1968 ،ولكن في عام 1969 انكشف تنظيم سيد فهد وكان يضم عدد من الشباب من مختلف الاعمار ومختلف المستويات التعليمية، وهو تنظيم واسعة وشامل وأتذكر من بين اعضاءه بالإضافة الى ما ورد شخص يسمى فرحان ،وهو مراسل التنظيم بين الداخل والخارج ، وقد حكم عليه بالمؤبد وعبد العظيم عنصري الذي كان السبب في كشف التنظيم و سيد محمود موسوي قريب سيد فهد وغيرهم ،وقد تعرفت بالإضافة الى فالح الساعدي الى شخص معوق اسمه يوسف الموكر وهو شاب قومي ينقل الاخبار العربية في الخارج للشباب ،وكان بيته وكر للشباب وهذه المعلومات اطلعت عليها فيما بعد من خلال الشباب تعرفت عليهم ، حيث كانوا يعقدون اجتماعاتهم على الرصيف ،وعندما كنا نحن الجيل الاصغر سنا نقترب منهم للتنصت كانوا يطردوننا ، كان معي آنذاك اشخاص اتذكر منهم علي بن شلتاغ وعلي بن محمود الزبيداوي ، وتكسي اخوه وخميس بن صبر حمادي ، وكنا نعرف ماذا يقولون والإخوة الذين التقيت بهم قبل سقوط نظام الشاه والذين كانوا يجتمعون على الرصيف وهم فالح الساعدي وعبد النبي شميلي وعبد المهدي الصياحي في الحقيقة يعود الفضل لهم كونهم فتحوا عقولنا على العمل السياسي اكثر فأكثر .
لقد انكشف تنظيم الجبهة وحكم على اعضاءه بالسجن وبين الذين حكم عليهم فرحان نواصري مؤبد وآخرين منهم عبد النبي شميلي 7 سنوات “توفي قبل 4- 5 ” من تسجيل هذه المذكرات في عام 2015) بالجلطة وفالح الساعدي 5 سنوات ، واخوه دايخ او كاظم في عهد الجمهورية سجن وأطلق سراحه ، ثم جاء دور الشباب ومنهم عباس حمادي مؤبد، ومن سلم من الاعتقال عباس لفته جادري وسعيد بن محمد الطائي حميد اشنيشل استشهد في معركة مشداخ لأنهم كانوا قد ذهبوا لدخول دورة عسكرية الى العراق وبقوا هناك بعد ان انكشف التنظيم في غيابهم ، اما عبد المهدي فكان في الداخل و لما علم باعتقال افراد التنظيم هرب الى مدينة البسيتين وتمكن عبر اقربائه من العبور عن طريق الهور و التحق في مقر الجبهة في العراق .
ومن بين المعتقلين سيد باقر بن سيد عبد المطلب ،وعبد النبي شمیلی، وكان عبد النبي شميلي شجاع في مواجهة القاضي ،وحكم عليه كما قلنا 7سنوات ، ومن بين المسجونين مجيد كروشاوي و سيد علي الموسوي بن سيد قاسم من اعضاء الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز وكنا جميعا اعضاء في الجبهة ،حكم على بعض الشباب من هم دون السن القانونية بالسجن لمدد قصيرة ستة شهور سجن ،وأصبحنا انا و ناصر عجرش وسيد علي الموسوي اعضاء في الجبهة ، وشكلنا فيما بعد خلية بالإضافة الى عزيز بن حافظ الضميد اخو فيلي اميري، وقد اقمنا وارتبطنا مع شباب من اهل البسيتين وهم طلاب مؤجدين بيت في رفيش ، من بينهم شص يدعى عزير ومعه مجموعة غير مرتبطة بمجموعتنا لأسباب امنية وعزيز هو من اثر عليهم ونظمهم ، وعبر هؤلاء الشباب الموجودين في رفيش كنا نحصل على بيانات صادرة باسم الجبهة الشعبية، لان جبهة التحرير الأهوازية قد انتهى نشاطها بعد اعتقال الرعيل الاول من عناصرها. وفيما بعد كانت تصلنا منشورات وبيانات باسم الجبهة الشعبية لتحرير الاحواز – عربستان، وقد عرفنا فيما بعد انها تأتي من العراق، حتى الخارطة اقصد الخارطة التي رسمتها جبهة تحرير عربستان، وليس الخارطة الموجودة حاليا والتي تضم كل ساحل الخليج كانت تصل عبر هؤلاء الشباب.
كما قلت سابقا أصبحنا اعضاء رسميين في الجهة الشعبية للأحواز، وقد وصلنا بالإضافة الى الخارطة والمنشورات وصل لنا ايضا علم الاهواز الحالي مطبوع على ورق. وبما ان عربيتا آنذاك كانت ضعيفة، كنا لا نعرف مضامين هذه البيانات بشكل دقيق وعلى سبيل المثال جاءنا بيانا صادر عن الجبهة، وردت فيه عبارة ” وان اول بئر للنفط في عربستان انفجر1908 م تفاجئنا وقلنا أي بئر فجرته الجبهة؟
عندما اكملت الصف التاسع ثانوية تم تغير مدرستنا الثانوية وأصبحت للبنات وسميت بزاهدي، وانتقلت الى مدرسة تقع في طريق كيان شمال مدينة الاهواز، وفي تلك الفترة وانا في مقتبل العمر أي في سن 17 قامت اسرتي بتزويجي وفقا للتقاليد دون أي حساب لعواقب الامور.
في الحقيقة واجهت اعباء الحياة منذ كنت في ريعان شبابي، فبالإضافة الى اعباء تحمل مسؤولية الزواج وأيضا العمل سياسي فبحكم سننا لم نكن نعرف العواقب الوخيمة المرتبة عليه، إلا طموحنا ومشاعرنا ومعاناتنا اليومية من الاضطهاد العنصري، وكذلك تأثرنا بما يجري حولنا من الاحداث وهي التي دفعتنا الى المثابرة في مواصلة العمل السياسي في سن مبكرة من العمر.
مذكرات الراحل “عدنان سلمان” الامين العام السابق لحزب التضامن الديمقراطي الأهوازي