لندن- د. أسامة مهدي: قال كريم عبديان بني سعيد في حديث مع “إيلاف” إن الشعب الاهوازي بات واعيًا سياسيًا ويستغل كل فرصة ثقافية أو رياضية لإبراز مطالبه المشروعة في حركة وطنية شاملة معتدلة متجذرة ومؤطرة وجاهزة في داخل الوطن.. موضحًا أن مبعث التفاؤل في قضية الاهواز هو أن شعبها العربي قد أصبح بفضل تضحيات ابنائه رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية داخل إيران.
وفي ما يلي ما جاء في حديث الناشط الاهوازي:
*كيف تصف حركة الكفاح الوطني الحالية في الاهواز لنيل حقوق شعب الاقليم.. وهل هي مبعث تشاؤم أم تفاؤل لتحقيق هذه الاهداف.. ولماذا؟
الشعب الاهوازي بات واعيًا سياسيًا اكثر من ذي قبل، وهو لم يبقَ محصوراً بين اوساط النخبة المثقفة فقط، وإنما اصبح يعمّ كل الفئات الاجتماعية في الاهواز، واستغلال أي فرصة ثقافية أو رياضية لإبراز مطالبهم المشروعة، فهي حركة وطنية شاملة معتدلة؛ متجذرة ومؤطرة وجاهزة في داخل الوطن ومبعث للتفاؤل لأن شعبنا العربي وبفضل تضحيات ابنائه اصبح رقمًا صعبًا في المعادلة السياسية داخل إيران. ولم نشاهد مؤتمرًا أو حوارًا للمعارضة الإيرانية الا ويذكر فيه الشعب العربي الاهوازي بصفته شعباً يناضل من اجل مطالبه وحقوقه.
طبعًا هناك اختلاف في تعريف المطالب، ولكن الاعتراف من الجميع بأنّ حراكاً شعبياً جماهیرياً ذکياً ومعتدلاً موجود في الاهواز. بالنسبة للتفاؤل اعتقد أن الاسباب التي ذكرتها هي كفيلة لتفاؤلنا هناك شعب واعي و يصّر على مطالبه ومتمسك اكثر من أي وقت مضى بهويته، ولن يخضع مطلقًا للاحتلال الموجود، رغم الخمول والسكوت احیانًا. وإلى جانب هذا استطاع ابناء شعبنا انتزاع اعترافات دولية رسمية كما ساهمت مشاركتنا الفعالة في منظمة الشعوب غیر الممثلة في الامم المتحدة بأن ابناء الاهواز هم السكان الاصليون لهذا الوطن، وهذا بحد ذاته يعتبر انتصارًا كبيرًا على صعيد اثبات الوجود التاريخي في المؤسسات الدولية.
* بينما شعب الاهواز في الداخل يعاني الاضطهاد، فإن الاهوازيين مازالوا يتخاصمون على تسمية اقليمهم هل هو: الاحواز أم الاهواز. كيف تنظر لهذا؟
نحن نعتبر العروبة هويتنا وعمقنا التاريخي وامتدادنا الحضاري والعالم العربي كعمق استراتيجي لشعبنا لکن يجب أن ننتبه ان تحويل العروبة إلى ايديولوجية يدخلنا في مطب الشوفينية والعنصرية وسنصبح تمامًا صورة اخری للشوفينية والعنصریه الفارسية في إيران.
حول التسمية، فأنا مع استخدم الاسماء الثلاثة الأهواز والأحواز وعربستان لاحترام الجميع، لكن المنطق يفرض علينا التمسك بالاسم الذي يحمل مدلولات تاريخية ، حيث إسم الأهواز حاضر في جميع الاحداث التاريخية منذ الفتح العربي الإسلامي والإحداث التي تلته، ثم في أحداث الفترة الأموية والعباسية والفترات اللاحقة ايضًا، وقناعتي أن تسمية الاهواز هي الاسم التاریخي رغم ذلك أنا شخصيًا لا اعارض تغيير اسم وطننا وعلمنا وأي شيء آخر يتعلق بالوطن، لكن بشرط ان يكون هو قرار الشعب في اجواء ديمقراطية مباشرة.
وهناك حل آخر، وهو تشكيل لجنة من نخب في التاريخ والسياسة من الداخل والخارج تعطى لهم الصلاحية في العمل على دراسة شاملة حول التسمية المفضلة. تغيير الاسم لا يغيّر من المعادلة بشيء، حيث ان هذه الارض مهددة الآن بالتفريس والهجرة الاجبارية والمخاطر تحيطها من كل صوب، وأبناؤها يعدمون بتهم ملفقة، فما علينا إلا الابتعاد عن البلبلة وخلق الأجواء المسمومة والغوغائية التي لا تفيد إلا عدونا المتربص لأخطائنا ليل نهار.
تتنوع توجهات الحركات الاهوازية بين الكفاح المسلح لتحرير الاقليم من السيطرة الإيرانية وبين المطالبة بالفيدرالية وحصوله على الحكم الذاتي.. فكيف تنظر لهذا التباين.. وماهو الحل لقضية الاقليم؟
تنوع التوجهات هو امر طبيعي بين كل الحركات لدى الشعوب لان كل حركة سياسية لها استراتيجية وتخطيط ورؤية تختص بها، وبما أن الاهوازيين يناضلون في ظروف صعبة من حيث الوضع السياسي الداخلي والجغرافي لذا من هذا المنطلق تبرز التباينات أو الافضل نسميها الاختلافات في الرأي.. نختلف في الرؤية واستخدام الشعارات والوسائل والادوات وتحدید الأولويات للوصول إلى تحقيق اهدافنا وهذا ناتج عن تنوع الافكار وزيادة مستوى الوعي الجماهيري في الاهواز، البعض احیانًا تراه يطرح استخدام الکفاح المسلح کوسيلة وأداة لتحقيق الاهداف ولكن هناك من يرى هذه الاستراتيجية غير صائبة في ظل التطورات والإحداث الراهنة اقليميًا ودوليًا وداخليًا.
نحن نعتقد بأن المشوار طویل وللنضال مراحل.. الآن المرحلة لا تناسب استخدام الکفاح المسلح، وفي نفس الوقت لا نمنع الشعب من استخدام کل الوسائل للدفاع عن نفسه، لکن ليس هناك توازن في القوى على الارض بين نظام مدجج بالسلاح والإمكانيات وشعب أعزل، لذا فإن الطرق السياسية للنضال السلمي والتحالف مع باقي الشعوب في إيران، والتي تعاني نفس الضغط من النظام هي السبيل الافضل والأنجع لتحقيق المطالب.. الاعتقاد بانهیار ایران بشكل مفاجئ في المدی القریب، هو غیر محتمل، واعتقد انّ الحل الانسب، والذي له أذن صاغية في الاوساط الدولية، وحتى بين بعض المعارضة الإيرانية وبعض من القوى الفارسیة، وهو طرح شعار تأسيس نظام فيدرالي لا مركزي کحد ادنی لمطالبنا، حيث يمكن لنا من خلال النظام الفدرالي بناء المؤسسات المدنية وانتخاب برلمان محلي لديه صلاحية التكلم باسم الشعب في تقرير مصيره، كما سيکون لدینا جيش وشرطة محلية وتعيين ميزانيات من نسبة الدخل الاقتصادي للأقاليم وحق الملكية للمصادر الاقتصادية في الاراضي، التي يعيش عليها العرب، وهذا یسهل عملية حق تقرير المصير بعد بناء حكم وطني مقبول دولیًا.
* تديرون منظمة حقوق الانسان الاهوازية.. فما الذي تقدمونه لهذه القضية على الصعيدين الداخلي والخارجي؟
منظمة حقوق الإنسان الأهوازية اهرو – (AHRO) هي منظمة غير حكومية غير نفعية تنشط محليًا ودوليًا تكرس نفسها للدفاع عن حقوق الإنسان للشعب العربي في اقليم الأهواز جنوبي غربي إيران. اهرو تقوم بدور هام في تعريف القضية الاهوازية عربيًا وعالميًا من خلال نشر بيانات وعرض دراسات عن التاريخ، والثقافة، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لعرب الاهواز. اهرو تجمع بين النشاط الحقوقي والإعلامي في مختلف المجالات وعلى مختلف الاصعدة.
تأسست اهرو عام 1998 وتركيزنا ينصب على تقديم الدعم ومناصرة عرب الاهواز سكان الاقليم الاصليين الذين يواجهون الظلم والاضطهاد والتمييز العرقي والعنصري في إيران. وهي منظمة استشارية وخبير دولي واقليمي في شؤون الاهواز. وقد استطاعت ايصال صوت الشعب العربي الاهوازي إلى مسامع المجتمع الدولي ونشرت تقارير ودراسات عديدة حول اضطهاد وقمع العرب على ايدي الحكومات الإيرانية المتعاقبة ونظام الجمهورية الاسلامية الحاكم في إيران. كما تواصلت مع الجهات المسؤولة في دول عديدة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا والسويد والنرويج والدنمارك وتركيا واستراليا واندونيسيا والمانيا وايطاليا وكندا وغيرها للرد على طلبات واستفسارات حول طالبي اللجوء السياسي الاهوازيين. كما اقامت اهرو تعاونًا وثيقًا مع المفوضية السامة للاجئين وعملت كطرف استشاري لتحديد حالات لجوء الأهوازيين وتسهيل قضايا اللاجئين، وكان لاهرو حضور قوي على الأرض في سوريا ولبنان وتركيا والكويت ودول أخرى.
وقدمت اهرو المساعدة للعديد من اللاجئين و نشطاء حقوق الانسان والنشطاء الثقافيين والسياسيين المطاردين من قبل النظام الإيراني من الكتاب والشعراء والصحافيين والنساء في الهروب من الاضطهاد والسجن وربما الإعدام، ونشرت ما لا يقل عن 23 دراسة ومنشورات باللغة العربية والإنجليزية والفارسية حول مواضيع مختلفة تخص حقوق الإنسان وحقوق المرأة في الأهواز، وحرف مجرى نهر کارون من المناطق العربیة الی المحافظات الفارسیة، وموضوع التعليم والدراسة باللغة الام، وقوانين القضاء والعقوبات الإيرانية، ومصادرة الأراضي، و عدم ازالة الألغام المنتشرة فی الأراضي العربیة من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية، ومشروع قصب السكر في دزفول وعواقبه على المزارعين وبناء السدود ومصادرة اراضي العرب بحجة اقامة المشاريع الاقتصادية والمناطق التجارية الحرة، وغيرها من القضايا التي تهم المواطنين.
وأنشأت اهرو علاقة عمل مستمرة وقوية ومتبادلة مع المنظمات غير الحكومية الدولية لحقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، ومراكز التوثيق لانتهاكات حقوق الانسان في إيران الموجودة فی جامعة یل الاميرکیة. لاهرو حضور مستمر ومنتظم فی مقري الامم المتحدة في جنيف ونيويورك، لا يقل عن مرة أو مرتين في السنة تعرض فيها تقارير على مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والمجلس الاجتماعي والاقتصادي للأمم المتحدة ومجموعة حقوق الأقليات في نيويورك، فضلاً عن إرسال وفد إلى تجمعات عربية لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
كما قمت بدوري كرئيس لمنظمة حقوق الانسان الاهوازية بتقديم المشورة في ما يخص القضايا الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية حول الاهواز وإيران لمبعوثي الامم المتحدة والمقررين الخاصين ووفود من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ممن زاروا إيران خلال الخمس عشرة سنة الماضية.
المقابلة على موقع إيلاف:
– See more at: http://elaph.com/Web/News/2015/12/1060677.html#sthash.HbV1Zp7m.dpuf