قال أحد منظري التيار المتشدد في إيران حسن عباسي ذات مرة “ينبغي الهاء الولايات المتحدة في عدة جبهات حتى تضطر لتوزيع قواتها على هذه الجبهات المختلفة بغية فرض الهزيمة والانهيار عليها”. حتى لا تتمكن أميركا من ممارسة الضغوط على طهران في الملف النووي وتستمر في انشطتها النووية بغية إنتاج اسلحة الدمار الشامل كرادع للحفاظ على النظام ولكن يبدو اليوم أن السحر إنقلب على الساحر وبات النظام الإيراني يوزع قواه وإمكانياته في عدة جبهات للحفاظ ليس على مصالح فحسب بل على وجوده امام احتمالية الانهيار وبات هذا الاسلوب مهددا لديمومته وقد يؤدي إلى سقوطه في حال تظافرت الاسباب .
مما لا شك فيه أن الهدف الاساسي للنظام الإيراني وراء أنشطته النووية هي انتاج اسلحة ذرية تضمن استمراريته التي تهددها الشعوب المضطهدة داخل ايران ولكن تصدي المجتمع الدولي لهذا التوجه الخطير من خلال العقوبات المالية والاقتصادية والتقنية والتسليحية أرغم نظام ولاية الفقيه على الرضوخ للمفاوضات إلا إنه لجأ منذ البداية إلى اسلوب المماطلة وكلما تقدمت المفاوضات خطوة إلى الأمام فقد النظام المزيد من الاوراق التي كان يلعب فيها وآخرها ورقة الحوثيين في اليمن.
نضيف هنا أن انتكاسات ايران في سوريا وعدم تقبل الشعوب الإيرانية بالتضحيات المالية والبشرية الهائلة من أجل بقاء الأسد وفشل الدعاية الإيرانية في توفير الاجماع المطلوب في الملف السوري ؛ صارت طهران تبحث عن بديل لتعويض هذا الفشل فبدأت بالترويج أن إيران تحارب من أجل “المظلومين الشيعة” وليس الحفاظ على انظمة معينة فصار قاسم سليماني يظهر علنا في ساحات المعارک فی العراق باعثا رسائل داخلية وخارجية مضمونها أن الحرس الثوري لايزال يشكل التاثير الاكبر ويلعب الدور الأول عسكريا في الصراعات الأقليمية يمكنه تهديد البلاد المجاورة في حال تهددت مصالح إيران سواء في الملف النووي المثير للجدل أو تعرض بؤرها “الشيعية” في العراق واليمن ولبنان وسوريا الى الخطر كما هو الحال الان في البلاد المذكورة .
عندما بدأت جولة جديدة من المفاوضات قبل الانقلاب الحوثي كانت طهران تشعر بأنها ستذهب إلى طاولة المفاوضات خالية الوفاض وبما أن الورقة السورية لم تعد ورقة رابحة بسبب تراجع النظام السوري أمام ضربات المعارضة فتعمدت إيران باستخدام آخر الاوراق على الطاولة وهي الورقة اليمينة.
وبالاضافة إلى ذلك لم تعد ورقة النفط ذات فائدة تذكر بسبب هبوط الاسعار بشكل دراماتيكي الأمر الذي دفع طهران إلى السعي الحثيث لإيهام العالم أنها قوة الضرورة للسلام والأمن في المنطقة ودونها لن يرى الشرق الأوسط الإستقرار وهو ما يفسر استفحالها للأزمات في المنطقة من أقصاها إلى أقصاها من خلال تكثيف تواجدها بالعديد والعدة إلى جانب حلفائها، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك الآلاف من قوات الحرس الثوري بالاضافة إلى المليشيات الموالية لها التي ترابط على الاراضي العراقية وحشدت اعداد مماثلة من مليشيات طائفية افغانية وباكستانية ولبنانية لدعم بشار الاسد.
ومن ناحية أخرى أن دول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية تشعر بأنها ستكون ضحية أي توافق نووي سيء مع طهران، وأن امتلاك الأخيرة للقوة النووية سيؤدي إلى خلل إستراتيجي في موازنة القوى لصالح نظام ولاية الفقيه المؤدلج بعقيدة توسعية ولا يعترف بحدود لطموحاته، فهذه الدول استخدمت كافة امكانياتها وطاقاتها للحؤول دون توقيع أي اتفاق سيء قد تستغله طهران فتنفذ من خلال ثغراته لتبني ترسانة نووية سرية تهدد به مصير هذه الدول.
وهذا ما يفسر محاولة النظام الإيراني لاستهداف المملكة العربية السعودية عبر الاراضي اليمنية، حيث وجد الوقت مناسبا لاستخدام ما كان استثمره في هذا المجال فحرّض الحوثيين على الانقلاب على الشرعية الأمر الذي دق ناقوس الخطر في الرياض بقوة فهبت المملكة العربية السعودية للدفاع عن أمنها القومي لأن إيران قد ترابط على حدودها الجنوبية وتهددها عبر حلفائها الحوثيين.
أن النظام الإيراني اراد بهذه السياسة أن يضرب عصفورين بحجر أي الضغط على السعودية كقوة اقليمية معارضة للتوسع الإيراني على حساب العرب من جهة وأن يستغل سيطرة الحوثيين على اليمن بغية جعل باب المندب ورقة رابحة في استراتيجية إيران التوسعية ونقطة تهديد للمجتمع الدولي الذي يفاوضه على الملف النووي على شاكلة تهديداته بإغلاق مضيق هرمز من جهة أخرى .
ولمواجهة هذه السياسة الإيرانية اضطرت المملكة العربية السعودية إلى ترك سياسة البال الطويل وهنا فرضت حكمتها المعهودة عليها أن تتحرك بسرعة وبشكل مدروس لكي تحافظ على أمنها وأمن حلفائه العرب القومي من جهة ودعم الشرعة في اليمن من جهة أخرى. عليه قادت المملكة عملية ايجاد اوسع ائتلاف ممكن بين دولٍ تربطها اهداف ومصالح مشتركة في المنطقة وذلك قبل أن تنتقل إلى مرحلة ضرب الانقلابيين في اليمن وفرض الحصار الجوي والبحري والبري عليهم، مما أدى إلى قطع كافة خطوط الإمداد القادم من إيران وبهذا أحرقت المملكة العربية السعودية الورقة الحوثية قبل أن تستطيع طهران اللعب بها على طاولة المفاوضات.
وبالمقابل تحاول طهران التعويض عن تراجعها في اليمن عبر العراق وسوريا، حيث تؤكد مصادر مطلعة أن طهران ارسلت الآلاف من قواتها إلى العراق إلى جانب المليشيات الموالية لها كما كثفت من تواجد قوى خاضعة لها مباشرة في سوريا، أي أن طهران أصبحت متورطة في أكثر من جبهة في الوقت الحاضر وعلى الصعيد النووي لا يظهر في الافق توافق نووي مربح على ضوء تراجع أميركي واضح عن بعض بنود توافق لوزان مثل منع إيران من القيام ببحوث نووية وتقليل عدد أجهزة الطرد المركزي المتفق عليه سابقا والتأكيد على تفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية بشكل مستمر.
على ضوء هذه التطورات يمر النظام الإيراني بظروف محرجة للغاية وهو يمر في اضعف مراحل حياته بالرغم من تهديداته الجوفاء بسبب تورطه في المنطقة الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى سقوطه وإنهيار الدولة الإيرانية كاملا وهذا ما يفرض على القوى المعارضة ومن ضمنها اطياف الشعوب غير الفارسية وبالأخص القوى العربية الأهوازية لتكون على أهبة الإستعداد لأي طاريء
وللحديث بقية….
اللجنة الأعلامية لحزب التضامن الديمقراطي الاهوازي