“سنشهد ولادة حزب الله جديد في اليمن وسيكون لهذا الحزب الدور المهم وذو التأثير على القرار السياسي في اليمن، كحزب الله في لبنان”! هذا ما أكّده مستشار خامنئي للشئون الدولية “علي أكبر ولايتي” مؤخراً، وبذلك يكون “ولايتي” قد تجاهل تماماً كافة الأعراف والأطر الدبلوماسية والدولية والأخلاقية. ووصف “ولايتي” العمل الهمجي لعصابات الحوثي بالإنتصار الإسلامي في اليمن!
وبالقليل من التمعّن في هذا التصريح المُريب والمستفز لسيادة دولة اليمن، يتبيّن جليّاً أنه ليس من المعقول لمسئول كولايتي والذي يمتلك الخبرة والحنكة السياسيّة، بأن يعترف علناً وصراحةً بتدخّل بلاده في الشئون الداخليّة للدول العربيّة ولا سيما اليمن، ليبيّن أن إيران قد أصبحت فعلاً بمثابة وليّة على أمر المسلمين بزعامة خامنئي، كما يروّج النظام منذ سنوات عدّة لهذا الطرح على الصعيدين الداخلي والخارجي، وتماماً كما يروّج النظام بأنه من الواجب على ايران مناصرة كافة المسلمين المظلومين في مختلف أرجاء العالم!
إنه حقاً لشيء مضحك ومخزي لهذا النظام الأخطبوطي التوسّعي الإيراني أن يتفوّه بمثل هذه التصريحات العجيبة الغريبة.. ويريد النظام الإيراني بذلك، جسّ النبض العربي ومدى إهتمام العرب بقضايا بعضهم البعض، وهل مِنْ ردّة على هذه التصريحات مِنْ قِبَل الدول العربية والسعودية تحديداً، أم لا؟ فإذا كانت الإجابة “لا”، سيعطي ذلك الدافع لإيران مواصلة خطواتها إلى الأمام متجاهلة كل الدول العربيّة من الشرق إلى الغرب العربي.
ويمكن القول أن المثل القائل “شرّ البليّة ما يضحك”، ينطبق على النظام الحاكم في طهران وقُم بنسبة 100%، إذاً هكذا هو النظام الايراني، يكذب الكذبة فيصدقها كما يشاء، متلبساً بلباس الدين الإسلامي الحنيف ليصول ويجول في منطقة الشرق الأوسط عموماً وفي البلدان العربية تحديداً.
ولا شك أن الغرض من تستّر نظام طهران بلباس الدين هو الوصل إلى الغاية وهي التوسع السرطاني، متناسياً الظلم والبطش وتحريف التاريخ والثقافة للشعوب الغير فارسية التي تعيش ضمن ما تسمّى بإيران الإسلامية، كما يطلق على هذه الشعوب “الغير فارسية” في الكثير من الأحيان صفة “الشعوب الناطقة باللغة الفلانيّة”، متجاهلاً تاريخ وثقافة هذه الشعوب.
اذا كانت إيران حقاً تدّعي أنها تدعم المسلمين في كل أرجاء العالم وتروّج في الداخل وللعالم بشكل غير مباشر على أنها تتولّى أمر المسلمين وتؤمن بالديمقراطيّة وتشكك بديمقراطية الدول العربية عموماً والخليجية خصوصاً، وتسمّيها بالملكيّة، فلماذا إذاً لم تعطي إيران الحق للشعوب الغير فارسية ومنهم العرب ، حقّهم في الحديث والدراسة بلغة القرآن وهي اللغة العربيّة؟ وكذلك هي الحال بالنسبة إلى بقيّة الشعوب غير الفارسية كالبلوش والآذربايجانيين والأكراد والتركمان؟ هل هذا هو الاسلام الذي تؤمن به إيران؟!
وفي إيران مثل سائد على نطاق واسع جداً ويقول “سياستنا كديننا وديننا كسياستنا”، والمعنى الحقيقي لهذا المثل هو متى ما رأت إيران إن مصالحها قد تعرّضت للخطر، سواء أكان الخطر سياسياً أو جغرافياً أو إجتماعياً، فأنها تتخذ من هذا المثل ذريعة لتهدئة الأمور على المستويين الداخلي والخارجي، ولو تأملت قليلاً بهذا المثل، لانكشفت إيران أمامك على حقيقتها.
والحقيقة هي النوايا التوسعيّة الواضحة مع إتخاذ الدين الإسلامي الحنيف وسيلة للتنكر والتخفي لتمضي إيران قدماً، علّها تتمكن من تحقيق الحلم الإيراني بإحياء الإمبراطورية الفارسية الوهميّة.
ولعلّ الثغرة الأهم التي يمكن المراهنة عليها عربيّاً للتصدّي لإيران ووقف زحفها ومسيرتها وتدخلها في الشئون الداخلية للدول العربيّة، تكمن في المراهنة على أهم نقاط ضعفها وهي الشعوب غير الفارسية التي المتعطشة لنيل حقوقها والتي تشكل قوة ضغط هائلة على الدولة الإيرانيّة.
ومن خلال تبنّي قضايا الشعوب الغير الفارسية ضمن ما يسمّى بخارطة إيران السياسيّة، فأنه يمكن تعرية إيران أمام العالم أجمع وكيف أنها تمارس أشد أنواع الإضطهاد والقهر والبطش والعنصريّة بحق هذه الشعوب، وهو الأمر الذي جهل منها تشبه تماماً القنبلة الموقوتة القابلة للإنفجار في وجه مظالم الدولة الإيرانيّة وتفتيتها من الداخل، دون الحاجة إلى خوض حروب خارجيّة ضدّها. فهل تعيّ الدول العربيّة بأهمية هذه الثغرة الكبيرة والكفيلة بقصم ظهر الدولة الفارسية؟ فمن كان بيته من زجاج، لا يرمي الناس بالحجارة، وهذا ما ينطبق تماماً على نظام الايراني الهشّ.
بقلم:كمال نواصر