حققت قضية الشعب العربي الأهوازي و بخاصة خلال العقدين الماضيين نجاحات غير مسبوقة في تاريخ نضال هذا الشعب سوآءا على الصعيد الداخلي أو الدولي.
ويأتي هذا النجاح بفضل التضحيات العظيمة التي قدمها ابناء هذا الشعب والرامية الى تحقيق حقوقه القومية وتقرير مصيرها أسوة بباقي شعوب العالم المتحررة.
وفي اطار هذا النجاج شهد شهر سبتمبر- أيلول الحالي حدثين مهمين، الاول تمثل في تقرير السيد بان كي مون الامين العام لهيئة الامم المتحدة وانتقاده الصريح لممارسات نظام الجمهورية الاسلامية، وخاصة تنفيذ احكام الاعدامات بحق مناصلي شعبنا العربي الأهوازي وايضا بسبب الممارسات غير الانسانية التي طالت القوميات والاقليات الدينية في ايران.
وجاء في تقريره ” أن الأقليات القومية والدينة في إيران تتعرض بشكل كبير للتمييز وذلك بسبب انتماءاتها القومية، أو معتقداتها الدينية، أو آرائها المعارضة، حيث تعرض بعضها الى عقوبات قاسية”.
وفي اطار هذا التقرير اشار الامين العام الى” الانتهاكات والاعدامات التي تعرضت لها كل من القوميتين العربية والبلوشية في العام الماضي، حيث تم على اثرها إعدام عدد من السجناء السياسيين من ابناء هاتين القوميتين، وذلك إثر محاكمات لم تراع فيها المعايير الدولية المتبعة ولافي الإجراءات القانونية الواجبة.”
وأشارا لتقرير الى تنفيذ عدد من احكام الاعدامات بحق نشطاء الشعب العربي الأهوازي في كانون الثاني من عام 2014 وفي مقدمتهم اعدام الناشطين الأهوازيين وهما الشاعر والمعلم، هاشم شعباني، وزميله هادي راشدي، حيث تم اعدامهم” عقب إجراءات قانونية لم تستوف المعايير الدولية المتبعة للمحاكمة العادلة.” وذلك وفقا للتقارير الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان” … الخ
مؤتمر بروكسل لحق تقرير المصير
اما النجاج الثاني التي حققته القضية الأهوازية على الصعيد الدولي، هو مشاركة حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي ممثلا بالأخ الدكتور كريم بني سعيد عبديان في مؤتمر بروكسل الدولي لمناقشة حق الشعوب الواقعة تحت نير الحكومات الديكتاتورية في ” تقرير المصير” والذي انعقد في الفترة الواقعة ما بين 19 -21 سبتمبر الجاري، حيث ناقش خلالها المؤتمرين وعلى مدار ثلاثة ايام ، ثلاث مواضيع على قدر كبير من الاهمية وهما ” وضع الشعوب في الدول القمعية ” و كذلك في” الدول الديمقراطية ” وايضا في” الدول الناشئة حديثا “، حيث تحدث في هذا المؤتمر السيد كريم بني سعيد” عن معاناة الشعب العربي الأهوازي خلال العقود الثمانية الماضية، وذلك في ظل الحكومات المتعاقبة على دفة الحكم في ايران، وأكد في حديثه على ضرورة منح الشعب العربي الأهوازي حقه في تقرير مصيره بنفسه وذلك وفقا للأعراف والقوانين الدولية، خاصة و ان هذا الشعب يعيش في الوقت الراهن حالة مأساوية نتيجة للممارسات التي تمارس بحقه من قبل نظام الجمهورية الاسلامية، والمتمثلة في استمرار مسلسل انتهاكات حقوق الانسان وفي مقدمتها “عملية التطهير العرقي التي يتعرض لها الشعب العربي الأهوازي في الوقت الراهن ” .
الخلفية التاريخية
كما تحدث السيد بني سعيد عن الخلفية التاريخية للشعب العربي الأهوازي الذي يعد اليوم واحدا من اهم القوميات الست التي تعيش في ايران ، مبينا ان لهذا الشعب تاريخا ضاربا في القدم، ويقطن حاليا في منطقة تسمى في الوقت الراهن بخوزستان وقد كانت وفيما مضى تسمى ومنذ العهد الصفوي في اوئل القرن السادس عشر باسم عربستان، ولكن في عام 1936م تم تبديل اسم عربستان من قبل رضا شاه الى خوزستان ، وهي منطقة بحكم جوارها للعراق، وحيازتها على اكبر احتياطي للنفط والغاز، تعتير من الناحية الجغرافية والسياسية منطقة حساسة للغاية. ويشكل العرب في الو قت الراهن ما يقارب 6 % الى 8% من مجموع السكان في ايران .
وقال السيد بني سعيد ان الارض التي يطلق عليها اليوم من قبل ايران اسم خوزستان، من الناحية التاريخية كانت تعرف باسم الاهواز، ومن ثم عربستان ،لها تاريخ عمره يزيد على عمر تاريخ ايران بآلاف السنين، أي ان تواجده سبق هجرة الأخمينيين من الهضاب الروسية الى ايران ، حيث تفيد بحوث علماء الآثار، ان اول من سكن هذه الارض هم العيلامين، الذين بنوا اقدم الحضارات عليها وهم امة تنتمي الى العرق السامي و لاتزال اثارهم ماثلة للعيان في منطقة سوسة او الشوش الحالية.
وأكد السيد بني سعيد، على ان ايران والى وقت قريب ، كانت تسمى بالبلدان الايرانية المتصالحة “البلاد المحروسة الايرانية”، وكانت تدار اداريا عبر نظام غير مركزي” نطام فيدرالي تقليدي” وكانت كل فيدرالية تدير امورها الداخلية بنفسها، واذا ما نظرنا الى الخارطة الايرانية، نرى ان الفرس يعيشون في المناطق الوسطى والشمال الشرقي من البلاد، اما الاتراك فيعيشون في كل من شرق و غرب أذربيجان ، وإما الاكراد فيعيشون في كردستان وايلام و كرمانشاه، اما العرب يعيشون في جنوب غرب ايران، والبلوش يعيشون في مقاطعتي سيستان و بلوتشستان و اما التركمان فيعيشون في منطقة تسمى بصحراء التركمان وهي تقع في شمال شرق البلاد ، اما الاهواز وفي مرحلة من مرا حل التاريخ خضعت لحكم الدولة الاسلامية، التي غطت مساحتها بالإضافة الى الاهواز ، العالم العربي وايران وأجزاء من اسيا الوسطى وتركيا واجزاء من شبه القارة الهندية، كما شهدت منطقة الاهواز عبر تاريخها الطويل قيام امارات عربية من بينها امارة بني اسد في الحويزة .
كما شهدت الاهواز ولادة دولة المشعشعين بقيادة السيد محمد بن فلاح المشعشعي، وذلك في بداية القرن 15 الميلادي، وقد فرضت سيطرتها على اراضي واسعة شملت كل من الاهواز وبعض مناطق العراق مثل الجزائر والبصرة وحتى اطراف بغداد، وقد عرفت المنطقة حينها باسم عربستان وكان ذلك في العهد الصفوي سنة 1503.
وفي نهاية النصف الثاني من القرن التاسع عشر أل حكم لمنطقة الى بني كعب بقيادة زعيمهم الحاج جابر الكعبي الذي شكل حلفا مع ناصر الدين شاه القاجار، أي ملك ايران آنذاك ، حيث قام الشيخ جابر بالتصدي للقوات البريطانية اثناء غزوها للمحمرة، وعلى اثرها اصدر الملك القاجاري حكم اعترف من خلاله رسميا بالحكم الذاتي لمنطقة الاهواز الذي كان مركزها آنذاك مدينة المحمرة ، و هذا ما تؤكده كل دراسات ومؤلفات المؤرخين العرب و غير العرب منهم على سبيل المثال لا الحصر احمد كسروي والمؤرخ الامريكي لوليم ثيودورو استررنك في كتابه “حكم الشيخ خزعل بن جابر” . وقبل اكتشاف البترول في المنطقة عام 1908 كانت نسبة السكان العرب تصل الى 98% .
بعد وفاة الشيخ جابر انتقل حكم المنطقة من بعده الى ولده الشيخ مزعل الذي سار على خطى والده وتابع نهجه، وبمرور الأيام ازدادت قوته وعظمت شوكته ، واستطاع توسيع منطقة نفوذه حيث أصبح أقوى شخص وحاكم لا ينازعه أحد على الحكم “.
وبعد وفاة الشيخ مزعل خلفه على الحكم اخيه الشيخ خزعل الذي ظلت منطقته كما في عهد ابيه واخيه تتمتع بالحكم الذاتي وفي عام 1924 ظهر على المسرح السياسي في ايران رضا شاه، الذي شدد على اقامة حكم مركزي صارم بعد ان الغي ما كان يعرف بالفيدراليات التقليدية ” الايالات و الولايات، فحاول اثناءها الشيخ خزعل مقاومة هذه الاجراءات ، وذلك عبر اللجوء الى عصبة الامم ، الا ان تغير موقف الحكومة البريطانية الداعم له و انحيازها الى رضا شاه حال دون نجاح خزعل بالتصدي لسياسة رضا شاه الذي استطاع و عبر الخداع ان يخطف الشيخ خزعل عام1925 و ينقله الى طهران و قد بقي هناك في الاسر حتى وفاته عام 1936.
و بسيطرة رضا شاه على المنطقة الغي الحكم الذاتي الذي كان يتمتع به اقليم عربستان وعمد رضا شاه وبعد وفاة الشيخ خزعل مباشرة إلى اصدار مرسوما عام 1936 امر بموجبه تغير أسم المنطقة من عربستان الى خوزستان .وذلك بعد ان كانت تتمتع بالاستقلال تارة و الحكم الذاتي تارة اخرى طيلة خمسة قرون.
منع تدريس اللغة العربية
وقال السيد عبديان في كلمته رغم ان السكان الفرس في ايران لا يشكلون الا 40% من مجموع السكان، الا ان الحكومات المتعاقبة على دفة الحكم في ايران حرمت الشعب العربي من تدريس لغته العربية، وفي العهد البهلوي مورس بحقه سياسة عنصرية وهذه السياسة مستمرة منذ 86 عام وحتى اليوم .واعتمدت الدولة اللغة الفارسية كلغة رسمية في البلاد ، واصدرت قرارات أغلقت بموجبها المدارس العربية ومنعت تعليم اللغة العربية في الاقليم الذي كان العرب يشكلون آنذاك ” عام 1925″ ما يقارب حوالي 90٪ من السكان، و استمرت هذه السياسية في عهد البهلوي الثاني بنفس الاسلوب، كما ان هذا النهج لم يتغير في عهد الجمهورية الاسلامية .
واضاف السيد بني ان هويتنا الوطنية و الثقافية ولغتنا تعرضت وبشكل غير مسبوق الى الاعتداء من قبل الانظمة المتعاقبة على دفة الحكم في ايران، وذلك عبر شتى الطريق والاساليب، منها حرمان أبناءنا من الدراسة بلغتهم الاصلية، لغة الأم ،كما ان شعبنا محروم من اهم حقوقه الاجتماعية والسياسية .
الفقر والحرمان
وقال السيد بني سعيد رغم ان 90% من النفط المنتج في ايران يقع ضمن نطاق الاراضي الأهوازية ، الا أن المواطنين العرب يعيشون في فقر مدقع ، ولم تخصص الحكومة أي نسبة من عائدات هذا النفط المنتج لتنمية منطقتنا، وانما تذهب عائداته بمجملها لصالح الدولة المركزية التي يدير شؤونها و يتحكم بها اليوم حفنة من رجال الدين .
انتهاك حقوق الإنسان والتطهير العرقي
وتطرق بني سعيد الى سياسة التطهير العرقي والى الانتهاكات المستمرة التي يعاني منها شعبنا العربي الأهوازي في مجال حقوق الانسان وذلك على مدى السنوات ال 89 الماضية، وسوآءا في العهد البهلوي او في عهد الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث قال : ان شعبنا و خلال هذه العقود تعرض الى شتى انواع القهر السياسي والثقافي والاجتماعي والاقتصادي. حيث جردت هذه الأنظمة العرب الأهوازيين وهم السكان الأصليين من كافة من حقوقهم الإنسانية، ومارست بحقهم سياسة التطهير العرقي البغيضة واعتبرتهم مواطنين من الدرجة الثانية والثالثة ، حيث نهجت الجمهورية الإسلامية الايرانية نفس النهج الذي سار عليه النظام البهلوي السابق والذي هدفه القضاء على الهوية الوطنية للعرب الأهوازيين ، حيث لا يمكن مقارنة هذا الاضطهاد بالاضطهاد الذي يمارس بحق القوميات الاخرى، وذلك بحكم موقع منطقتنا الحساس. واشار السيد بني سعيد في كلمته امام المؤتمر : قائلا ان المبدأ الاساسي التي تنطلق منه الانظمة التي حكمت ايران سوآءا في عهد الشاه او في عهد الجمهورية الاسلامية ينطلق من أن إيران، هي أمة ذات لغة ودين وتاريخ واحد، ولكن الواقع غير ذلك ، فإيران هي من بين اكثر دول المنطقة من حيث التنوع القومي، انها دولة متعددة القوميات، و تتألف من ست قوميات رئيسية هما العرب، البلوش ، الأكراد ، الفرس ، الأتراك والتركمان، بالإضافة الى مجموعات أصغر من الجماعات اللغوية والقبلية الأخرى. وبذلك لا تدعي أي مجموعة قومية عرقية، على انها هي التي تشكل الأغلبية العددية على الصعيد الايراني ، ولكن كل مجموعة قومية في موطنها تعتبر هي الأغلبية ، وهنا لابد من الاشارة ان هناك مجموعات دينية تعيش في ايران وهم الموطنين السنة والمسيحيين واليهود، بالإضافة الى اقليات دينية اخرى مثل البهائيين و الزرادشتين و الصابئة واتباع الطريقة الصوفية .
القوميات مجتمعة تشكل الاكثرية في ايران
و اشار السيد كريم الى ان نسبة المجموعات القومية والدينية تشكل حسب بعض التقديرات ما لا يقل عن 50 % الى 65٪ من السكان في ايران ، الا ان هذه الجماعات لا ينطبق عليها حق المواطنة لا يجري الاعتراف بها ولا يذكر اسمها بالدستور، فالدستور يقر على ان اللغة الفارسية هي اللغة الرسمية الوحيدة في البلاد، في حين وفقا لتصريح النائب السابق لوزارة التعليم السيد حبيبي ، ان 30% من الطلاب في ايران فقط يتكلمون الفارسية قبل دخولهم المدرسة.
تمييز مذهبي وانتهاك مبدأ المواطنة
وقال السيد عبديان ان المذهب الرسمي في البلاد وهو المذهب الشيعي والأدب والتاريخ واللغة والتعليم الفارسي مقارنة بما هو موجود لدي القوميات يحظى بامتيازات كبرى ، وبالتالي ادي ذلك عمليا الى انتهاك مبدأ المواطنة وعدم المساواة في الحقوق، بالإضافة الى الاقصاء و التهميش وبث العداء والشقاق بين المجموعات القومية المختلفة، وبالتالي فقدان التضامن وعدم اعطاء أي فرصة للتحول الديمقراطي. كما اننا نعتبر أي وسيلة اعلامية او أي شخص اعلامي او كاتب شاعر او مثقف في ايران لا يدين هذه الظاهرة، هو في الحقيقة شريك في هذا القمع العرقي والديني المستمر ، اذ لا يمكن لنا الحديث عن مبدأ المساوة في المواطنة، دون المساواة في استخدام اللغات والأديان والثقافة والمساواة في الحقوق الإنسانية لجميع المواطنين، وكذلك المساواة في الحقوق الفردية والجماعية. وكما هو معلوم ان حظر اللغات غير الفارسية يترافق مع حظر آدابها هو من اهم الاسباب في ايجاد عدم المساواة والمواطنة.
النزعة القومية العنصرية
وتطرق السيد عبديان في كلمته الى تعزيز النزعة القومية العنصرية في إيران، وقال ان هذه النزعة كانت ولا تزال تشكل جوهر السياسة العنصرية، وهي تنطلق من مفهوم – الدولة – الامة وهي تستخدم مفهوم الايراني كمرادف للفارسي، وكثيرا ما نرى ان هذه النزعة القومية تعبر عن نفسها في معاداة العرب الأهوازيين ،لن القومين الفرس العنصريين يعتقدون ، انه كانت لديهم حضارة و ان العرب هم المسؤولين عن تدميرها .
معاناة المواطن العربي الأهوازي
وتطرق السيد عبديان في كلمته الى معاناة المواطن العربي وقال: ان هذه المعاناة تبدأ منذ اليوم الاول لدخول المواطن المدرسة ، كما انها تستمر وذلك بسب عدم قدرة المواطن الأهوازي على التواصل مع اجهزة الدولة كالمحاكم والدوائر الحكومية الاخرى بسبب عدم المامه باللغة الفارىة ، الامر الذي نتج عنه اضاعت الكثير من حقوقه وجعلته في عذاب دائم ، وكانت من نتائج هذه السياسة ان يعيش العرب في ادني مرتبات السلم الاجتماعي و الاقتصادي، لأنه كثير ما تواجه مطالب العرب في مجال حقوق الانسان وحق التعليم بلغة الام وتحسين الاوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية على انها مطالب تدعو الى ” الانفصال ” او ان اصحابها ينتمون الى ” المذهب الوهابي” او انهم ” عملاء للدول الاجنبية ” و انهم يشكلون خطرا ” على سيادة ايران و سلامة وحدة اراضيها “.
واضاف ان المنهجية التي سارت عليها الأنظمة المتعاقبة على دفة الحكم في ايران هي منهجية معادية للعرب الأهوازيين ولعل اهم مظاهرها هو طمس الهوية القومية و الثقافية، بالإضافة الى تجاهل تاريخ هذا الشعب ومحاربة لغته وذلك عبر شتى الوسائل وفي مقدمتها الوسائل الاعلامية و قد انتقلت هذه العدوى ومع الاسف الشديد الى المواطنين الفرس انفسهم .
وأكد عبديان على أنه رغم الوعود التي اطلقها الرئيس روحاني اثناء حملته الانتخابية و المتمثلة في وضع حد للتمييز بين القوميات في ايران ، الا اننا نرى على الواقع ان سياسة التطهير العرقي لا تزال مستمرة و تتمثل هذه السياسية في تشجيع المواطنين من المقطعات الوسطى من ايران مثل اصفهان و يزد و رفسنجان الى الهجرة وتوطينهم في المناطق العربية ،وذلك عبر تقديم كافة الحوافز والاغراءات الاقتصادية و المعنوية لهم، وفي المقابل يضيق الخناق على العرب من اجل حملهم على الهجرة ومنها الهجرة القسرية الى مناطق في العمق الايراني ، ومن مظاهر التهجير الاخرى نقل بعض افراد الشرطة والموظفين العرب الى مناطق داخل ايران، وتعين افراد من غير العرب محلهم ، بحيث نرى في الوقت الراهن جميع المسؤولين الكبار في اقليم عربستان هم من غير العرب و لم يتم تعيين محافظ عربي للمنطقة طيلة 89 عام ، ولم تقف الامور عند هذا الحد ، بل تم تغيير حتى أسماء المدن والبلدات والقرى والأنهار والمعالم الجغرافية الأخرى من الاسماء العربية إلى الفارسية وهذه السياسة مستمرة سواء في عهد النظام الملكي او عهد نظام الجمهورية الاسلامية .
تزايد الاعدامات في ظل حكم روحاني
وتطرق السيد عبديان الى ما يحري الان في ايران و قال : مما يثير الانتباه ان حملة الاعدامات و الاعتقالات ضد المواطنين العرب الامنين قد ازدادت وتيرتها في عهد روحاني اكثر مما كانت عليه في عهد احمدي نجاد، ورغم النداءات الصادرة عن المقرر الخاص للأمم المتحدة لوقف تنفيذ هذه الإعدامات الا انها مستمرة على قدم ساق وقد تم حتى الان ما يقارب اكثر من أحكام الإعدام في حق المناضلين العرب والنشطاء السياسيين من قبل، واعلن رسميا وعلنا تنفيذ اعدام أكثر من 30 نشطاء عربيا من بينهم كتاب و شعراء و مدرسين ومن نشطاء الحقوق المدنية و الثقافية، لعل من اشهرهم السيد شعباني والسيد راشدي ، كما ان هناك عدد من نشطاء المجتمع المدني و الحقوق المدنية ينتظرون حكما بتنفيذ حكم الاعدام بهم .
الحرب العراقية الإيرانية وتأثيراتها
وتطرق السيد كريم بني سعيد الى التأثيرات الكبرى و المدمرة التي خلفتها الحرب العراقية الإيرانية ومنها الألغام التي تقتل وتشوه المزارعين العرب، بالإضافة الى التلوث الناجم عن الأسلحة الكيميائية، مما أدي إلى ارتفاع معدلات التشوهات الولادية. وارتفاع مستويات الفقر بين عرب الأهوازيين وقد وصل اليوم الى حد فاق حجم الفقر في العديد من البلدان الأفريقية في حين الثروة النفطية التي تنتج هي في اقليم الاهواز.
كما تطرق السيد عبديان الى سياسية التطهير والمتمثلة بتهجير العرب من اراضيهم مبينا ذلك بالأرقام و قال : ان الهدف النهائي المعلن لهذه السياسة هو تغيير التركيبة السكانية وتحويل العرب من اكثرية في الاقليم الى اقلية .
حق تقرير المصير
على ضوء ما تقدم تطرق الدكتور بني سعيد الى مفهوم حق تقرير المصير وقال إنه باختصار ” حق مجموعة معينة من الناس بحرية السيطرة على مصائرهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد نص القرار رقم 1514 الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة على “حق الشعوب دون تمييز في تقرير مصيرها السياسي و الاقتصادي والاجتماعي والثقافي “.
كما أشار الى اهم القرارات و المواد الصادرة عن هيئة الامم المتحدة و المنظمات الملحقة بها ومنها المادة الاولى من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و المدنية و السياسية لعام 1966 وكذلك قرار الجمعية العامة لسنة 1970 ووثيقة هلسنكي لسنة 1975و اخيرا قرارات ميثاق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، التي اعتمدت في باريس عام 1994، والتي كلها تشير إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها ” كما يشير الى تقرير خبراء الامم المتحدة الذي عقد في برشلونة عام 1988والذي نص على ” ” حق تقرير المصير كمساهمة في منع الصراعات، الدولية ، حيث يرى بعض فقهاء القانون ، ان لحق تقرير المصير مظهرين ، المظهر الداخلي و المظهر الخارجي ، فمن وجهة النظر الداخلية ، ويعني حرية حق الشعب في اختيار مؤسساته الوطنية، و شكل الحكم الذي ترغب به ” .
وفي خضم الارتباكات حول التعاريف المختلفة و المتعلقة بحق تقرير المصير يشير السيد عبديان الى اجتماع خبراء اليونسكو المنعقد عام 1989 ان حق تقرير المصير يمنح للجماعات الانسانية الذي تتميز بالمشتركات التالية:
1- التاريخ و العادات و التقاليد المشتركة
2- الهوية القومية أو الاثنية
3- التجانس الثقافي
4- الوحدة اللغوية
5- تقارب الديني أو الأيديولوجي
6-الاتصال الإقليمي
7. الحياة الاقتصادية المشتركة.
وفي الختام يجب الاشارة إلى أن كلمة الدكتور كريم عبديان بني سعيد كانت شاملة وتمت ترجمهتها وعرضها نقلا عن الانجليزية وباختصار وإيجاز.. لذلك اقتضى التنويه.
جابر احمد 24 سبتمبر – ايلول 2014