د. أسامة مهدي – في مهرجان استذكاري لانتفاضة العرب الإيرانيين في اقليم الاهواز عام 2005، حيث تشن السلطات الإيرانية حاليًا حملة اعتقالات واسعة، دعت قوى سياسية وقومية في إيران إلى منح الشعوب الإيرانية غير الفارسية حق تقرير المصير وشددوا على أن هذا لن يتحقق الا بإسقاط النظام الحالي، فيما انتقد ناشطون بريطانيون في شؤون حقوق الانسان عدم دعم الامم المتحدة والمجتمع الدولي للاهوازيين في كفاحهم للتخلص من الظلم والاضطهاد.
لندن: في المهرجان الذي شهدته لندن أمس، ونظمه حزب التضامن الديمقراطي الاهوازي وحضرته “إيلاف”، تحدث دانيال بريد رئيس جمعية الصداقة البريطانية الاهوازية عن ضحايا الاضطهاد الإيراني من عرب الاهواز، وقال إنه رغم ذلك فإن الاهوازيين مصممون على مواجهة آلة القمع الإيرانية. وأشار إلى أنّ اقليم الاهواز هذا الجزء العربي من إيران يعاني الفقر والاهمال والبطالة مناشدًا المجتمع الدولي إلى دعم شعب الاقليم في الحصول على حقوقه الانسانية ورفع الظلم عنه.
أما بيتر تشارجر النائب البريطاني السابق والناشط في مجال حقوق الانسان والاهتمام بقضية الاهواز، فقد أشار إلى أنّ العالم العربي يشهد حاليًا انتفاضتين الاولى في فلسطين والثانية في الاهواز من أجل الحصول على الحرية والحقوق المشروعة. ووجه انتقادات حادة إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لعدم دعم نضال مواطني اقليم الاهواز وبقية الشعوب الإيرانية غير الفارسية التي تواجه آلة القمع الإيرانية.
وأكد أنّ إيران لم تشهد أي تحسن في أوضاع شعوبها الانسانية بعد تولي الرئيس الحالي حسن روحاني للرئاسة في إيران منذ تموز (يوليو) الماضي مؤكدًا أنه على العكس من ذلك فإن الاعدامات قد زادت وخاصة في الاهواز. ووصف روحاني بأنه رجل علاقات عامة يدعي بأنه اصلاحي في حين أنه ينفذ سياسات المتطرفين فهو لم يعطِ أي اهتمام لموضوع حقوق الانسان في بلاده.
وأضاف الناشط البريطاني أن شعب الاهواز ورغم الاضطهاد والقمع اللذين يواجههما، فإنه مستمر في نضاله من اجل مستقبل افضل، الامر الذي سيقوده إلى الحرية حيث أن حكام إيران الحاليين لن يستمروا بالتسلط عليه إلى الابد. وأشار إلى أنّ شعوب إيران الفارسية ستحقق انعتاقها لتعيش بحرية وسلام وتضامن، وهذا الامر ليس بعيداً عن التحقق وظهور إيران الحرة.
تفتت الايمان بشيعية حكام إيران
اما الأمين العام لمركز مناهضة العنصرية ومعاداة العرب في إيران يوسف عزيزي أشار إلى أنّ قضية إيران تتمحور حول ثلاث قضايا : النظام الإيراني والشعوب غير الفارسية والشعب العربي وكل هذه تدور حول محور واحد هو المذهب الشيعي فهو الذي يحرك هذه الدائرة، ولكنه خلال 70 سنة الاخيرة فإن ما يحرك هذه الماكنة الشيعية هو نفط اقليم الاهواز.
وأشار إلى أنّ النظام الإيراني عمل على تفريس مملكة عربستان السابقة من خلال استهدافه لأي وجود عربي في الاهواز والقضاء على آخر من يتكلم اللغة العربية. وأضاف قائلاً لكنه في السنوات الاخيرة وبعد ظهور النزعة القومية الفارسية التي سمت نفسها بالإيرانية وتسلطها على الحكم فقد بدأت عمليات تفريس للقوميات العربية والكردية والاذارية والبلوشية، لكن الاهواز فجرت انتفاضتها عام 2005 لتتبعها ثورات الشعوب الاخرى غير الفارسية التي يتجسد كفاحها الآن من اجل حكم لامركزي يمكنها من حكم نفسها بنفسها.
وأوضح أن الامل في انفراج الأوضاع في إيران وتغيّرها هو المذهب الشيعي لب النزعة الفارسية، وهو الذي تؤمن به غالبية الشعوب الإيرانية.. فحلقة هذا المذهب بدأت تضعف بسبب تسييس الدين شرعنة رجاله لقتل واضطهاد الناس بإسم الدين، والذي ادى اضعاف المرجعية الشيعية حتى غير السياسية منها الامر، وهو ما قاد إلى اضعاف الخطاب الإيراني والنزعة القومية الفارسية الإيرانية بسبب تفتت ايمان الشعوب غير الفارسية بسياسات رجال الدين الشيعة وبدء مرحلة التشكيك بهم ثم الانفضاض من حولهم، الامر الذي سيدفع إلى تطورات كبيرة خلال السنوات القليلة المقبلة.
التحرير في الإتحاد
ومن جهته أكد الأمين العام لحزب التضامن الديمقراطي الاهوازي عدنان سلمان إيمان الحزب بحق تقرير المصير لشعب الاهواز وبقية الشعوب المضطهدة في إيران وتحرير الانسان العربي الاهوازي وباقي الشعوب من السيطرة والظلم.. وقال إن ذلك لن يتم الا في ازالة النظام الحالي.
ودعا إلى توحد القوى الفاعلة من ابناء القوميات بما فيها القومية الفارسية التي تمثلها القوى التقدمية التي تناضل ضد الديكتاتورية والاستبداد في إيران وتعترف بحق تقرير المصير للشعوب حيث أنها تعتبر حليفة لتلك الشعوب تحت شعار واحد، وهو العمل المشترك في ميادين النضال المختلفة، وهو يعتبر شعار الحد الادنى لاقامة نظام حكم ديمقراطي وعلماني ولامركزي – فيدرالي لمستقبل إيران.
وأضاف أن الشعب العربي في إيران لن يتمكن على انفراد ان يحقق اهدافه الا من خلال الاتحاد مع باقي الشعوب غير الفارسية من جهة، ومن جهة اخرى فإن القومية الفارسية هي الاخرى بمفردها لم تتمكن الخلاص من النظام الذي يضطهد الجميع الا من خلال الاتحاد الشامل.
وقال إن الاهوازيين يطمحون لان تكون لهم حكومة محلية تضمن لهم سيادتهم الوطنية على ارضهم التاريخية وتحفظ لهم لغتهم وثقافتهم واقتصادهم وان تكون لهم الاولوية بالاستفادة من منابعهم الطبيعية المختلفة. وأوضح انه بناء على هذه الرؤية فقد شارك الحزب عام 2005 مع عدد من الاحزاب التابعة للشعوب غير الفارسية بتأسيس (مؤتمر شعوب إيران الفيدرالية) والذي اصبح الآن يضم 16 تنظيماً من ابناء القوميات، التركية والكردية والعربية والبلوشية والتركمانية والبختيارية.
وأشار إلى أنّ شعار الاستقلال وان كان حقاً من حيث المبادئ الانسانية والمفاهيم الديمقراطية، لكنه من غير وجود الظروف المناسبة لضمان تحقيقه يبقى مجرد امنية، ولا يمكن بناء قاعدة نضالية على اساس الامنيات.
وأوضح ان الموقف السائد عالميًا ولموقف الامم المتحدة الواضح والاتحاد الاوروبي ودول صاحبة القرار في العالم، نرى انها تخالف أي نوع من المطالب والشعارات المبنية على الانفصال والاستقلال لاسيما لشعوب بلدان الشرق الاوسط ، “وبالتالي ليس بمقدورنا أن نحصل على تأييدها فحسب وانما نضعها أن تتخذ موقفاً سلبيًا ومضادًا لنا ولحركتنا النضالية ولمطالبات شعبنا المشروعة وقضيته العادلة”.
وأضاف أنه لأن هناك ارادة دولية بعدم تقسيم بلدان الشرق الاوسط، ولكن في نفس الوقت حصلت الشعوب والاقليات لاسيما في العراق وافغانستان على اغلبية حقوقها القومية ضمن البلدان التي تعيش فيها. وطالب القوى الاهوازية إلى الاتفاق على شعار الحد الادنى لمواصلة النضال كل على طريقته التي يراها مناسبة.
وشدد الأمين العام لحزب التضامن الديمقراطي الاهوازي على ضرورة تشكيل جبهة واسعة ضد النظام الإيراني والاسهام في تنظيم واقامة مؤتمرات وندوات في مختلف انحاء العالم من اجل تجميع قوى المعارضة الإيرانية لمناقشة مستقبل إيران والخروج بنتائج ترضي الجميع ولترويج لعدم اطاعة النظام ولشعار العصيان المدني وتوضيح الهدف الكامن من وراء تحقيق شعار اسقاط النظام التي يطالب به مؤتمر الشعوب… إضافة إلى العمل من أجل ايجاد البديل للنظام وفي حالة الضرورة تشكيل حكومة موقتة لطمأنة المجتمع الدولي وكسب التأييد لها وعلى العمل على منع حرب داخلية مستقبلية في إيران والعمل على منع المخاطر التي تهدد امن واستقرار الخليج العربي ومشاركة المؤسسات التابعة لمنظمة الامم المتحدة والمجتمع الدولي لتحسين أوضاع المنطقة.
ممثلو الشعوب الإيرانية غير الفارسية
ثم تحدث ناشطون وممثلون عن الشعوب غير الإيرانية عن الأوضاع الصعبة لابناء هذه الشعوب في ظل قمع واضطهاد النظام حيث استعرض هذه الأوضاع كل من ياسر عبد الفتاح رئيس مركز الدراسات الانسانية ورحيم بندهئي نائب رئيس حزب الشعب البلوشي وعلاء الدين فتح رازي ناشط من اذربيجان إيران وعبد الرحمن الحيدري الناشط الاهوازي.. كما القيت قصائد وغنيت اناشيد وطنية تمجد كفاح الشعب الاهوازي.
انتفاضة الاهواز 2005
وكان اقليم الاهواز في منطقة عرستان في إيران شهد في نيسان (ابريل) عام 2005 انتفاضة شعبية دامية عقب تصاعد تنفيذ سياسات التطهير العرقي من قبل النظام الإيراني واثر تسرب وثيقة من مكتب رئيس الجمهورية الاسبق خاتمي تنص على تهجير المزيد من العرب من أجل تغيير الطابع السكاني في المنطقة لصالح الفرس المستوطنين واغتصاب الأراضي العربية وتجريد الأهواز من طاقاتها الفكرية والعلمية من خلال إبعاد المتعلمين العرب من مدنهم إلى المدن الإيرانية.
ونتيجة لذلك، فقد خرج شعب الاهواز منتفضًا في 15 نيسان 2005 معبراً عن رفضه واستيائه لاستمرار خطط النظام العنصرية، حيث سقط خلال هذه الانتفاضة مئات الضحايا والجرحى وآلاف المعتقلين.
يذكر أن منطقة الاهواز كانت امارة عربية و يسكنها حاليًا 6 ملايين من العرب، وقد سيطرت عليها إيران عام 1925 واطلقت عليها اسم عربستان و من ثم خوسستان. ومحافظات الأهواز هي الفلاحية والمحمرة وعبادان والحويزة والخفاجية والبسيتين و-معشور والخلفية وتستر.
وقد قام النظام الإيراني بتهجر الكثير من العرب إلى المحافظات الإيرانية الداخلية ليغيّر التركيبة السكانية العربية في هذه الأرض، ثم صادر أراضي الفلاحين الأهوازيين ليؤسس فيها شركات للفرس المهاجرين إلى الأهواز وشركة قصب السكر إحدى هذه الشركات ومن رفض بيع أرضه للحكومة بسعر زهيد فقد هدد أو سجن أو قتل، فمثلاً في قرية قلعة الطرفية فقد رفض أهلها أن يبيعوا أراضيهم للحكومة فهجم رجال الشرطة عليهم وقاموا بضربهم ورميهم فجرحت النساء وسجن الرجال واستشهد طفل.
وفي الاهواز تمنع السلطات الإيرانية التكلم باللغة العربية أو تدريسها في مدارس أو النطق بها في الادارات والشركات الحكومية والبنوك.. كما تمنع ارتداء اللباس العربي والخليجي وشددت الحكومة على من يلبس الدشداشة والكوفية. ومعروف أن اقليم الاهواز بجنوب غرب إيران هو من أكثر المناطق في إيران غنى بالثروات من نفط وغاز ومياه وزراعة.
د. أسامة مهدي – إيلاف