بـ«محور المقاومة» المناهض لأمريكا وإسرائيل.
لذا، عندما سلمت الجامعة العربية مقعد سورية الشاغر للمعارضة السورية في السادس والعشرين من مارس، وأيدت تقديم مساعدة عسكرية للثوار المناهضين للنظام، لم يكن غريباً أن يأتي أعلى صوت مستنكر لذلك من إيران.
فقد حذر وزير خارجيتها علي أكبر صالحي قائلاً: لقد أوجدت الجامعة العربية بقرارها هذا سابقة خطيرة لن تؤدي فقط لزيادة المشاكل بل وسوف تضع حداً أيضاً لدور الجامعة العربية في المنطقة.
الحقيقة أن الامتعاض الإيراني هذا ما هو إلا الجانب الدبلوماسي لمعركة تدور بالوكالة في سورية يتلقى فيها الطرفان المتحاربان كميات كبيرة من الأسلحة من قوى خارجية ولاسيما خلال الأشهر القليلة الماضية. إذ تصاعدت وتيرة الدعم المالي والعسكري الإيراني للأسد في الآونة الأخيرة لتصبح بمعدل أسبوعي بينما عمدت كل من قطر، الأردن والمملكة العربية السعودية الى نقل أسلحة جديدة الى الثوار بموافقة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية. وهذا ما دعا مبعوث الأمم المتحدة الى سورية الأخضر الإبرايمي الى القول إن هذا البلد بات ساحة لقوى إقليمية متنافسة.
استعداد لعالم ما بعد الأسد
لكن مع استمرار الثوار في الاستيلاء على المزيد من المناطق والقواعد العسكرية والعتاد، يُجمع معظم المحللين السياسيين أن نظام الأسد لن يتمكن من البقاء بشكله الراهن أو أن يبقى الرئيس حياً عند سقوط هذا النظام في النهاية. بل وحتى إيران تستعد الآن على ما يبدو لعالم ما بعد الأسد على الرغم من دعمها العلني له الآن.
يقول مهدي خلجي، المتخصص في الشؤون الإيرانية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: لولا الأموال الإيرانية والمساعدة الاستراتيجية لكان الأسد قد سقط منذ وقت طويل. لكن لدى الإيرانيين من الناحية السياسية ما يُعرف بـ«الخطة B» التي تسمح لإيران حماية مصالحها الى حد ما حتى ولو سقط الأسد.
الخطة B
جوهر هذه الخطة هو ميلشيا موالية للنظام ساعدت إيران في إنشائها تحت اسم «جيش الشباب». وسوف تعمل هذه الميلشيا على حماية العلويين في حال اضطروا للانسحاب الى الجزء الساحلي أي الشمالي الغربي من سورية الذي هو امتداد للساحل اللبناني أيضاً.
لكن من غير المحتمل أن يحقق أي طرف في الصراع مكسباً حاسماً، إذ لما كان كل طرف منهم يحظى بتأييد خارجي قوي، ستنقسم سورية وفقاً لأسس طائفية وعرقية تبرز بعدها منطقتان منفصلتان الأولى علوية والثانية كردية بجانب المنطقة السُّنّية الأكبر.
وهنا علينا أن نلاحظ أن إيران استخدمت سورية منذ ثورتها الإسلامية عام 1979 ممراً لنقل الأسلحة والذخائر لميلشيا حزب الله اللبناني، لكن هذا الممر سيُغلق في حال سقوط الأسد. لذا، ومن أجل ضمان استمرر هذه القناة جاءت الخطة B التي تعني أن إيران سوف تتمكن من خلال وجود ميلشيا الشباب والجيب العلوي في شمال غرب سورية من المحافظة على اتصالاتها مع الميلشيات الموالية لها كي تضمن أن تستخدم جزءاً من أراضي سورية كجسر للوصول الى لبنان والأراضي الفلسطينية.
طوق نجاة
لكن على الرغم من تركيزها على الخطة «B» لا تزال إيران تزيد دعمها العسكري للأسد في محاولة منها لإعطاء النظام «طوق النجاة»، طبقاً لتقرير استخباراتي غربي يقول إن شحنات الأسلحة الإيرانية، التي تصل الى سورية عبر الأجواء العراقية، تتضمن أجهزة اتصال، قطع غيار لطائرات تحلق بلا طيار، أسلحة استراتيجية متقدمة مثل صواريخ تُطلق من البر للبحر وقذائف بالستية.
لكن على الرغم من هذا الدعم العسكري النوعي، يقول كينيث كاتزمان محلل الشؤون الدولية في مركز أبحاث الكونغرس بواشنطن كل هذه الأسلحة لن تكون حاسمة، وسوف يسقط الأسد. ويضيف كاتزمان قائلاً: فأنت لن تستطيع أن تغيّر النتيجة ما لم تشحن كمية كبرى من الأسلحة غالية الثمن، ولا أعتقد أن بمقدور أي جهة القيام بذلك. وهنا علينا أن نتذكر أن مخازن الأسد بدأت تنضب فقد تم إسقاط الكثير من الطائرات ودمر الثوار الكثير من الدبابات واستولوا على بعضها ليحاربوا بها النظام. ولم يعد بمقدور الإيرانيين فعل المزيد لأن ذلك سيعني انكشافهم كمتورطين بشكل مباشر في الصراع. لكن يبدو لي أن عقلية الإيرانيين تتماثل الى حد ما مع عقلية الأسد، فهم يعتقدون أنه لو أظهر القوة والصلابة لأطول وقت ممكن لتمكن من الاستمرار في السلطة. أعتقد أنهم يبالغون في تقدير قدرتهم على إنقاذه.