ويمكن تقسيم الغموض كالآتي:
1- الغموض الشعبي: بعد الصدمة التي تلقاها الشارع الإيراني بعيد الانتخابات الرئاسية السابقة وقمع المعارضين وفرض الإقامة الجبرية على زعيمي المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي وزج المئات من قادة الحركة الخضراء في السجون من الصعوبة جس نبض الشارع الإيراني بسهولة والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستشارك الجماهير بنفس النسبة التي شاركت بها في الانتخابات الدورة الرئاسية العاشرة. في حالة غياب أي مرشح اصلاحي؟
2-غموض حول المرشحين: بالرغم من الحديث الدائر في الأوساط السياسية حول ترشيح محمد خاتمي وبالرغم من الرسالة التي وجهها 92 من الشخصيات الاصلاحية إلى خاتمي يدعونه لترشيح نفسه للانتخابات ليس معلوم بعد بأن خاتمي سيرشح نفسه أم لا سيما وأن الرئيس السابق وضع شروطا لمشاركة المرشحين منها اطلاق سراح السجناء وايجاد مساحات اوسع من الحرية . وهل سيصادق مجلس صيانة الدستور على أهلية خاتمي لخوض الانتخابات الرئاسية؟
3-الصراع بين المحافظين: كان الصراع في الانتخابات السابقة واضح المعالم حيث اصطف المحافظون في صف واحد تقريبا دعما لمحمود أحمدي نجاد مرشح المرشد الأعلى للنظام ووقف الاصلاحيون جميعا خلف مير حسين موسوي ولكن هذه المرة هناك شرخا حقيقيا في صفوف المحافظين الأمر الذي جعل الموالين التقليديين للنظام في حيرة من أمرهم .
وكان أحمدي نجاد مطيعا للمرشد في الدورة الاولى لرئاسته ولكن اليوم لا أحمدي ولا منافسيه في المعسكر المحافظ الذين يرنون إلى نزع السلطة التنفيذية من فريقه، لا يعيرون أي اهتمام بتوصيات المرشد التي تصل إلى حد التهديد بخصوص نبذ الخلافات فمن هذا المنطلق يتوقع الكثيرون من خبراء الشأن الإيراني بأن المرحلة القادمة ستشهد المزيد من الصراع المفعم بالمؤامرات والمؤامرات المضادة من قبل الفريقين ضد بعضهما البعض.
وأما فريق أحمدي نجاد ونظرا لدركه العميق للفقدان المضطرد لمصداقية المرشد في الاوساط الشعبية لا وبل الدينية صار يتجاوز علي خامنئي وفي الرسالة التي كان وجهها له أحمدي نجاد بعد خلافاته مع البرلمان وخاصة الأخوة لاريجاني خاطبه بالقول وبلغة تحدي قائلا “الشعب والبلد يعاني من الضغوط نتيجة للعقوبات ونتيجة لمعارضتكم للتفاوض مع الأمريكان وطبقا لنص الدستور إنكم ملزمون بصون مكانة رئيس الجمهورية العليا المنتخب من قبل الشعب…”
ويرى الخبراء بأن هذه الرسالة لم تكن رسالة حول الخلافات خاصة وإن كاتبها أي أحمدي نجاد لم يعتل كرسي الرئاسة لو لا الدعم اللامحدود الذي قدمه خامنئي له بل رسالة تحدي لعلي خامنئي تقول له بأن فريق أحمدي نجاد لن يتخلى عن المنصب الرئاسي بهذه السهولة وأفضل شخص في فريق أحمدي نجاد هو اسفنديار رحيم مشائي الذي تشير كافة المؤشرات بأنه سيكون المرشح الرئاسي من هذا الفريق.
ولكن يتبين من التصريحات التي ادلي بها الاصوليون بانه لايمكن السماح لجماعة حلقة المنحرفين (تطلق على المقربين من احمدي نجاد) وعلى رأسهم مشائي من الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. مما دفع باحمدي نجاد ان يرد على تلك التصريحات وآخرها ماصرح به يوم امس الاثنين حيث قال: ” ان الانتخابات هي من الحقوق الاساسية للامة ولن يكن بوسع أي جهة مصادرتها، حيث نرى بعض الساسة يحاولون بأي ثمن حذف منافسيهم.”
واضاف، :”على الجميع ان يدرك بانه لايجوز لاي شخص ان يوجه الاهانات والافتراءات والصاق التهم ضد شخص آخر لان هذا العمل هو خلاف للشرع والدستور ويعتبر نقطة مواجهة للثورة وخيانة للامة حيث انها لا تسمح لاي جهة من ممارسة مثل هذه الاعمال”.
وحذر الرئيس نجاد مرات عديدة من مغبة التدخل في الانتخابات ويبدو ان تصريحاته الاخيرة موجهة الى مجلس صيانة الدستور ورئيسه آية الله احمد جنتي . وبالرغم من معرفة الجماهير الايرانية من ان الانتخابات هي عبارة عن مسرحية يقوم بها نظام الجمهورية الاسلامية بين فترة واخرى، ولكن النظام طيلة الثلاثة عقود ونيف الماضية استطاع ان يستخدم شتى الاساليب والطرق وممارسة التكتيكات المختلفة لتسخين الاجواء قبل الانتخابات مما أدت الى جر الجماهير للمشاركة في الحراك الانتخاباتي لصالح او ضد هذا المرشح او ذاك وكما تبين التجارب فان الجماهير الايرانية في السابق وقفت الى جانب المرشح الذي لديه مواقف مضادة من المرشد خامنئي.
وهناك رغبة لدى الاصوليين وعلى رأسهم المرشد في مجئ رئيس جمهورية يكون قادرا على ان يخرج النظام من الازمات التي تعصف به في الوقت الحاضر لاسيما ازمة الملف النووي التي اوصلت النظام الى الهاوية ويفضل الاصوليون ان يكون من بين المفاوضين في المجال النووي وهم : 1- حسن روحاني. 2- سعيد جليلي. 3- علي اكبر صالحي. 4- علي لاريجاني.
وفي الايام الاخيرة فهناك شخصيات اخرى من الاصولين هي الاخرى بدأت بالتحرك الدعائي لخوض الانتخابات من خلال مقربيهم وعبر صفحات الفيس بوك وهم الرئيس السابق للبرلمان غلامعلي حداد عادل ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف ومستشار المرشد للشؤون للخارجية علي اكبر ولايتي، وهناك الشخصية المثيرة للجدل وهو اسفديار رحيم مشائي المقرب الى الرئيس نجاد والذي من المحتمل ان يرشح نفسه لخوض الانتخابات التي بدأ بالتحضير من خلال مراكز تم تشيدها للدعاية الانتخاباتية. وفي حال الافلات من فلترة مجلس صيانة الدستور الذي يشرف عليه الاصوليون فان رحيم مشايي سيكون من اقوى المنافسين. ومن جانب آخر فان التيار الاصلاحي على الرغم من ابتعاد قياداته عن السلطة والمسؤوليات الحكومية والضغوطات التي يواجهونا و زج الكثير منهم في السجون، فانهم بدأوا بالتحرك لترشيح احد منهم لخوض الانتخابات، حيث في الايام الاخيرة ، وجه المجلس التنسيقي لجبهة الاصلاحيون (شوراي هماهنكي جبهه اصلاحات- يتشكل من 17 جمعية ورابطة مهمه المدافعة عن الاصلاحات ) بالاضافة الى 91 شخصية سياسية من الوجوه المعروفة من بين الاصلاحين وجهوا الى الرئيس السابق محمد خاتمي رسالة يطالبونه بالترشيح لخوض الانتخابات الرئاسية التي ستقام بعد حوالي ثلاثة شهور، وفي حال عدم منعه من الترشح فستكون المنافسة بينه وبين الشخصية المحسوبة على تيار احمدي نجاد قوية جدا.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ينجح خاتمي ان يمر من مجلس صيانة الدستور بعد التصريحات التي ادلى بها رئيس المجلس المذكور المتشدد احمد جنتي قبل ثلاثة شهور حين قال عن الاصلاحيين: ” لايتوهم اصحاب الفتنة الذين ارتكبوا جرائم من حضور انتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة ” ويقصد بها قادة الاصلاحيين ومنهم الرئيس السابق محمد خاتمي الذي يتهمه بعض المقربين من المرشد ومن بينهم حسين شريعتمداري مستشار المرشد خامنئي ورئيس تحرير صحيفة كيهان الايرانية بخيانة البلاد والارتباط بالدوائر الاجنبية واعداء الثورة. على الرغم من كل هذه الاشارات لكن لايزال الغموض و الترقب سائدا على الاجواء الانتخابية حيث ان الشخصيات سواء من التيار الاصلاحي أو من التيار المقرب من أحمدي نجاد وحتى الاصوليين المقربين للمرشد لم يحسموا رأيهم في الترشيح والايام القليلة القادمة ربما ستكون حبلى بالمفاجئات على المستوى المترشحين وموقف مجلس صيانة الدستور من ذلك .
اللجنة الاعلامية في حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي