يخلط بين الغث والسمين، وينخدع بالشعارات التي تجيد بعض الانظمة استخدامها في تغطية حقيقتها.
فقد كان «القائد»، كما حلا له تسمية نفسه تيمناً بمثاله الاعلى تشي غيفارا، حليفاً ومسانداً لطغاة عرب اطاحت الشعوب بعضهم، مثل معمر القذافي، وآخرين لا تزال تحاول اطاحتهم، مثل بشار الاسد، لكن علاقته الوثيقة كانت مع ايران التي جمعه بها العداء لـ «الشيطان الاكبر»، على رغم ان الزعيم الفنزويلي ظل يبيع معظم نفطه الى الاميركيين.
بالطبع كان اهتمام تشافيز منصبّاً على العمل في اميركا اللاتينية، وخصوصاً على إنقاذ انظمة متهالكة مثل نظام «آل كاسترو» في كوبا التي أمدّها بالنفط والمال بلا حساب، لكنه ايضاً نسج علاقات تعاون مع روسيا والصين، وكل من «يعادي» الولايات المتحدة او ينافسها في اقاصي الارض.
وقد منح تشافيز العقيد الليبي صفة الشهادة بعد مقتله، واعتبر سقوطه وموته خسارة لليبيا وللعالم «الثوري» الذي كان يحلم بإقامته، ذلك ان اوجه الشبه بينهما كانت كثيرة. فكلاهما ضابط وصل الى الحكم بعد انقلاب، وكلاهما اعتبر نفسه «صديق الفقراء» وتبنى مبدأ «توزيع الثروة»، وكلاهما احب اطلاق الشعارات والخطابات المطولة والظهور الاعلامي الاستفزازي والمثير. لكن تشافيز كان اصدق من القذافي، بعدما تبين ان الاخير كان عملياً يوزع ثروة بلاده التي يسرقها على اولاده، وكان يعادي «الامبريالية» بالكلام ويتوق الى الارتماء في أحضانها مثلما فعل في نهايات حكمه.
اما ايران التي وجدت في حكم تشافيز ضالتها للتغلغل في مناطق النفوذ التقليدي للولايات المتحدة، فاستغلت علاقتها الوطيدة به للقيام بما تقول واشنطن انها عمليات ارهابية نفذها عملاء ايرانيون بينهم لبنانيون من «حزب الله» وسوريون. وليس مستغرباً ان يضمه الرئيس الايراني احمدي نجاد بعد وفاته الى ركب «المهدي المنتظر» ويبشر العالم بعودته لاحقاً.
اما النظام الحاكم في دمشق فأشاد بموقف الراحل «المشرّف من المؤامرة على سورية» وتضامنه معها «في وجه الهجمة الامبريالية الشرسة التي تتعرض لها»، وهو الوصف المحبب لأجهزة اعلام الاسد الذي تطلقه على انتفاضة الشعب السوري، خصوصاً ان تشافيز زود هذا النظام بالنفط بعد فرض حظر دولي عليه، ووصف الأسد بأنه «رئيس اشتراكي يملك شعوراً انسانياً كبيراً» واعتبر ان الاميركيين يديرون مؤامرة ضده، علماً ان الثوار السوريين يشكون التجاهل الاميركي للوضع في بلادهم.