وقيادتها، فالوقت يعمل ويمضي بسرعة وبقوة ضد النظام، حيث فقد فعلياً عناصر القوة والمبادرة، وسيطرته بدأت تتلاشى على الغالبية العظمى من مساحة الأرض السورية، وهو يحاول جاهداً – منذ ما يقارب الشهر في عجز كامل وواضح- ان يصل الى أطراف مدينة حلب، لفك الحصار الخانق عن فلوله فيها التي بدأت أيضاً تخور، والدليل الأخر لعجزه وفقدانه توازنه، أنه يضرب دون هوادة بكل أنواع الأسلحة الثقيلة عن بُعد، دون تمييز بين الأهداف المدنية التي اغلب ضحاياها من النساء والأطفال والشيوخ وبين الأهداف العسكرية، الى جانب استعماله الطائرات، التي ستُحيَّد عن قريب جداً، حسب ووفق التقارير الدولية.
لقد بنى النظام السوري، عقيدته ووجوده على بث الرعب والخوف بين الشعب السوري، ولم يتورع عن قتل انسان لأتفه الأسباب، وهي أمور كانت مدروسة بدقة، وعناية فائقة، وبمنهجية منذ بداية قيامه، وأنشأ لها الأجهزة الأمنية القمعية المتخصصة التي تجاوزت أعدادها العشرات، وبفروعها المتنوعة في كل حي وشارع من سورية الى جانب التعاون مع دول متخصصة في العمل المخابراتي، لقد حاول النظام زرع بذور الفرقة والاختلاف والشك بين مكونات الشعب السوري الواحد، وضرب نسيجه الواحد التي لم يعرفها ولم يألفها طوال تاريخه المجيد بين أبنائه أو مع أشقائه العرب، حيث كان -الشعب- صاحب عقيدة اسلامية سليمة ومتمسكاً بالقيم والأخلاق العربية الشريفة والسمحة المملوءة بالانسانية المتعالية والمترفعة عن سَفاسِف الأمور، بل ان هذا النظام تعداه الى لبنان، ولعب بالورقة الطائفية والمذهبية مشعلاً نار الفتنة والاقتتال بين فئات شعبه من حين لآخر، حيث نجح فيها بامتياز، ورسخها في كل ميادين الحياة، وأصبحوا بفضله أعداءً بجدارة.
النظام الايراني يقف وراءه يدعمه ويعمل في محاولة يائسة على للابقاء عليه، لأنه يعتبر وجوده، موطئ قدم له في هذه المنطقة، لينطلق منها لتحقيق أهدافه ومصالحه الاستراتيجية القومية، حيث سخر كل امكانياته وقدراته وخبراته لهذه الغاية، الا ان هذا النظام الايراني في نهاية المطاف لا يمكن اذا ما تطورت الأمور، ان يعرض وجوده للخطر، وسيتخلى عنه في لحظة معينة، ويتركه يواجه مصيره الأسود، واكبر دليل وشاهد على ذلك، قبوله انهاء الحرب العراقية الايرانية.
انتهى أمر النظام السوري، والعالم ينتظر ويترقب انهياره وسقوطه في أي لحظة، ولن يكون ذلك مفاجئاً لأحد، وأي محاولة من أطراف اقليمية داعمة له ستضع نفسها، تحت طائلة ومحاسبة الشعب السوري أولاً، وثانياً منظمات الحقوق الدولية المختلفة، وهذه الاطراف من الذكاء وحقيقة الواقع على الأرض التي أصبحت لصالح الشعب السوري، ستنأى بنفسها عنه، وهي الحقيقة المرة التي سيعرفها، ان لم يكن قد عرفها فعلاً.
د.سعود مشعل الشمري