الإيرانيين؟
الخبران يعنيان، وبكل بساطة، عدم مصداقية كل من النظام الأسدي والإيراني، فلا نظام الأسد قادر على السيطرة على دمشق، ولا الإيرانيون صادقون في قولهم إن ليس لهم يد بما يحدث بسوريا، فطهران متورطة بشكل سافر في دعم الأسد، فلا يعقل أن يكون هناك زوار إيرانيون لما قيل إنه مزار شيعي، كما أعلن المسؤول الإيراني، في الوقت الذي تشهد فيه سوريا مواجهات مسلحة بين الثوار والنظام، خصوصا أن المواجهات المسلحة مستمرة بدمشق ولم تتوقف، فهل يعقل أن يقوم الإيرانيون بالسفر إلى سوريا الآن لزيارة أضرحة، أو خلافه؟ وخصوصا بعد اغتيال مسؤول أمني بالسفارة الإيرانية بدمشق قبل عدة أيام، هذا عدا عن اعتقال مجموعة شيعية لبنانية في سوريا قيل إنها محسوبة على حزب الله، أمر لا يستقيم إطلاقا.
ولذا؛ فإن الإعلان عن اختطاف الثمانية والأربعين إيرانيا في العاصمة دمشق ووقت إعلان مسؤول أسدي عن السيطرة التامة على كافة دمشق يعني أن النظام الأسدي لا يزال يخفي الحقيقة التي تقول إنه بات يواجه صعوبات بالغة في فرض سيطرته ليس على كل المدن السورية بل على العاصمة دمشق، هذا ناهيك بحلب وباقي المدن السورية الأخرى، ومن هنا نستطيع أن نفهم خبر الإعلان عن زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، سعيد جليلي، للعاصمة اللبنانية، بيروت، يوم الاثنين القادم، حيث قيل إنه سيعقد لقاء وصف بأنه «اجتماع أزمة»، ومن دون شك أن جليلي سيبحث أزمة بلاده، وورطتها، مع ترنح النظام الأسدي بسوريا.
ولذا؛ فإن دلالات هذين الخبرين مهمة جدة، فهما يقولان لنا إن الأسد بات غير قادر على فرض سيطرته على دمشق، وإن التورط الإيراني بسوريا بات أوضح، وبشكل أكبر، مهما حاول النظام الأسدي والإيرانيون نفي ذلك، أو محاولة صرف الأنظار عن تدخلهم بسوريا من خلال تحذير العرب، وغيرهم، من مغبة التدخل في سوريا.
فالحقائق تقول لنا اليوم إن من يتدخل بسوريا، ويدعم قمع الأسد للسوريين العزل هو إيران، بينما التدخل العربي، أو الدولي، فهو من أجل إنقاذ السوريين من آلة القتل الأسدية المستمرة منذ اندلاع الثورة وطوال قرابة السبعة عشر شهرا، وبأسلحة روسية وإيرانية، بينما التدخل الإيراني في سوريا هدفه طائفي صرف، ومن أجل تمكين إيران، وعملائها، بالمنطقة، استمرارا للمخطط الإيراني القاضي بتصدير النهج الخميني بالمنطقة، والتوغل لتوسيع النفوذ على حساب المصالح العربية. فالقصة في سوريا ليست قصة حرب بالوكالة كما يردد البعض، ومنهم أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، بل هي قصة شعب ثائر يبحث عن كرامته وأمنه، مقابل نظام مجرم يريد البقاء بالسلطة ولو قتل الشعب ودمر البلاد وبدعم إيراني صارخ.