خلال الجرائم والمفاسد الإقتصادية الداخلية والخارجية للنظام الإيراني.
والسؤال المطروح: كيف نستطيع أن ناتي بتفسير يوضّح لنا تهريب المخدارات، تهريب السلاح، الإرهاب الدولي والعدد المتزايد من الإعدامات في إيران؟
وكيف أن الشعوب غير الفارسية وحتى الشعب الفارسي ضمن جغرافية ما تسمّى بإيران، أصبحت ضحيّة لهذه الجرائملتدفع ثمن هذا التخلّف؟ الشعوب التي تمتلك كل وسائل القوة من المفكرين والأساتذة والخبراء كما تملك أكبر مصادر الثروة من حقول البترول والغاز والمعادن والأراضي الخصبة، تعاني الآن أشد حالات الفقر والبطالة وأسوء حالات الحرمان، ناهيك عن النسبة المرتفعة للتخلف الإجتماعي والثقافي.
وما هو السبب أو الاسباب التي أدت إلى هذه الظاهرة الشنيعة في إيران؟
ولا شك أن دراسة نظرية الإمام المهدي عند الشيعة ومسألة “ظهور صاحب الزمان وثورة السيد الخراساني” في عقيدتهم، تبيّن لنا الكثير من الأمور الكفيلة بربط هذه النظرية بالواقع الإيراني في العصر الحاضر.
ويلعب المرشد الإيراني دور نائب صاحب الزمان وهتافات الحكومة توحى بأنها حكومة الإمام المهدي وتُسمّي نفسها بحكومة الإنتظار – أي إنتظار ظهور المهدي – وترى قتال الكفار (غير الشيعة) وإقامة الحكومة الشيعية في العالم من أهم وأبرز واجباتها.
كل الأديان السماوية بما فيها الفرق الإسلامية، تنظر إلى الإيديولوجية الشيعة وخاصة الفارسية كونها الضلالة والكفر، ويتجلى ذلك بوضوح في التعاليم الشيعية.. أما الذي يبطنونه فهو أخطر بكثير من ظاهر عقيدتهم بإعتقادهم أن «على كل البشرية إعتناق المذهب الشيعي ولا يبقى على وجه الأرض ديناً آخراً ويجب أن يحكم الشيعة كل العالم».
كيف يظهر المهدي وماذا يفعل بعد ظهوره؟
يعتقد الشيعة أن المهدي وبعد ظهوره يقوم بإزالة الفساد والظلم ويمحو الديانات الأخرى من وجه الأرض. وتكمن علامات ظهوره في إنتشار الفساد والكفر والضلالة ليشمل العالم أجمع بعد أن يملأه الظلم والجور. ويا ترى ما هي علاقة هذه الأمور والروايات بالحكومة الإيرانية الحالية؟
يعتقد قادة إيران بأنهم يسيّرون حكومة تمهّد لظهور المهدي. ويعتبر خامنئي نفسه السيد الخراساني كما يعتبر أحمدي نجاد نفسه على أنه شعيب بن صالح!! وتشير الروايات الشيعية أن ظهور السيد الخراساني وشعيب بن صالح يعد من علامات ظهور المهدي وسيكون لهذين الرجلين أتباع في مختلف الدول، والجدير بالذكر أن المقصود بمختلف الدول هو تلك الدول التي يجب أن تتمتع بالعلاقات الحسنة الآن مع إيران. حيث يرون أن أتباع السيد الخراساني سيخرجون من هذه البلاد، وعلينا دعمهم مادياً ومعنوياً وفي نفس الوقت، لابد من أن نزرع الفتن وننشر الفساد في الدول المعادية للشيعة حتى نمهد لظهور المهدي!
وتأتي كافة مخططات النظام الإيراني من الأحاديث الواردة في كتبهم الشيعية، وفي حال تقاعست دول المنطقة وكذلك العالم عن مواجهة هذه المخططات والتصرّف بحكمة وحزم، وإذا ما تساهلت في التعامل مع الخطر الإيراني القادم ونفوذها المتزايد في المنطقة، فأن الكارثة ستحل بالجميع وسوف يفوتها الأوان للدفاع من شعوبها.
وبعد نجاح الثورة التي تسلقها الخميني، قامت الحكومة الإيرانية بتأسيس الحرس الثوري وقوات التعبئة المعروفة بالباسيج، مهامها الحفاظ على الدولة الشيعية. علماً وأن هذه القوات مدرّبة على الخوض في حرب الشوارع لمواجهة الثورات التي تقوم في إيران أو الدول الصديقة لإيران مثل سوريا، وفي حال سقطت الحكومات الشيعية على بيد الدول العظمى، فأن هذه القوات تستيطع خوض حروب الشوارع ضد المحتلين. كما انها مدرّبة على التفجيرات، التخريب، نشر الدمار، استخدام مختلف أنواع القنابل، التفخيخ، إطلاق النار والإصابة من داخل السيارات والدراجات النارية وهي في حالة السير، إستخدام مختلف أنواع السلاح، الكمين، الملاحقة، الدفاع عن النفس والمعارك الضارية.
وتعد العراق من أولى الدول التي يتم فتحها على يد السيد الخراساني حسب الروايات الشيعية وتأتي فلسطين من بعدها، ومن ثمّ البحرين، الأردن، أفغانستان، أفريقيا و… الخ، ويحظى السيد الخراساني بدعم كبير من الجماهير الغفيرة في هذه الدول وفقاً لما يدّعون. كما يلحق به أتباعه لنصرة دعوته حتى تبدأ المعركة لتطهير بلاد المسلمين من أعداء الشيعة وبالتالي إقامة الدولة الشيعية الكبرى.
وفي الدورة الثانية لرئاسة أحمدي نجاد، لاحظنا بوضوح مدى إهتمام الدولة الإيرانية بتطوير السلاح ورفع القدرات العسكرية، وإجراء المناورات العسكرية بين الحين والآخر، لتهدّد من خلالها دول المنطقة. وأكثر من أي وقت مضى، تسعى إيران اليوم إقناع المجتمع الدولي بإمتلاكها القوة النووية لمشاريع السلمية كما تدّعي، رغم أنها تنوي الحصول على الأسلحة النووية في واقع الأمر.
والمساعي الإيرانية للحصول على الأسلحة النووية، إضافة إلى الثورات العربية وتداعياتها الكبيرة على دول المنطقة، توكد أن إيران اقتنعت بأن الأوان قد آن لظهور المهدي وان الأرضية مهيئة لإنطلاق الثورة الشيعية. ولا ننسى تصريحات المسؤولين الإيرانيين بربطهم كل ما يحدث في المنطقة من ثورات ومظاهرات وإحتجاجات، بالثورة الخمينية ويروّجون أن كل هذه الأحداث تعد استمراراً طبيعياً للحقائق المذكورة في الكتب الشيعية.
تبقى مسألة مهمة حدثت قبل سنوات في إيران، أشير اليها بإقتضاب هنا، وهي الإحتجاجات التي اندلعت عام 2009 في جميع أنحاء ايران إثر فوز في الإنتخابات الرئاسية، وهتفت أطلقت الجماهير علناً هتافات مناهضة للمرشد علي خامنئي، ولأول مرّة تحطّمت الصورة المقدسة لولي الفقية، الأمر الذي كان مفاجئاً وغير متوقعاً أبداً، لأن الحكومة عملت طيبة ثلاثة عقود على إزكاء قدسيّة ولي الفقية وحكومته، فأذهلت بمشاهدتها حرق صور المرشد من قبل المتظاهرين الغاضبين ودوي الهتافات المناهضة له في سماء إيران.
وصُدم النظام الإيراني بهذا الحدث غير المتوقع فواجه المظاهرات بمنتهى العنف والقسوة، كما حاول نزع فتيل الأزمة بالقوّة وترويج الاشاعات الباطلة. وفي الوقت الذي قامه فيه النظام بقتل المتظاهرين وإعتقال الكثير منهم، روّج في ذات الوقت الشائعات في أوساط الشعب وأعلن عن حدوث فتنة، ففرض قمع قادتها. وصرّحت وسائل الإعلام وكذلك الملالي التابعين لولي الفقيه أن هذه الأحداث هي من علامات ظهور السيد الخراساني ومناصره شعيب بن صالح مما يؤدي ظهورهما إلى ظهور المهدي المنتظر.
وكثف النظام الحاكم من إنتشار قوات الباسيج والحرس الثوري وأباح لهم إستخدام السلاح فأخمدوا تلك المظاهرات السلمية واعتقلوا قادة المعارضة، ثم قامت حكومة الملالي بتكثيف المناورات العسكرية وصناعة القنبلة النووية تمهيداً لظهور المهدي، وتنتظر اليوم قوات الباسيج والحرس إشارة مرشدها لإشعال نار الحرب الشاملة في المنطقة وكذلك العالم بأسره.
أما ما تشهده المنطقة من تداعيات متسارعة في الآونة الأخيرة، إنما تدل على أن الدولة الإيرانية هي من سيبدأ الحرب ضد طرف الآخر وليس العكس، ويمكن تفسير ذلك بسببين، سأتطرق إليهما بإيجاز..
أولاً: فقدت الدولة الإيرانية شرعيّتها منذ أن خطفت ثورة الشعوب الغير فارسية عام 1979 عندما جاءت بتلك الشعارات الرنانة والملونة، تبدو في ظاهرها مناصرة للمظلومين ونصرة الحق على الباطل، إلا أننا شاهدنا جميعاً كيف أنها ارتكبت أبشع الجرائم بحق الإنسانية والبشرية، ومازالت تواصل إرتكابها أبشع الجرائم بحق الشعوب غير الفارسية. وبعد 33 عام من حكم هذه النظام الطائفي لم نرى إلا إرتفاع البطالة بنسبة تفوق الـ: 50% وخاصةً بين خريجي الجامعات والمتحصلين على الشهادات الجامعية، وضف على ذلك السياسة الإقتصادية التي أتبعها أحمدي نجاد في خفض دعم الطاقة التي كانت تقدّم للأسر وللصناعة بمليارات الدولارات ما أدّت إلي زيادة البطالة ونشر الفساد وإتساع الهوة بين الطبقات، وعندما نجمع كل هذه العوامل والأزمات السياسية، الإقتصادية، الثقافية والإجتماعية في إيران، يتبيّن لنا بوضوح أن الأوضاع في إيران على وشك الإنفجار لا بل إنهيار الدولة من الداخل.