، في الوقت الذي تؤكد فيه طهران استهداف أغراض سلمية.
وقبل بدء العقوبات الجديدة أشارت كل من فرنسا وبريطانيا إلى أن هناك حاجة للمزيد من العقوبات من أجل إجبار إيران على الانصياع لرغبات الغرب فيما يتعلق بالمسألة النووية.
لكن يبدو أن الدول الغربية تتحاشى حتى الآن فرض عقوبات تجارية أوسع على إيران كالتي فرضت على العراق وجنوب أفريقيا.
عائدات الحكومة الإيرانية
وطبقا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية فإن عائدات النفط تشكل نحو 80% من عائدات الصادرات الإيرانية بصورة عامة، ونصف دخل الحكومة. وقد هبطت هذه العائدات بنحو 40% هذا العام، بحسب الوكالة.
وبحسب مؤسسة آي إتش سيرا -وهي مؤسسة أبحاث للطاقة- فإن إيران حصلت على عائدات تقدر بمائة مليار دولار من النفط في العام الماضي، مقابل عشرين مليار دولار سنويا فقط، قبل عشر سنوات.
وفي السنوات الماضية شكلت واردات الاتحاد الأوروبي نحو خمس صادرات إيران النفطية. وبما أن شركات التأمين الأوروبية تمثل جزءا كبيرا من سوق التأمين على ناقلات النفط في العالم، فإن الحظر على عمليات تأمين ناقلات النفط الإيراني كان له أثر كبير أيضا في فرض الحظر.
ولم يقتصر أثر الحظر على خفض إيرادات الحكومة فقط، فبدا الأثر واضحا على الاقتصاد الإيراني بصورة عامة. فانخفضت قيمة الريال الإيراني بصورة كبيرة حيث وصل إلى 12260 ريالا للدولار بالسعر الرسمي وعشرين ألف ريال بسعر السوق السوداء، في وقت زاد فيه التضخم إلى نحو 20% وارتفعت أسعار المواد الغذائية والخدمات.
وقد فقد كثير من الإيرانيين وظائفهم. وطبقا لأرقام مكتب الإحصاء الأوروبي هبط حجم التبادل التجاري بين أوروبا وإيران إلى النصف في عام واحد.
طهران ترد
وفي أول رد فعل إيراني على دخول إجراءات الحظر الجديدة حيز التنفيذ، قال محافظ البنك المركزي الإيراني محمود بهمني اليوم إن بلاده لن تظل “سلبية” تجاه الحظر الأوروبي الجديد على قطاعها النفطي. ونقلت وكالة أنباء مهر شبه الرسمية عن بهمني قوله إن بلاده سوف “تواجه” السياسات العدائية.
في السنوات الماضية بلغ معدل صادرات النفط الإيراني 2.5 مليون برميل يوميا (الأوروبية) وتزامن الحظر على صادرات النفط الإيرانية مع الركود العالمي الذي خفض الطلب العالمي على النفط في الدول الصناعية. في نفس الوقت زادت السعودية ودول منتجة أخرى صادراتها خوفا من حدوث أزمة بسبب انقطاع النفط الإيراني. وأدت تلك الإجراءات إلى هبوط في أسعار النفط وصل إلى 25% منذ أول مايو/أيار الماضي.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل ريكس تيليرسون إن المستوردين استطاعوا التكيف مع الوضع الجديد في السوق ومواجهة احتمالات انقطاع الإمدادات الإيرانية.
وقال مايكل لينش رئيس مؤسسة إستراتيجيات الطاقة والأبحاث الاقتصادية إن الدول التي تعهدت بالالتزام بالعقوبات فعلت ذلك حتى قبل بدء سريان حظر النفط، ولذلك فإن البدء الفعلي لن يؤثر كثيرا.
عكس التوقعات الإيرانية
وطالما حذرت إيران من أن أسعار النفط سوف ترتفع في ظل حظر نفطها، لكن ما حدث هو عكس ذلك تماما. فقد زادت إمدادات النفط في الأسواق حتى أن حظر المزيد من النفط الإيراني لن يؤثر في السوق.
وقال أمس وزير النفط الكويتي هاني حسين إن أسواق النفط العالمية تحظى بإمدادات وفيرة من الخام تتجاوز الطلب. وأضاف أن من المرجح أن يكون هناك 1.5 مليون برميل تذهب إلى المخزون العالمي يوميا.
ولم تخف طهران قلقها إزاء الأسعار الحالية. وحث أمس وزير النفط الإيراني رستم قاسمي الأمين العام لمنظمة أوبك على الدعوة لاجتماع استثنائي لبحث هبوط أسعار النفط.
ونقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن قاسمي قوله إنه خلال الاجتماع العادي الأخير لأوبك تم الاتفاق على أن هبوط أسعار النفط دون مائة دولار للبرميل يعني أن الأسعار في أزمة “لذا نحث الأمين العام لأوبك على التحضير لعقد اجتماع طارئ”.
وسجل نفط برنت الأوروبي والخام الأميركي الخفيف أكبر خسارة فصلية يوم الجمعة الماضي منذ الربع الأخير من 2008 نتيجة ضعف الطلب ووفرة الإمدادات والمخاوف الاقتصادية قبل أن تتحسن بفضل اتفاق قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل على الدفع باتجاه حل لأزمة ديون منطقة اليورو.
ووصل برنت إلى 98 دولارا للبرميل بينما وصل سعر الخام الأميركي نحو 85 دولارا.
هبوط الصادرات الإيرانية
وفي السنوات الماضية بلغ معدل صادرات النفط الإيراني 2.5 مليون برميل يوميا، ما يمثل 3% من إمدادات النفط العالمية. وبلغ معدل الصادرات إلى أوروبا نحو 500 ألف برميل يوميا، وكان باقي الصادرات يذهب إلى الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية.
ويقول المسؤولون الأميركيون إن إجراءات الحظر المالية الأميركية (أميركا لا تستورد النفط الإيراني لكنها تعاقب مستورديه ماليا) إضافة إلى حظر الواردات الأوروبية أدى إلى هبوط الصادرات الإيرانية إلى أقل من 1.8 مليون برميل يوميا أي أن صادراتها هبطت بمقدار 700 ألف برميل يوميا.
وطبقا لحساباتهم وللأسعار الحالية فإن الحظر يكلف إيران 63 مليون دولار يوميا.
وقامت الولايات المتحدة بإعفاء بعض الدول من قائمة العقوبات المالية بعد أن خفضت الأخيرة وارداتها النفطية من إيران بصورة كبيرة. وسوف يسمح لهذه الدول بالاستمرار في استيراد النفط الإيراني بعد الأول من يوليو/تموز الجاري.
في نفس الوقت تستطيع الدول الاتجار مع إيران لكن خارج النظام المصرفي وتستطيع طهران قبول أصول أخرى غير الدولار، مثل الذهب مقابل نفطها، رغم أن ذلك لن يكون طريقة عملية كما أنه ينطوي على عدة مخاطر.