يغيروه إلا بعد سقوط بشار.
أستطيع أن أعد قائمة طويلة من المواقف لروسيا متشابهة في الكيفية التي عالجت بها الأزمات الخطيرة في قضايا دولية مثل البوسنة والهرسك وكوسوفو وليبيا والآن سوريا، فيها كلها وقفت مع الطرف الشرير إلى النهاية. وحتى موقفها من القضية الفلسطينية، الذي هو أفضل من الموقف الأميركي، كان دائما مجرد موقف تضامني. وموقف الروس الداعم لإيران هو ما جعلها تتمادى في مشروعها النووي، وما سببه من تراكمات سياسية دولية وإقليمية خطيرة في منطقة الخليج.
طبعا، كل الدول العظمى والكبرى لها سياساتها، ولا تتصرف بناء على ضغوط الأخبار والإعلام. إنما في الأزمات الكبيرة نتوقع أن تكون هذه الدول واقعية بما يتفق مع مصالحها ومصالح الآخرين؛ فقد كان موقف الأميركيين براغماتيا عندما وجدوا أن مصير حليفهم حسني مبارك ميؤوس منه في مصر، وقبله كانوا واقعيين عندما رأوا زين العابدين بن علي عاجزا. أما موسكو فقد أخذت سياسة عنيدة، بشكل غريب وصريح. ساندت جزاري بلغراد في التسعينات إلى اللحظة الأخيرة، ولاحقا فعلت الشيء نفسه في ليبيا. والآن، ومنذ خمسة عشر شهرا، وهي تساند بشار الأسد رغم هول الجرائم التي استمرت قواته بارتكابها منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي، ولم يمر شهر واحد دون مشاهد مروعة وعمليات قتل وتعذيب واسعة في أنحاء البلاد ضد المدنيين. والأقرب أنها تساند نظاما ساقطا، نظاما لا قيمة له إقليمية أو شعبية، وليس منتجا مؤثرا في العالم!
والحقيقة أن الموقف الروسي هو الذي تسبب في إطالة الأزمة، وربما أضر بحليفها الأسد، حيث كان يمكن أن تفرض عليه حلا سياسيا وسطا في البداية، لكن شعور الأسد أنه عصي على العالم، ومتأكد أن روسيا تحميه في مجلس الأمن ضد أي قرار بمحاربته، دفعه إلى انتهاج سياسة وحشية قمعية، حتى صار من المستحيل أن ينجو الأسد، أو أحد من نظامه مستقبلا مهما طالت الأزمة. أعني أن الروس لن يستطيعوا، رغم كل ما بذلوه لدعمه وحمايته، إبقاء النظام واقفا على قدميه. سيسقط سقطة بشعة. الآن هي حرب بين أكثر من سبعين من المائة من الشعب السوري ضد النظام الآن، وسيسقط قصر الزمن أم طال.