حتى اعلن المالكي حزم حقيبة سفره الى طهران، مصحوبا بتراشق التصريحات بين الجانبين، فيما باتت الأزمة على اشدها في اجواء عراقية خانقة تنذر بعواقب وخيمة.
وحالما انهى البرزاني مقابلته مع أردوغان الخميس، انبرى الأخير مهاجما نوري المالكي، متهما اياه بإذكاء التوتر بين السنة والشيعة والاكراد في العراق بسبب استحواذه على السلطة.
وكان اردوغان قد اتهم المالكي على خلفية قضية الهاشمي بالسعي إلى إثارة «نزاع طائفي»، كما حذر من أن أنقرة لن تبقى صامتة في حال أقدمت بغداد على هذه الخطوة، كونها لن تسلم منها. وكانت تلك التصريحات سبب التدهور في العلاقات بين بغداد وانقرة.
ولم يتغاض المالكي، وهو في طريقه الى طهران، عن ذلك الهجوم، فأصدر بيانا جدّد فيه اتهاماته السابقة: «تصريحات اردوغان تمثل عودة أخرى الى منهج التدخل السافر بالشأن العراقي الداخلي»، مشيرا إلى أن «تلك التصريحات تجعل من تركيا دولة عدوانية»، «وأن أردوغان ما زال يعيش أوهام الهيمنة في المنطقة».
ولم تقف ايران بعيدة عن ذلك، بل بادرت الى إعلان استنكارها لتصريحات اردوغان ورفضها لتدخل تركيا بالشأن العراقي. وردت انقرة بالقول ان التدخل الإيراني هو الذي يحرك الصراع الطائفي في العراق. وحسب مصادر القبس، فان دخول طهران وأنقرة بشكل واضح ومكشوف في الصراع الدائر بالعراق يجعل من الصعب على الأطراف المتنازعة على السلطة ان تقترب من بعضها البعض من دون الاعتماد على الدعم الاقليمي. وتضيف: ان دعم طهران غير المحدود لحكومة المالكي وتشدده إزاء معارضيه من السنة والأكراد وغيرهم هو الذي دفعهم لطلب الدعم التركي.
وتبدو الصورة وكأنها احياء لنزاع ايراني ـــ تركي في العراق مضى عليه اكثر من عشرة قرون، وكأن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بهندام جديد.
وتشير المصادر الى ان الأزمة العراقية لا تقتصر على الخلافات بين كتلة المالكي وبين الكتلة العراقية والتحالف الكردستاني، انما ضربت بمعولها ايضا التماسك الداخلي للائتلاف الوطني (الشيعي) الحاكم بالأغلبية، الذي رشح المالكي للوزارة في دورتين متتاليتين. وحسب المصادر فإن سياسة المالكي شقت هذا الائتلاف، وباتت مكوناته تفكر جديا بسحب الثقة منه وترشيح بديل عنه. وهذه هو التهديد الجدي لسلطة المالكي، لذا فإن زيارته لطهران هي للحصول على تدخلها في انهاء الخلاف المتأجج داخل الائتلاف، ولمنحه فرصة يجد فيها دعما من البيت الشيعي المتمرد عليه لمواجهة خصومه الآخرين. وبالطبع، فإن ادارة الصراع بهذه الوسائل ستقود العراق الى التقسيم بدعم الدولتين، اللتين تجدان في تاريخهما بالعراق ما يبرر ذلك