وقد ظل أوباما يُبلغ إسرائيل سرا وعلانية أنه عازم على أن يمنح الإجراءات الأخيرة، كالحصار المالي والحظر المرتقب من جانب أوروبا على واردات النفط، الوقت الكافي لتفعل فعلها في الاقتصاد الإيراني “المترنح أصلا” قبل أن يتراجع عن إستراتيجيته الرئيسية القائمة على الضغط على طهران.
غير أن تيارا قويا داخل الإدارة الأميركية -من بينها البنتاغون ووزارة الخارجية- موقن بأن العقوبات مآلها الفشل، وأنها تُستغل أساسا لتأجيل أي عمل عسكري إسرائيلي، ولطمأنة أوروبا بأن أي هجوم على إيران لن يحدث إلا بعد استنفاد الوسائل الأخرى.
ونسبت الصحيفة البريطانية إلى مسؤول وصفته بأنه حسن الاطلاع على سياسات الشرق الأوسط، القول إن البيت الأبيض يرغب في أن يرى العقوبات تؤدي مفعولها “فهذه ليست إدارة بوش وهي لا تريد صراعا آخر”.
وأضاف المسؤول الذي لم تذكر الصحيفة هويته أن المشكلة التي تواجهها الإدارة الحالية تكمن في أن المسؤولين في طهران يتصرفون وكأن العقوبات لا تهمهم، أو كأن اقتصادهم لا ينهار، أو أن إسرائيل لن تقوم بفعل أي شيء.
ويستطرد قائلا “ليس بأيدينا ما نفعله للتعامل مع المشكلة سوى العقوبات. فإن لم يُكتب لها النجاح، فليس أمامنا عندئذ سوى الخيار المتطرف”، في إشارة إلى العمل العسكري.
وقد ظل البيت الأبيض يردد مرارا أن جميع الخيارات مطروحة بما في ذلك استخدام القوة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، لكن التركيز مُنصبٌّ الآن على الدبلوماسية والعقوبات.
وقد اعتُبر إعلان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأسبوع الماضي أن طهران قامت بتحميل قضبان وقود نووية محلية الصنع في مفاعل نووي للأبحاث الطبية، وتهديدات إيران بقطع الإمدادات النفطية عن ست دول أوروبية، دليلا آخر على تمسك طهران ببرنامجها النووي.
ومما عزز تلك النظرة العرض الأخير بالتفاوض مع مجلس الأمن الدولي الذي طرحته إيران في رسالة لم تتضمن على ما يبدو أي تنازلات جديدة ذات شأن.
وإذا ما توصل أوباما إلى استنتاج بأنه لم يعد هناك من خيار سوى ضرب إيران، فإنه لن يأمر بذلك على الأرجح قبل انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل ما لم يكن هناك سبب عاجل. ويبقى السؤال هو ما إذا كانت إسرائيل ستنتظر كل ذلك الوقت.
على أية حال، لا يبدو الأميركيون على يقين بجدية إسرائيل في استخدام القوة في حال فشل العقوبات، وما إذا كان تصعيدها لنبرة التهديدات الغرض منه أساسا الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لاتخاذ إجراء أشد قوة.
وتسود المسؤولين الأميركيين قناعة بأن الولايات المتحدة سيُنظر إليها في معظم أرجاء العالم على أنها شريك في أي هجوم إسرائيلي على إيران سواء صادقت الولايات المتحدة على شنه أم لم تُصادق.
المصدر” غارديان”