إما في محاولة بناء ترسانات أسلحة مع (الإمعان) في تنويعها، بدلا من تنويع مصادر دخلها بما يسهم في رفع مستوى معيشة شعبها الذي يعيش أكثر من 70% منه تحت مستويات خط الفقر (أقل من دولار واحد يوميا)، وإما في تأليب الموالين لها في دول الجوار العربية وحشدهم في الشوارع، واستخدامهم لزعزعة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي فيها، في حالة أشبه بحالة الحقد الذي يصيب ذوي الأمراض الخبيثة حين يتمنون إصابة كل من حولهم بها.
الآن فقط، بدأت طهران تشعر بقوة الضربة الموجهة إليها من الغرب، كما بدأت تدرك شيئا فشيئا ما يمكن أن تؤول إليه الموائل، إذا هي لم تنته عما ينهاها الغرب عن ارتكابه، غير أننا نشكك كثيرا في مقدرة طهران على استيعاب ذلك في الوقت المناسب، فلو كانت تملك عقلية تميز ذلك، لكانت قد جمعت دول الجوار وامتدادها الجغرافي تحت قبة سياسية واحدة قبل الإصرار على موقفها المتعنت من قضية بناء الترسانات النووية.
وليس ثمة ذكاء في عدم إدراك طهران حتى الآن، أن كبرى الدول المستهلكة لنفطها التعيس، يمكن أن تحصل بكل سهولة ويسر، على الإمدادات اللازمة بعد قطع تدفق النفط الإيراني إليها، من دول الجوار ذاتها التي طاب للساسة الإيرانيين (غير الراشدين) زعزعة استقرارها.
لم يدرك الساسة الإيرانيون بعد، أن التهديدات التي أطلقتها إيران سواء في ما يتعلق بقيامها بأكبر عملية غباء تاريخي من خلال سد مضيق هرمز، أو تصعيد المواجهة عسكريا مع الدول التي تحاول سد النقص في إمداداتها بعد المقاطعة، لم يدركوا بعد أن هذا التصرف الأرعن يمكن أن يثير حفيظة العالم أجمع ويؤلبه عليها ويضع الكرة الأرضية كلها في قلب رجل واحد ضدهم، ولم يدركوا بعد أن نفس السيناريو الذي فكك دولة (البوابة الصدامية الشرقية)، يمكن أن ينسف الدولة الإيرانية خلال بضع أيام ويدكها دكا.
نعتقد أن حلم بسط الإمبراطورية الفارسية والتهام الدول الخليجية والاندياح صوب بقية دول المنطقة العربية، بدأ يتلاشى، ونرى أن من الذكاء البالغ أن يحول الإيرانيون قناعتهم 360 درجة، ويقوموا بنسف ترسانتهم المعبودة، وينشئوا مكانها ترسانة من المؤن التي لربما تنتشل شعبها من الفاقة والفقر، قبل أن يشتعل بينهم فتيل ربيع إيراني، من المؤكد أنه إذا قام، سيجد دعما عالميا بلا حدود.