Ahwazi_pour_wommen_بقلم الاستاذ جابر احمد - ظلت ايران والى بداية القرن العشرين بلد متعدد القوميات و الاعراق ، وكان يطلق عليها في عهد الملوك القاجار " الممالك المحروسة الايرانية " ، وكانت اقاليم الاطراف تتمتع بنوع من الاستقلالية التي تختلف من اقليم الى اقليم ،

وضع الشعب العربي الاهوازي عشية الذكرى33 للثورة الايرانية المسروقة

أما بالنسبة لنا نحن العرب في عربستان فكنا نتمتع باستقلالية ذاتية كاملة عن الدولة المركزية الايرانية وكان آخر حاكم لاقليم عربستان وفي سبيل الحفاظ على كيانه يدفع بعض الضرائب و الأتوات كدفعا للشر الى الدولة المركزية و قد استمر هذا الوضع حتى عام 1925 .

 

بعد هذا التاريخ تغيرت ملامح الخارطة القومية الايرانية وتبدلت ايران من بلد متعدد القوميات الى بلد ذات قومية واحدة وقد اعطي هذا التبديل ابعادا تاريخية ذات دلالات قومية عنصرية وفي ليلة وضحاها اصبحت ايران – كأمة و دولة – ” امة قومية عنصرية ودولة ديكتاتورية ” ، لا بل الانكي من ذلك امة آرية اصيلة تتمييز بميزات لا تتمتع بها اي أمة أخرى غير تلك التي تنتمي الى نفس العرق واصبحت سمات هذه الامة قائمة على الاساطير التاريخية و اللغة وفي مرحلة من المراحل الدين بمذهبه الشيعي ، وقد كرس مفكري التيار القومي العنصري الفارسي وخلال ثماني عقود كل جهودهم لفرض هذا الواقع على الشعوب غير الفارسية بما فيها الشعب العربي الاهوازي .

ظل الحكام الشوفينيين الفرس وعلى مدى ما يقارب من ثمان عقود ينفخون في نار العنصرية من اجل تأجيجها مستخدمين شتى الاساليب و الخطط من اجل فرض الأيدولوجية القومية الواحدة على الشعوب الايرانية ، متجاهلين كليا ابسط حقوقها بما فيها حقهم في التعلم بلغة أمهم ، وقد اعتبروا ان اي حديث عن التنوع القومي أو الثقافي في ايران انما هو بمثابة “مؤامرة” تستهدف وحدة ايران و سيادتها الوطنية !

لقد كانت   عربستان   واثناء  فترة  حكم  الشيخ خزعل وكما يقول  الكاتب الآذربايجاني   ماشا الله  رزمي  من  ” اغنى المناطق  في عموم المنطقة  بدء  من الشمال  الى  الخليج  واليوم  و بعد ثمان  عقود  ونيف  وعلى الرغم   من انها تعوم على بحيرة  من النفط   يعيش اهل  الفقر و الحرمان   ،  فالبحرين و قطر  ودبي  اللواتي  كنا انذاك قرى  مجهولة  تعيش  من صيد الاسماك  تبدلت اليوم  الى  مراكز  للسلطة و الثروة  في المنطقة  من هنا يمكن القول ان التخلف  الذي لحق  بالشعب  العربي  في  عربستان ” خوزستان ”  هو نتاج  الاستعمار الداخلي .  فلم يحرم من  التمتع بثروته  النفطية و حسب وانما  نقلت مياهه الى  مدينتي  قم ويزد الايرانيتين ” ( 1)

مشروع افشار التفريسي :

مع بدايات القرن العشرين وتحديدا في عام 1921 بدأ تيار- الامة الدولة – العنصري يتغلل في كافة مفاص الدولة الايرانية “الحديثة ” ومع استلام رضا شاه اتحيت الفرصة لهذا التيار ان ينفذ مشروعه ، حيث تقدم المثقف الفارسي الدكتور افشار بمشروع يعتبر مشروعا عنصري بأمتياز يتكون من ثماني نقاط ينفي جملة وتفصيلا التنوع القومي و الثقافي في ايران وهو على النحو التالي :

1- الاشاعة الكاملة للغة الفارسية وتأريخ ايران في جميع الاقاليم الايرانية وخاصة آذربايجان وكردستان و عربستان و بلوجستان ومناطق صحراء التركمان .

2- مد خطوط السكك الحديدية وربط جميع الاقاليم الايرانية ببعضها البعض تمهيدا لادغام محتلف القبائل و العشائر ” القوميات ” ببعضها البعض .

3- ترحيل البعض من مواطني اقاليم آذربايجان و عربستان ” خوزستان ” الى مناطق داخل العمق الايراني وجلب مواطنين من المناطق الفارسية وتوطينهم في هذه المناطق وتمدينهم مع الاخذ بعين الاعتبار ظروف الاختلاط وفتح المدارس .

4 – اعادة النظر في التقسيمات الادارية للأقاليم و المناطق و الغاء اسماء آذربايجان وخراسان وكرمان وعربستان وغيرها .

5- تغيير الاسماء التركية والعربية الذي فرضها المحتلين العرب و الاتراك على مناطق ، قرى ، جبال ، وانهار ايران الى اسماء فارسية ومحو كل هذه الاثار الاجنبية .

6 – يجب منع استعمال اللغات الاجنبية و بشكل رسمي لكل اتباع ايران في المحاكم ، المدارس ، الادارات الحكومية و العسكرية .

7 – يجب العمل بسرعة على تنمية تلك الاقاليم وتوفير الحياة المريحة لهم .

8- فيما يتعلق بمبادي ادارة المملكة سياسيا يجب انتهاج اسلوب للحكم بحيث لا يكون مركزيا شديدا يؤدي الى الاستبداد و التفرد ، ولا غير مركزي يؤدي الى الفوضى .

لقد نجح اصحاب هذا المشروع في مسعاهم وبقي العمل بموجب بنوده وتوجهاته العامة ساري المفعول به حتى سقوط النظام الشاهنشاهي في عام 1979 .

الجمهورية الاسلامية رغبة غربية .

بعد سقوط نظام الشاه سقط معه مشروعه القومي الفارسي و يمكن القول ان ايران اصبحت بلا هوية ، الامر الذي دفعها الى البحث عن هوية جديدة تحفظ بها اركان الدولة الفارسية الحديثة التي قامت على يد الاسرة البهلوية ، وبما ان هذا السقوط قد جرى في ظل الحرب البارد ، ،من هنا فقد اصبح قيام جمهورية ايرانية بهوية اسلامية ليس مطلبا للقوى الدينية في ايران وحسب ، بل مطلبا ورغبة غربية ايضا وقد كشف الدكتور يزدي أول وزير خارجية لأيران هذه الرغبة عبر مذكراته التي نشرها قبل سنوات ، حيث تحدث بصراحة عن مؤتمر ” كوآدلوب ” الذي انعقد في المنتصف الاول من دي ماه من عام 1358 شمسية الموافق كانون الاول 1979 الذي ضم اربع رؤساء دول هما:”كارتر، كالاهان، جيسكار ديستان واشميت” (الولايات المتحدة الامريكية، بريطانيا، فرنسا و المانيا) ، ومن اهم قرارته هو الايعاز للجيش الايراني بالتعاون من الدينيين لتأسس نظام ديني وذلك من أجل مواجهة اي تحرك ” يساري ” مناهض للغرب يمكن ان يملء الفراغ السياسي الناتج عن رحيل الشاه وذلك انطلاقا من نظرية برجينسكي(مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر والمفكر الاستراتيجي زبينجيو برجينسكي Zbigniew Brzenski ) التي تقول انه في” حال ذهاب الشاه فان القوى الوحيدة التي تسطيع الوقوف في وجه الخطر الشيوعي هو التنسيق والائتلاف بين المؤسسة العسكرية ورجال الدين، وكان استدلالهم قائم على ان رجال الدين بطبيعتهم معادين للشيوعية ولديهم امكانية تعبئة الجماهير، كما ان المؤسسة العسكرية منسجمة فيما بينها وان الجيش الايراني المكون من 400 الف رجل مدرب على معاداة الشيوعية وعلى مجابهة الانتفاضات، لذلك فان الائتلاف بين الجيش ورجال الدين من شأنه مواجهة الخطر الشيوعي بعد رحيل الشاه . ” (2)

وبعد سقوط الشاه وقيام النظام الديني في ايران حاولت القوميات الايرانية التعبير عن مشاعرها وذلك عبر المطالبة بحقوقها القومية ، الا ان هذه الرغبة قمعت بشدة وفرض النظام الاسلامي وعبر استخدام العنف بكل اشكاله لمنع هذه الرغبة و بقي موقفها من قضية القوميات في ايران هو نفس موقف النظام الشاهنشاهي السابق ، لا بل في بعض الاحيان تخطاه من حيث استخدام القوة لاسكات اي صوت ينادي باعادة النظر في تعريف الهوية الايرانية وظل التابو ما عدى بعض الاستثناءات مفروض على هذه القضية حتى يومنا هذا .

كسر المنع ” التابو ” المفروض على القوميات ” .

شهدت السنوات العشرة الاخيرة من القرن الماضي جهودا حثيثة من قبل نخب القوميات في ايران لطرح المسالة القومية بقوة على الساحة الايرانية وذلك عبر نزع اللثام عن التاريخ الايراني المزيف وذلك عبر البحوث العلمية الجادة المستندة على الحقائق التاريخية وقد أثمرت هذه الجهود لفرض هذا الخطاب على عدد قليل من أصحاب الضمائر الحية في ايران واصبحت مسألة القوميات معادلة صعبة تدخل في المعادلات السياسية الايرانية المستقبلية و الرامية الى تغيير النظام القائم وايجاد نظام ديمقراطي تعددي يعيد النظر في تعريف ايران و يعترف اعترافا كاملا بحقوق القوميات في ايران . (3) .

وفي  هذا  المجال  يقول الكاتب  الاذربياجاني  ما شا الله رزمي ” ادخل التطور التي  شهدته  الحركات  القومية  للشعوب غير الفارسية في العقود القليلة الماضة  مفاهيم جديدة  الى الخطاب السياسي في ايران  ، حيث  ادركت  الكثير  من   التنظيمات و الشخصيات السياسية  انه  بدون  الاهتمام  بحل  المسالة القومية  في  بلد متعدد  القوميات  كإيران  تبقى اي جهود من  اجل  استقرار  الديمقراطية  بدون فائدة . و اظهر  فشل  الحركة الخضراء  في جلب  دعم  الشعوب غير الفارسية  ان  مرحلة  ايجاد  بديل شامل  من المركز  دون طرح  مطالب الشعوب  الايرانية  ودعوتهم  الى اللحاق  بالبديل  المراد  قد انتهت .  لأن  هناك بديل  في الاطراف  قد  انوجد وان هذا البديل له  قاعدته الاجتماعية  و يساهم اليوم مساهمة  فعالة  في النضال ضد الديكتاتورية الحاكمة  في  المركز ، كما ان هناك حقيقة  بات  يدركها الجميع و هي انه دون  مشاركة  الممثلين  الرسميين  لهذا البديل  الاطرافي  لا يستطيع اي  احد  في ايران  القيام باي نشاط سياسي  بمعزل  عن  ممثلي هذه  الشعوب من  هنا فان  اي  تعاون  ونشاط سياسي  مشترك بين المركز والاطراف مرهون   قبل كل شيء  بالاعتراف  بحق هذه الشعوب ” بتقرير مصيرها  القومي بنفسها “(4)  وهذه حقيقة  غابت  عن  اجندة  الجمهورية  الاسلامية منذ استلامها   قيامها وحتى  هذه اللحظة

واليوم وبعد ما يقارب من ثلاث عقود على قيام الجمهورية الاسلامية وفشلها في ايجاد حل لمشاكل ايران السياسية و الاجتماعية والاقتصادية تجري جهودا حثيثية علنية وغير مسبوقة من اجل اعادة الاعتبار لمفهوم الامة – الدولة – اي أحيا النزعة العنصرية للقومية الفارسية ولكن هذه المرة المستهدف بالدرجة الاولى العرب بشكل عام و الشعب العربي بشكل خاص حيث جرت جهود كبرى لتصعيد عملية التفريس عبر تكثيف الهجرة من أجل تغيير نسيجه السكاني وتبديله من اكثرية الى اقلية “(5)

وتأتي ذكرى  الثورة  الايرانية  المسروقة  من قبل رجال الدين  هذا العام و شعبنا  العربي  الاهوازي  يمر في مرحلة تكاد ان تكون  من اشد  المراحل التاريخية  التي مر بها  طيلة  اكثر من ثمانين  عام  وابرز مظاهرها  تزايد  الفقر  والحرمان  من جهة و  ازدياد وتيرة الاعتقالات   من جهة اخرى  حيث بلغت  هذه الاعتقالات ذروتها  عشية  الذكرى 32  لقيام الثورة  الايرانية حيث بلغ  عدد الذين اعتقلوا خلال  الاسابيع القليلة  ما يقارب ال 70  مواطن   استشهد منهم  ثلاثة تحت  التعذيب .

لمرفقات :

( 1) ماشاء الله رزمي  ،  القومية ومسألة اليمقراطية في ايران .

(2) ابراهيم يزدي ، اسرار الثورة الايرانية بين ماهو معلن وما هوخفي الحلقتين الاولى و الثانية ، راجع الروابط التالية :

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=129579

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=129698

شاهد أيضاً

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة جابر احمد 2024 / …