وضعوا اللوحة على الأرض وحولها مسؤولون يرشفون الشاي. لوحة الخميني تذكرنا بالنمر الورقي. إرث الخميني، أصدقاؤه المقربون، أقرباؤه جميعهم من الماضي وأصبحوا جزءا من التاريخ. ما تبقى ليس حتى قريبا مما قامت الثورة من أجله منذ 33 سنة.
آية الله خامنئي، المرشد الأعلى الحالي للثورة الإيرانية، حضر الجمعة الأولى في الاحتفالات التي ستدوم 10 أيام بمناسبة انتصار الثورة الإسلامية ليوضح للداخل الإيراني والعالم أن إيران لن توقف برنامجها النووي تحت أي ظرف من الظروف. خامنئي بدا جادا وواضحا في رسالته إلى الدول الغربية التي أكد فيها أن إيران لا تخشى من العقوبات الاقتصادية والتهديد بالحرب. وأضاف خامنئي في خطاب ألقاه في 3 فبراير”هذه العقوبات تهدف إلى جعلنا نتراجع. والنتيجة لن تكون سوى تحطيم الصورة الغربية في عيون الشعوب التي نهضت في هذه المنطقة.”
ومع أن التهديد بالحرب تصاعد كثيرا في الآونة الأخيرة، إلا أن ذلك لم يقنع قادة إيران بأنه حان الوقت ليغيروا سياستهم. آية الله خامنئي وضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها عليهم أن يعلموا أن إيران لن تتراجع في وجه العقوبات والتهديدات، وأنها تستطيع أن تشكل خطرا حقيقيا على الولايات المتحدة وحلفائها وأن تهدد مصالحها إذا اضطرت لذلك.
ومع تصاعد التوتر بسبب البرنامج النووي الإيراني والعقوبات التي شملت حظر استيراد النفط والبنك المركزي الإيراني، هناك تحدٍ آخر في قلب المنطقة موجه بشكل مباشر إلى إيران. سورية هي أكبر وأهم حليف للجمهورية الإسلامية في مواجهة الخطر الصهيوني وهي تدعم كلا من حزب الله وحماس، ولذلك فإن سقوط النظام السوري يعتبر خسارة لا يمكن للنظام الإيراني أن يتحملها أو يسمح بها. في خطبة صلاة الجمعة، اعترف آية الله خامنئي أن إيران كان لها علاقة مباشرة بالحرب بين لبنان وإسرائيل على مدى السنوات الـ33 الماضية، وكذلك في الحرب التي استمرت 22 يوما بين حماس وإسرائيل إبان العدوان الإسرائيلي على غزة في نهاية عام 2008 – بداية 2009.
هل الخطر الذي تشكله إيران على الغرب ومصالحه وحلفائه هو عبارة عن حرب بالوكالة كتلك التي جرت بين حزب الله وإسرائيل في جنوب لبنان؟ صورة مؤسس الجمهورية الإسلامية، آية الله الخميني، لم تعد تخيف أحدا، لكن خليفته آية الله خامنئي وزملاؤه المتشددين يجعلون إيران تلبس حلة عسكرية مخيفة كل الوقت. في خطبة الجمعة، وخلال اللحظات الهامة منها عندما يقف الناس ليهتفوا ويعبروا عن تأييدهم له، كان التلفزيون الإيراني الرسمي يحرص على إظهار حشد معين من الناس. هذا الحشد يرتدي الكوفية الفلسطينية الشهيرة ولحاهم كثيفة وطويلة ويرفع أفراده قبضاتهم في الهواء ويصرخون بأعلى أصواتهم وهم يرددون هتافات مؤيدة للمرشد الأعلى. هذا الحشد معروف باسم “مجموعة الضغط”، وهم يظهرون عادة في التجمعات الاجتماعية أو مظاهرات المعارضة لضرب المعارضين وإخافتهم. التلفزيون الرسمي الإيراني ركز الصورة على هذه المجموعة عن قصد. المقصود لم يكن إرسال رسالة إلى سفينة أبراهام لينكولن الحربية الأميركية الموجودة في الخليج، لكن الرسالة كانت موجهة إلى الإيرانيين العاديين الذين يعيشون في خوف حقيقي على مستقبلهم. هؤلاء الإيرانيون يشاهدون الإعلام العالمي كل ليلة بقلق وهو يعرض برامج عن الوضع في الخليج ويحاولون أن يستشفوا من الأخبار التي يشاهدونها فيما إذا كان عليهم أن يستعدوا لمواجهة أم لا. خلال أسابيع فقط، فقدت العملة الإيرانية حوالي 30% من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، وارتفعت أسعار البضائع المستوردة، مثل الأدوات الكهربائية، بنسبة 30% أيضا. منتجات الألبان ارتفع سعرها حوالي 9%. ومع ذلك طالب آية الله خامنئي الشعب الإيراني بأن يرتاح ويكون قويا وسعيدا.
ليس واضحا ما سيحدث في النهاية. إيران تعرب عن رغبتها في استئناف المفاوضات مع مجموعة دول 5+1 حول برنامجها النووي، لكنها في نفس الوقت لا تريد تطبيق قرار الأمم المتحدة حول وقف تخصيب اليورانيوم. إن العقوبات وحظر استيراد النفط والعقوبات التي شملت البنك المركزي الإيراني أثرت بشكل سلبي كبير على الاقتصاد الإيراني، ولكن ليس من الواضح إلى متى يستطيع البلد أن يقاوم هذه الأنواع من العقوبات. ربما يراهن المرشد الأعلى على الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجرى بعد أقل من عام. وحيث إن استطلاعات الرأي تظهر أن غالبية الأميركيين تعبوا من عقد من الحروب في أفغانستان والعراق، من الصعب على الرئيس الأميركي أن يقنع الرأي العام بشن حرب على إيران. معرفة هذه الحقيقة تجعل مهمة الرئيس أوباما أكثر صعوبة في اتخاذ قرار محفوف بالمخاطر قبل أشهر فقط من الانتخابات.
هل احتمال نشوب حرب مع إيران له خط زمني وهذا ما يعتمد عليه قادة إيران؟ هل يحاولون الإسراع في نشاطهم النووي للوصول إلى قدرات محددة قبل أن يصل الرئيس الأميركي القادم إلى البيت الأبيض؟
الحشد الغاضب في صلاة الجمعة يتم تشكيله لإخافة المواطنين العاديين الغاضبين من ارتفاع تكاليف المعيشة. يتم الاستعداد للانتخابات البرلمانية وكذلك الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى في 2013. الرئيس أحمدي نجاد كان على رأس كبار المسؤولين الذين حضروا صلاة الجمعة التي قادها المرشد الأعلى، كان رأسه منخفضا إلى الأسفل معظم الوقت وهو يصغي إلى المرشد الأعلى وهو يرسم السياسة الدولية لصانعي السياسة بمن فيهم الرئيس نفسه. هذا العام لن يكون بالتأكيد عاما سهلا بالنسبة للرئيس أحمدي نجاد وأعضاء حكومته، خاصة بعد أن قرر خامنئي تقليص دور كبار السياسيين وتدخل بشكل مباشر في البرنامج النووي ومستقبل المفاوضات مع القوى الأخرى. هذه ستكون سنة صعبة وقاسية على إيران والإيرانيين. أصعب من الفترة التي كانوا خلالها يخوضون حربا ضد العراق.