وكان ناصر ألبوشوكة قد اعتقل الخميس 25 يناير/كانون الثاني في سوق الأهواز شارع نادري ونقلته السلطات الأمنية إلى دائرة الاستخبارات بمدينة الأهواز عاصمة الإقليم العربي في جنوب غرب إيران، وبعد ممارسة أبشع أنواع التعذيب قتل على يد عناصر المخابرات الإيرانية وسلم الجثمان لذويه بحيث تظهر عليه آثار التعذيب مثل كسر الرقبة والأضلع والأرجل والجمجمة، حسب ما نقل كميل البوشوكة ابن عمه في اتصال مع “العربية.نت”.
وفي قضية مماثلة اعتقلت السلطات الأمنية الإيرانية يوم 23 مارس/آذار الماضي، الشاب العربي رضا مغامسي في مدينة دزفول من محافظة الأهواز، وبعد أن تمّ نقله إلى جهاز المخابرات قتل أيضاً تحت التعذيب الوحشي وسلّم جثمانه لذويه بعد بضع أيام، وتتهم الحكومة هؤلاء الشباب بالمشاركة في فعاليات سياسية انفصالية.
اعتقالات عشوائية
هذا وتفيد الأنباء من محافظة الأهواز بأن الحكومة الإيرانية قامت في الأسابيع الماضية بشن حملة اعتقالات عشوائية واسعة بين صفوف الشباب العرب في كل المدن الأهوازية خوفاً وتحسباً لاندلاع انتفاضة عربية عارمة، كما شهدها الإقليم في عام 2005 بعد تردي الحالة المعيشية والقمع السياسي والثقافي للعرب وتفشي البطالة و الفقر والحرمان نتيجة الفساد الإداري والتمييز والمحسوبية في المنطقة العربية الأهوازية.
هذا وأكد مصدر سياسي مطلع من حزب التضامن الديمقراطي الأهوازي، عبر اتصال مع “العربية”، أن القوات الأمنية التابعة للنظام الإيراني ألقت القبض على عدد كبير من المواطنين والناشطين العرب في مدينة السوس التابعة للإقليم خلال الأيام الماضية، وذلك بعد فرض حظر التجوال في مناطق معينة في المدينة.
ونقلت مواقع “غولوبال” و”أخبار روز” عن شهود عيان وناشطي حقوق الإنسان أن السلطات الإيرانية استخدمت كل أدوات القمع والحلول الأمنية في المدينة، وفي السياق الأمني قامت السلطات باعتقال عدد من أبناء حي “دوار احمد آباد” و”الخضيرة” والقرى المجاورة لها بعد تظاهرة ليلية نظمها الشباب ضد النظام.
فقام قائم مقام (رئيس) مدينة السوس بعد هذه التظاهرات بإصدار قانون الطوارئ ومنع التجوال في المدينة وشن هجوم عنيف على الأحياء المنتفضة.
كما أفادت معلومات من منظمات حقوق الانسان بأن السلطات الإيرانية بعد إعلان حالة الطوارئ ومنع التجوال اعتقلت السيد عاشور دبّات (20 عاماً) مع ابنه وحميد كعبي (21 عاماً) من قرية كعب المولى وجاسم الكعبي وأطفاله خديجة ومحمد وأحمد وسجاد والسيد أحمد زغيبي (21 عاماً) هؤلاء من الذين تم التعرف إلى أسمائهم، لكن هناك العشرات من الشبان اعتقلوا ايضاً ولكن لم تعط السلطات الإيرانية أي معلومة عن مكان حجزهم حتى الآن.
وتزامنت هذه الاعتقالات في مدن وأحياء أخرى في المحافظة منها مدينة الحميدية القريبة من عاصمة الإقليم، حيث قامت باعتقال ثلاثة من النشطاء وهم عدنان الحلفي مع أخيه وعيدان شافي وخالد عبيداوي وحسن عبيات وعدد آخر لم تتوفر معلومات عنهم حتى الآن، كما اعتقلت السلطات الأمنية في الحميدية الفنان الأهوازي غالب الأصيل المنابي وأخاه حسن المنابي الذي يعمل مدرساً لمادة للتاريخ في إحدى مدارس المدينة على خلفية نشاطهم الثقافي والفني.
هذا وقامت السلطات الإيرانية في الآونة الاخيرة باعتقال عدد كبير من الشباب السنّة ووجهت لهم التهم المفبركة لمجرد توجهاتهم المذهبية وعودتهم من التشيع إلى المذهب السني.
يُذكر أن الحكومة الإيرانية تتهم أبناء العرب الأهوازيين من السنة بالارتداد، وينقل عبدالكريم خلف الذي كان سجيناً مع احد السجناء من أبناء السنه لـ”العربية.نت” فيقول: “إن السلطات الامنية تحاول التنكيل بالشباب “العادئ للمذهب السني” من خلال إهانتهم وسب الصحابة أمامهم، كما تناديهم في المعتقلات بالكفرة والنجسين في محاولة لزعزعة قناعاتهم المذهبية”.
ويضيف عبدالكريم: “لقد انتشر مذهب السنة في الاهواز والمحافظات الأخرى في السنوات الأخيرة انتشاراً واسعاً حسب إحصاءات بعض الصحف، ما أربك الحكومة الإيرانية التي ترى في التحول للمذهب السني خطراً على أمنها القومي الذي يشكل مذهب التشيع العمود الفقري لهويته التي لا يمكن فصلها عن القومية الفارسية.”
كما طالت الاعتقالات عدداً كبيراً من المفكرين والناشطين والمثقفين العرب، حيث دعا نشطاء حقوق الانسان المنظمات الدولية المعنية بالاهتمام وحماية الناشطين من أبناء الشعوب الإيرانية ومنهم عرب إقليم الأهواز.
وشهدت الأهواز منذ إسقاط حكمها العربي في عام 1925 انتفاضات متواصلة من أبرزها انتفاضة 15 أبريل/نيسان 2005، حيث انتفض الشعب العربي الأهوازي انتفاضة شعبية عارمة استمرت أكثر من شهرين احتجاجاً على تعميم حكومي دعا إلى قلب التركيبة السكانية في الإقليم وتهجير العرب من أراضيهم ليصبحوا أقلية خلال 10 سنوات، ولكن قمعت بشدة وعنف وراح ضحيتها العشرات وسجن المئات وأدينت إيران من قبل بعض المنظمات لحقوق الانسان مثل “هيومان رايتس ووتش” والبرلمان الأوروبي، لكن دون أي احتجاج أو إدانة عربية تذكر.
وتمنع الحكومة الإيرانية القوميات غير الفارسية من ممارسة عاداتها وآدابها الثقافية، كما لا تسمح لهم بالتدريس بلغتهم الأم رغم أن الدستور الإيراني ينص على ممارسة هذا الحق الطبيعي للشعوب في إيران