في وقت يصعّد أعداء سوريا الضغوط على الرئيس السوري بشار الأسد لإجباره على “التنحي”، تجد إيران، حليف دمشق الرئيسي في الشرق الأوسط، نفسها رازحة تحت وطأة حصار هدفه كسر التحالف الوثيق بين بلدين لطالما أرعبا “الشيطان الأكبر”.
تواجه إيران اليوم موقفاً غير مسبوق، إذ كيف يمكن أن يغيب عن بال الولايات المتحدة في هذه المرحلة إمكانية استغلال ضعف طهران ضدّ سوريا والعكس صحيح؟ وهكذا تمّ تصعيد العقوبات على الطرفين. وفي هذا الإطار، يرى عدد من المسؤولين الأميركيين والخبراء السياسيين أن السقوط المحتمل للأسد سيكون بمثابة ضربة من شأنها أن تضعف إيران، في وقت يتعثّر فيه اقتصادها بفعل ضغوط العقوبات المفروضة لإرغامها على تعليق برنامجها النووي.
الاعتقاد السائد حالياً في الأوساط الغربيّة الرسميّة، والأميركية تحديداً، هو أن “رحيل” الرئيس الأسد لن يهدّد بعزل سوريا عن إيران، وهو حلم لطالما راود واشنطن وحلفاؤها العرب، فحسب، بل سيحرم طهران من أداتها الأساسية لبسط نفوذها في الشرق الأوسط. وعليه، فإن “سقوط” الرئيس الأسد يعني أن طهران ستخسر القناة الأساسية التي تمرّر من خلالها الدعم العسكري والمالي واللوجستي لـ حزب الله في لبنان وحركة حماس في قطاع غزة.
علاوة على ذلك، فإن العقوبات على إيران تحدّ بشكل كبير من قدرتها على تقديم الدعم المالي للرئيس الاسد الذي أفرغت الانتفاضة والعقوبات على سوريا جعبته من الأموال. ويؤكد هذا الكلام أحد المسؤولين في الإدارة الأميركية بقوله “لكان الرئيس الأسد سقط في وقت أسرع بكثير لو لم تكن إيران هناك لدعمه”.
وبالمثل، فإن سوريا تكتسب أهمية من خلال مخططات إيران لبسط نفوذها في المنطقة عبرها، خاصة أنها تشترك بحدود مع لبنان توفر ممراً لها إلى حزب الله ومع إسرائيل التي تعتبرها طهران عدوها اللدود.
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة بوسطن علي بن عزيزي “لنعترف بذلك، إن كانت إيران تشكّل تهديداً فعلياً، تتمثل الطريقة الوحيدة للتصدي لهذا التهديد بإضعاف سوريا ومساعدة المعارضة”. في هذه الحال، فإن ضعف المحور السوري ـ الإيراني سيعكس تحولاً صارخاً عن الفترة السابقة، حيث كان الأسد متسلحاً بالدعم الإيراني للحفاظ على موقعه، في حين كانت إيران تصف نفسها بأنها مصدر الإلهام لغيرها من الانتفاضات العربية.
في الواقع، يعتبر المراقبون أن دعائم المحور السوري ـ الإيراني قد بدأت تتصدّع، مع اتساع موجة الاستياء من إيران في اوساط شعبية سورية، حيث تعتبر هذه الأخيرة أن طهران تقف مع الطرف الظالم، والدليل على ذلك حالات اختطاف الإيرانيين التي ظهرت مؤخراً في المشهد السوري. في المقابل، خرج المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله الخميني للتنديد بما اعتبره “تدخل أميركا وحلفائها في القضايا السورية الداخلية”.
وفي حين لن تتوانى طهران عن دعم الرئيس الأسد بكل ما أوتيت من قوة، يرى مسؤولون أميركيون أنها لن تتردّد بطبيعة الحال في البحث عن موطئ قدم لدى النظام الجديد الذي يمكن أن يخلف الرئيس الأسد.
وفي الخلاصة، لا يمكننا إنكار أن العقوبات على سوريا تضعف الخزينة السورية، وانطلاقاً من أن الضغط على طهران يهدّد اقتصادها، فمن غير المرجّح أن يقدّم القادة الإيرانيون مساعدات مالية كبيرة للأسد.
“في وقت من الأوقات سينفد النقد السوري، ومن المثير حينها أن نرقب ماذا سيحدث في حال لم تستطع إيران سدّ العجز”.. يقول الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أندرو تابلر الذي يؤكد، من جهة أخرى، أن “سقوط” الرئيس الأسد سيكون أكبر ضربة للنفوذ الإيراني في المنطقة منذ عقود”.