لا شك أن الرئيس الإيراني استُقبل بحفاوة من نظرائه وسمع الكثير من العبارات التي تدين أميركا وتصفها بالتجبر والاستكبار.
لكن الجولة في النهاية ليست إلا حدثا دعائيا وتنفيسا عن نوبة من الإخفاق السياسي لطهران، لأن الدول التي زارها نجاد هزيلة اقتصاديا وسياسيا ولا أثر يذكر لمواقفها على الساحة الدولية.
كانت نتائج الجولة كما هو متوقع ضعيفة جدا بحكم أنها لم تشمل البرازيل التي لم يعد يهمها إنقاذ إيران، خلافا لما كان عليه الحال في عهد رئيسها السابق لولا داسيلفا قبل عامين.
رئيسة البرازيل الحالية لا ترى أي فائدة في الوقوف مع حكام طهران ما دام العالم كله قرر تطويقهم، وبعد أن حجّمت الثورات العربية دور طهران وأفقدتها أهم مواقعها في الشرق الأوسط.
نجاد قال بمرارة إن رئيسة البرازيل الحالية تدمّر ما بناه سلفها. يقصد أن البرازيل وافقت على إجراء تحقيق حول انتهاكات إنسانية مفترضة في إيران، ولم تعد تمانع في إدانتها من قبل المجتمع الدولي.
قبل أقل من عامين كانت خطب نجاد تقابل بالسمع والطاعة في دمشق وتلقى تجاوبا، أو تفهما على الأقل، من قبل أنقرة وبرازيليا.
لكن الأمور تبدلت فلم يعد لصوت نجاد صدى على الساحة الإقليمية والدولية، فالبرازيل لم تعد تؤمن بالوقوف إلى جانب نظام يضيق به المجتمع الدولي.
كذلك عطلت الثورة في سوريا خطوط التواصل بين إيران والعرب، حيث بات واضحا أكثر من أي وقت أن علاقة طهران بدمشق ذات أبعاد مصلحية ضيقة لا أفق لها في حال رحيل الأسد.
يتجلى هذا في وقوف إيران المستميت ضد ثورة الشعب السوري ومدها نظام دمشق بالسلاح والمال حتى يقوى على البقاء، حسب تقارير إعلامية وشهادات من معارضي النظام.
تركيا هي الأخرى أحيت خلافاتها مع إيران واقتنعت مؤخرا بأن سياسة التعالي على المشاكل التي أعلن عنها حزب العدالة والتنمية غير واقعية.
لم يعد بإمكان إيران التعويل على مؤازرة تركيا في المحافل الدولية لأن البلدين يتصارعان على النفوذ في المنطقة. وبدأت أنقرة تستنكر التبشير الطائفي الإيراني في العراق.
النظام الإيراني إذن لا تربطه أي علاقة بأي طرف قوي على الساحتين الإقليمية والدولية، ولم يعد بإمكانه تفادي تأثيرات الضغط السياسي والحصار الاقتصادي.
وإلى جانب تأزم علاقة إيران بالخارج، بات جليا أن الشارع المحلي سئم من نظام ولاية الفقيه ليس لأنه قمعي فحسب إنما لاقتناعه بأن سياسة افتعال الممانعة واستعداء العالم لم تجرّ خيرا على الإيرانيين طيلة ثلاثة عقود.
إذا ما نفذت طهران تهديديها بغلق مضيق هرمز
فإن الغرب المتعطش للطاقة لن يسكت وستسرّع
الضربات التي سيوجهها لإيران تداعي وانهيار النظام من الداخل.
لكن إقدام طهران على هذه الخطوة مستبعد جدا، ليبقى موعد السقوط الانتخابات التشريعية حيث تؤكد التقارير أنها ستكون مناسبة لعودة المعارضة للشارع ورفض تزوير الانتخابات.
وقد بات واضحا أن النظام يخشى من تداعيات هذه الانتخابات على وجوده، حيث حذر في أكثر من مناسبة من أن أعداء إيران يخططون لتوظيفها في زعزعة الاستقرار.
إذن، كل عوامل السقوط اجتمعت في إيران، ولم يبق إلا أن تدق ساعة الحسم.
للكاتب سيد احمد الخضر نقلا عن “العرب القطرية”