ولماذا كل هذه التهديدات الصريحة لدول الجوار أو إزالة إسرائيل عن الخارطة؟ ولبيان بعض خفايا هذه التساؤلات حين نعود إلى التاريخ القريب والبعيد لنجد أن الدول التي تتباهى بقدراتها العسكرية ونستعرضها أمام العالم، إنما هو ناتج عن أحساس يضعف يهرع أصحابه إلى تعويضه بالاعلام. أنا لا أنسب صفة الضعف إلى إيران لأنها لم توضع على المحك بعد، ولكنني أعني أن تنظر إيران إلى صفحات قريبة وبعيدة من تاريخ العالم لتدرك أن الدول القوية لا تتباهى بقوتها ولا تستعرضها، ولا تهدد باستخدامها، وما حكايات القاهر والظافر وصواريخ الكيماوي المزدوج عنا ببعيد.
نعود إلى إيران لنرى أن هذا البلد يواجه عقوبات عديدة من دول العالم المؤثرة، ومن الولايات المتحدة بخاصة. هذه العقوبات تتزايد يوماً بعد يوم، ويزداد تأثيرها على حياة المواطن الإيراني كذلك. وهذه العقوبات في طريقها إلى الاتساع كما ونوعاً، وهي في سنة الانتخابات الأمريكية تغدو أكثر قابلية للازدياد، لأنها ستكون عاملاً من عوامل الحملات الانتخابية بين الديمقراطيين والجمهوريين. فالجمهوريون يرون أن أوباما يخطئ في محاولة إجراء حوار مع أعداء الولايات المتحدة طبقاً للسياسة التي أعلن عنها خلال حملة الانتخابات الأولى سنة 2008م. ويقولون أن إدارته لم تقم بفرض العقوبات التي وعد بأنها ستسبب «الشلل» لإيران … إلى الحد الذي دفع بـ «ميت رومني» وهو من الأوفر حظاً لترشيح الحزب الجمهوري لمنافسة أوباما في انتخابات سنة 2012م إذا قال: «إذ أعدنا انتخاب باراك أوباما لولاية ثانية فإن إيران ستحصل على سلاح نووي، أما في حال انتخابه هو فلن يسمح لإيران أن تحصل على مثل ذلك السلاح». كما أتهم رومي أوباما في مكان آخر معتبراً أياه أنه كان بطيئاً في دعمه للاحتجاجات الديمقراطية الإيرانية التي جرت سنة 2009م.
إذن فقد أصبحت إيران هي أحدى العوامل المؤثرة في الانتخابات الأمريكية، وسوف يتبارى الحزبان المتنافسان في رفع سقف العقوبات عليها طمعاً في الفوز بالرئاسة. وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن إيران نفسها ومن خلال استعراضها للقوة والتهديد بإغلاق مضيق هرمز والذي يعتبره الغرب كله ممراً حيوياً لإمدادات النفط إلى العالم واعتبر إغلاقه خطاً أحمر، فإن إيران ستواجه عدداً آخر من العقوبات النوعية المؤثرة على المتطلبات الأساسية للدولة والشعب الإيراني. كما أن إصرار إيران على الاستمرار في برنامجها النووي يرعب إسرائيل، وربما يدفعها إلى شن غارة على مفاعلاتها النووية حتى بدون تنسيق مع الولايات المتحدة. ولا شك أن الولايات المتحدة وهي تعيش سنة الانتخابات الأمريكية ستغض الطرف عما فعلته إسرائيل، ولن تستطيع حتى مجرد توجيه اللوم لها، لأننا نعرف جميعاً دور اللوبي الصهيوني في ترجيح كفة أحد المرشحين على الآخر. نتمنى للشعب الإيراني الخير، والسلامة من كل شر.