قالت زوجة رئيس المجلس العربي الاسلامي في لبنان فاطمة الرميسي إن محمد علي الحسيني المحتجز في سجن رومية في بيروت منذ 31 ايار (مايو) الماضي يتمتع بمعنويات عالية وواثق من براءته. وابلغت “إيلاف” انها تزوره في محتجزه مرتين او ثلاث في الشهر وهو ينتظر الحكم ببراءته. وحددت المحكمة العسكرية الدائمة في لبنان يوم السابع من الشهر المقبل موعداً للنطق بالحكم في قضيته.
وأكدت ان ملفه القضائي خال من اي قرائن او دلائل تؤكد التهم الموجهة له. وأشارت إلى أنّ المرة الاخيرة التي ظهر فيها الحسيني امام المحكمة كان يوم الجمعة الماضي ولكن بسبب اجراءات فنية لم ينطق القاضي بالحكم في القضية فتم تأجيلها الى يوم الثلاثاء السابع من شباط (فبراير) المقبل. وقالت انها تنتظر انباء سارة في القضية لانها واثقة من براءة زوجها وأخلاء سبيله.
ومن جانبه قال إيلي محفوظ محامي الحسيني انه “منذ ان تم توقيف موكلي العلامة السيد محمد علي الحسيني احتياطيًا بتاريخ 31/5/2011 بدأت بعض وسائل الإعلام بتناول هذا الملف بشكل سلبي أساء ويسيء الى سمعة موكلي كما أنه أساء ويسيء الى الجسم القضائي اللبناني”.
وأضاف “بالنسبة للقضية التي أنا أمثل فيها جهة الدفاع وبعدما نُشر الكثير وكُتب الكثير وأذيع الكثير حولها ولكن بكلّ أسف أؤكدّ للجميع بأن كل ما نشر حول هذا الموضوع حمل الكثير من التحليلات والفبركات والخبريات من دون أن يأخذ هؤلاء الذين تناولوا الموضوع الانسان الذي يتعرّض هو وأفراد عائلته ومجتمعه لظلم سيطاله ويلاحقه حتى آخر يوم من عمره.. لا سيما وأنّ المعني بالموضوع ليس مجرد مواطن لبناني إنما هو علاّمة ورجل دين يتمتع بالحضور الاجتماعي المتميز في لبنان وكذلك في البلدان التي حلّ فيها ضيفًا إمّا للتبشير الديني او لتوقيع أحد مؤلفاته التي فاق عددها الأربعون كتابًا.. واذا كانت بعض وسائل الاعلام استغلّت الملف لمصالح سياسية لتشنّ حملة على العلامة الحسيني بحيث برزت الحملة وكأنها إدانة وحكم مبرم حتى قبل البدء بجلسات التحقيق أمام حضرة قاضي التحقيق العسكري وهؤلاء أنفسهم لم يذكروا كلمة واحدة مما جاء في القرار الظني الذي منع المحاكمة عن الحسيني مما يؤشرّ على النوايا السيئة التي انطبعت بهؤلاء منذ اللحظة الأولى لتوقيف الحسيني” كما قال في بيان.
وأضاف محفوظ “إننا نصرّ على إبعاد الشق السياسي عن هذا الملف القضائي كما نصرّ على ترك القضاء العسكري كي يقوم بواجبه من دون أية تأثيرات ومنها الجو السياسي الذي ولّدته الثرثرة في الاعلام حول موضوع حسّاس ودقيق.. وكنت آمل من بعض وسائل الاعلام خاصة منها التي تناولت موضوع الحسيني والتي رجمته بتهمة العمالة لإسرائيل لو أنها تابعت الملف بشكل إيجابي ونشرت مثلا ما صدر عن قاضي التحقيق العسكري الذي منع عن العلامة الحسيني المحاكمة لجهة المادة 278 من قانون العقوبات اللبناني وبالتالي تخلية سبيله بكفالة نقدية مقدارها /200000ل.ل/ (ماءتا الف ليرة لبنانية ) ولكن هذا النشر لم يحصل لا بل على العكس لاذ هؤلاء بالصمت ولم يشيروا الى القرار الظني”.
وأشار إلى أنّه “لاحقًا استأنفت النيابة العامة العسكرية قرار قاضي التحقيق العسكري الاول وطالبت بفسخ قرار إخلاء السبيل لكون جرى تمييز قرار قاضي التحقيق العسكري الاول امام محكمة التمييز الجزائية مما اقتضى تبعا لذلك إبقاء الموكل الحسيني قيد التوقيف.. فهذا المسار القضائي والاجرائي ماذا يعني ؟.. يعني أنّ الاجراءات والأصول القانونية اتبعت كما يجب ولكن ما لم يحترم من قبل البعض من وسائل الاعلام هو استباق كلّ هذه الاجراءات واستباق حكم المرجع المختص المولج وحده لفظ الحكم إمّا بالبراءة او بالإدانة على الرغم من ثقتي وجزمي ببراءة موكلي مما نسب اليه ولكن احترامًا للقضاء وتحديدا المحكمة العسكرية صاحبة الاختصاص لا بدّ من الانتظار حتى يوم 20 كانون الثاني (يناير) 2012 موعد جلسة المحاكمة ولفظ الحكم عندها يمكن لمن يشاء قول ما يشاء”.
معارضة الحسيني لحزب الله وسياسات ايران وراء اتهامه
وتعتقد بعض الاوساط السياسية ان معارضة الحسيني لحزب الله ومناوءته للسياسات الإيرانية في المنطقة هي التي دفعت لاتهامه بالتعاون مع إسرائيل الأمر الذي دفع المجلس لإطلاق حملة واسعة للضغط على السلطات بغية إطلاق سراحه. وقد شن المجلس الإسلامي العربي في لبنان حملة واسعة لمطالبة السلطات اللبنانية بتنفيذ حكم المحكمة العسكرية بإطلاق سراح محمد علي الحسيني الذي برأته المحكمة من تهمة الاشتباه بتعامله مع إسرائيل.
وأوضح المجلس أن “الاتهامات التي وجهت للحسيني كانت مركبة وملفقة له ظلما وعدوانا وهو براء منها وقد أظهرت المحكمة العسكرية في لبنان يوم الأربعاء العاشر من آب (أغسطس) الماضي قرارا بمنع محاكمته وإطلاق سراحه ولم تجد ذنباً أو جرماً عليه مع هذا مازال يقبع في معتقله السياسي من أجل النيل من إرادته ومنعه من قول رأيه السياسي ظناً من أعدائه أنهم باعتقاله وأسره وسجنه يمنعون قول الحق ومنع الديمقراطية وإسكات الحرية”.
وعرف الحسيني بمواقفه المعارضة من السياسات الإيرانية في المنطقة واتهامها بالسعي لفرض هيمنتها على الشيعة العرب خدمة لمصالحها القومية الفارسية في العالم العربي ويؤكد دائما إن الشيعة العرب ولائهم لبلدانهم أقوى من أي ولاء آخر كما دعا مرارا إلى دعم الشيعة العرب في الأحواز متهما السلطات الإيرانية بممارسة سياسة “التفريس” وطمس الهوية العربية ضدهم رغم المذهب المشترك مشددا على ضرورة الإخاء بين الشيعة والسنة والاحترام المتبادل لكافة الرموز المذهبية لدى الجانبين.
وكان الرأي العام اللبناني انشغل طيلة الفترة الماضية بقضية الحسيني الذي أوقفته مديرية المخابرات في الجيش اللبناني للاشتباه بتعامله مع إسرائيل لكن وبعد أشهر من التحقيقات التي أجراها قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبوغيدا لم تثبت أي أدلة ضده.
جلسة محاكمة الحسيني
وكانت هيئة المحكمة العسكرية الدائمة المؤلفة من الرئيس العميد الركن نزار خليل والمستشار المدني القاضي حسن شحرور وفي حضور ممثل مفوض الحكومة لدى المحكمة المحامي العام القاضي داني الزعني قد عقدت أولى جلسات محاكمة الحسيني في السادس عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بجرم الاتصال بمخابرات إسرائيل وبدول أجنبية تتعامل أمنياً مع دولة عدوة وفي جرم التعامل معهم وحيازة أسلحة حربية.. وذلك بحضور وكيله المحامي إيلي محفوض وذلك في جلسة سرية.
وقد نادت الرئاسة على المدعى عليه الحسيني فدخل إلى قاعة المحكمة مخفوراً من دون قيد وفي يده كتيّبين وضعهما على المنصة الخاصة بالمدعى عليهم حيث كتاب الانجيل وكتاب القرآن وقد رفع القرآن وقبّله ولامسه بجبينه.. ثم باشرت الرئاسة استجوابه في التعريف عن نفسه بالهوية الشخصية فقال إن إسمه محمد علي اسماعيل الحسيني من مواليد الغبيري في 1/5/1974 ويقطن في الضاحية الجنوبية لبيروت محلة بئر العبد.
وقبل أن تطرح الرئاسة السؤال على الحسيني سارع المدعى عليه إلى الطلب من المحكمة بجعل لجلسة سرية باعتبار أنه سيدلي بمعلومات قد تؤدي إلى أذيته وإلى أذية عائلته معتبراً الموضوع مترابطاً من بدايته حتى نهايته لما قد يؤثر في ضَرره وعائلته وأمّته و موضحاً أنه يوجد أشخاص ذُكرت أسماؤهم في الملف ولا بد أن تبقى سرية. ثم تلت المحكمة القرار الاتهامي ونبّهت إلى أن الادعاء يتعلق فقط بالمادتين 272 عقوبات (إجراء اتصال بـ”العدو” والشخص على بيّنة من أمره) وحيازة الأسلحة المادة 72.
وسألت الرئاسة الحسيني: أعطيت إفادتين واحدة أمام مديرية المخابرات في الجيش اللبناني والثانية أمام قاضي التحقيق العسكري.. هل تؤيدهما؟ فأجاب أنه لم يطلع على إفادته للمخابرات وأنه وقّع عليها خلال الـ 33 يوماً من التوقيف قيد التحقيق لكنه أيد إفادته أمام قاضي التحقيق العسكري رياض أبو غيدا حيث كان الكلام مباشراً مشيراً الى أنه أمام قضية حساسة والأولى من نوعها في لبنان من حيث الادعاء على رجل دين وهو ليس رجل دين لأنه معروف بتاريخه المقاوم والسياسي عربياً ولبنانياً ثم اخرج صوراً لترخيص يسمح باقتناء ستة مرافقين وهذا الترخيص يعود بالصلاحية إلى 30/6/2011 وبالتالي فان السلاح المصادر مرخص.. وهنا سألت الرئاسة: هل تؤيد افادتك لدى مخابرات الجيش فأجاب: لم اطلع على ماذا كتب فيها!
وهنا سألت الرئاسة الحسيني : ما هي صفتك؟ فأجاب: الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في الضاحية وفي صور ومعه مجموعة من المشايخ، وانه بدأ من إيران وأنشأ المجلس سنة 2006 وفكرة إنشائه استندت إلى اتباع خط العروبة فقط ولا أحد غيره اما أهداف المجلس فهي وأد الفتنة بين السنّة والشيعة واللقاء المشترك مع جميع الأديان.
ولدى سؤاله عن خط الهاتف المستعمل في 9/6/2005 ورقمه 442082080660 وهو بريطاني لمدة 120 ثانية مع خط منزله في الضاحية فقد نفى معرفته به ولدى مواجهته بالواقع انه مستعمل من قبل المخابرات الإسرائيلية آوضح بالقول “إنها جمعية في بريطانيا وكانت لدي سنة 2005 دعوة إلى بريطانيا وبما انني عضو في المجلس الإسلامي الشيعي كنت أعدّ الأمكنة للزيارة وللانطلاق في كل ما هو ديمقراطي بحثت عن الجمعيات في لندن عبر Google ولفتتني جمعية (ولد للحرية) لا اعرف ماذا تتعاطى.. اتصلت فتحت الخط سمعت مرّة ثم أقفلت ثم سمعت وعندما علمت ان لها علاقة بشيء اسرائيلي أقفلت.. ولم اتصل بشيء اسرائيلي..الاتصالات ضمن نشاطي أن أجمع الجمعيات التي لا بدّ من زيارتها خصوصاً الدينية”.
وبمواجهة الرئاسة للحسيني أن جمعية (ولد للحرية) هي جمعية تجمع معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون أراد أجاب الحسيني “لا احتاج إذا اردت الاتصال بـ”العدو” أن اذهب إلى جمعية فقد كتبت كتباً ضد الموساد الاسرائيلي والإرهاب الصهيوني ودافعت عن الشعب الفلسطيني ولست جاهلاً..هذا اختصاصي.. وأنا نبهت إلى الخطأ السرطاني في قم”.
وبتكرار السؤال قال الحسيني “لا أنفي اتصالي بالرقمين 442082080660 و442072302245 لكن من دون بَينة. إن للموساد موقع على الانترنت وكنت في اوروبا ولست بحاجة للاتصال بجمعية”. وأجاب الحسيني حول مسألة الارقام الهاتفية التي لديه انه يملك ارقاما اجنبية كثيرة واجهزتها منوعة وانه وفق الحاجة كان يبدل الاجهزة على الخطوط التي يملك.
ثم طلبت الرئاسة توضيح مسألة الاتصالات من رقمين وبأنه لا بد من تبرير تلك الاتصالات علما ان المدعى عليه يديرها بشكل عام.. فأجاب الحسيني “هذه اتصالات من مجاهدي خلق المعارضة الايرانية في فرنسا وبريطانيا ولا توجد ارقاما أمنية لي خاصة بين جهتين.. كل هواتفي مفتوحة ومعروفة.. يوجد فقط هاتف أمني واحد لدّي وهذا سرّي لا يمكن البوح به في الجلسة العلنية”. وأضاف “صودرت مني الارقام: الفرنسية، الايرانية، البحرانية، الكويتية، السعودية، اما الرقم البريطاني فقد انتهت صلاحيته”. وعن البلدان التي زارها الحسيني قال: إنه زار فرنسا، ايطاليا، بريطانيا، لكنه لم يزر ولا مرة اميركا.
وبسؤال ممثل مفوض الحكومة القاضي الزعني عن وضع الحسيني المادي قال “انا رجل دين ووضعي المادي جيد جداً. وانا معروف. والسيد يحصل على الخمس من أموال الزكاة، كالزكاة عند الاخوان المسلمين. هذا غير وضع التبليغ. الراتب الذي يعيني من كتبي كبير هذا غير محاضراتي نحن من عائلة مرتاحة”.
وهنا رفعت رئاسة المحكمة الجلسة العلنية وانسحبت والمدعى عليه ووكيله المحامي محفوظ الى غرفة المذاكرة حيث تابعت المحكمة الجلسة في السر.. وبعد زهاء ساعة وربع خرج الوكيل محفوض ليقول: إن الجلسة أرجئت الى 20/1/2011 للمرافعة لكن هذا لم يحصل فتأجلت المحاكمة الى السابع من الشهر المقبل.