، اتهمت فيه السلطات الإيرانية بالقيام بهذه العملية لأسباب داخلية وخارجية أهمها توحيد الصفوف الداخلية وكسب التعاطف الدولي في الظرف الذي تخيم فيها أجواء الحرب ضد طهران بسبب أنشطتها النووية المريبة.
واستناداً إلى ما اعتبره الدبلوماسيون المنشقون التقارير والمعلومات الموثوقة الواصلة إليهم بخصوص اغتيال أحمدي روشن أكدوا أن مساعد الشؤون التجارية في منشأة نطنز “كان ينتقد الطريقة التي يدار بها البرنامج النووي للنظام والتي تؤدي إلى الفقر العام والتضخم وفرض حرب أخرى على الشعب الإيراني”.
وكانت وسائل إعلام إيرانية قد أعلنت الاربعاء الماضي مقتل أحمدي روشن إثر انفجار قنبلة لاصقة شمال العاصمة طهران مع أحد مرافقيه وجرح شخص ثالث كان برفقتهما، واتهم المسؤولون الإيرانيون كلاً من أمريكا وإسرائيل والوكالة الدولية للطاقة الذرية بالضلوع في الاغتيال.
روشن عارض السياسات النووية
وفي الوقت الذي تحدثت بعض وسائل الإعلام الإيرانية عن أن أحمدي روشن كان من تلاميذ آية الله عزيز خوشوقت والد زوجة مصطفى خامنئي نجل المرشد الإيراني الأعلى، إلا أن بيان “حملة السفارة الخضراء” يؤكد أنه كان يعارض بشدة السياسة النووية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، لاسيما في مجال شراء خام اليورانيوم من بلدان في إفريقيا وأمريكا اللاتينية بأسعار مضاعفة لأنه كان يعتقد أنه بالإمكان استخراج هذا المعدن في الداخل بأرخص الأسعار، منتقداً منح امتيازات غير منطقية لمسؤولين فنزويليين لنقل هذه المواد سراً إلى إيران وكوريا الشمالية خلافا للمصالح الوطنية الإيرانية، حسب البيان.
وجاء في جانب آخر من بيان الدبلوماسيين المؤيدين للحركة الخضراء أن المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي كان اجتمع قبل شهرين بعدد من كبار رموز النظام الموثوقين ونقل لهم أقوالاً لمؤسس النظام آية الله خميني صرح بها في عام 1988 شبّه فيها الوضع الإيراني آنذاك بظروف المسلمين بين معركتي بدر وخيبر.
وأضاف البيان وللمرة الثانية على التوالي كرر المرشد الإيراني الأعلى هذه المقولة، مقارناً الظروف الراهنة بمعركتي أحد وخيبر وهذه المقارنة تأتي لتبرير القيام بالتفجيرات والاغتيالات وزرع الخوف والرعب في قلوب المعارضين وإلقاء اللوم على المجموعات المعارضة، وهذا ما يبرر ضلوع النظام الإيراني في التفجيرات والأحداث التي تشهدها الساحات العراقية والسورية والإيرانية.
صرف الأنظار عن سوريا
واستنتج البيان أن اغتيال مساعد الشؤون التجارية في منشأة نطنز النووية لن يوقف أو يؤخر مشروع إيران النووي إلا أن هذا الإجراء من شأنه أن يخدم النظام ويمنحه فرصة لفرض أجواء الرعب والترهيب في الداخل ويقوم باتهام أمريكا وإسرائيل في الخارج بغية رصّ صفوفه الداخلية أمام العدو الخارجي، وداخلياً ينوي النظام تسخين أتون الانتخابات البرلمانية القادمة للخروج ببرلمان موحد يتكون من طيف سياسي واحد.
كما يحاول النظام الإيراني ومع اقتراب الاجتماع الخاص بمجموعة 5+1 الظهور بمظهر المظلوم للحيلولة دون فرض المزيد من العقوبات عليه، فمن هذا المنطلق ندد النظام بالوكالة الدولية للطاقة الذرية واتهمها بالضلوع في هذا الاغتيال لكي يمنع مفتشي الوكالة من الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية.
ويستشف بيان الدبلوماسيين الإيرانيين المنشقين عن النظام “أن عملية الاغتيال أراد لها النظام الإيراني أن تصرف الأنظار، لاسيما المراقبين العرب، عما يتعرض له الأحرار في سوريا وجعل بشار الأسد في موقف المظلوم الذي يتعرض نظامه لهجوم الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، وكذلك وسط عودة التصعيد في العراق وعودة التفجيرات وقيام النظام بمناورات بحرية والتهديد بإغلاق مضيق هرمز في هذا الإطار”.
وفي الوقت الذي اتهم البيان السلطات الإيرانية بالسعي لتصفية ما تبقى من معارضين في البلاد، كما حدث في العقد الأول بعد انتصار الثورة وتنظيم برلمان موالٍ، تمهيداً لانتقال سلس للسلطة إلى مجتبى خامنئي نجل المرشد الأعلى للنظام، رأى الدبلوماسيون الإيرانيون المنشقون الموقعون عليه أن الحل الوحيد “للإنقاذ الوطني وتجنب حرب مدمرة والحؤول دون فرض حكومة عملية على الشعب الإيراني مقابل إبقاء أسرة خامنئي في السلطة”، يكمن في خلق وحدة بين كافة أطياف الشعب الإيراني حول الحد الأدنى من المطالب كالحرية والديمقراطية وفصل الدين عن الدولة واحترام الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والتمهيد لانتخابات حرة واستفتاء عام تحت إشراف مجلس وطني.