habib_albandaghili22
بروال - تسلق الخریف خفية و دون إستئذان أو حتی إنذارسابق شجرة الفن الأهوازية لينتزع منها هذه المرّة آخر أوراقها إذ کان مع الفنان حبيب البندقيلي ( العبوداوي ) علی الموعد

مهلاً أیها الخریف ! .. دعني أرفع القبعة ( نظرة خاطفة علی حیاة الفنان الأهوازي المرحوم حبیب البندقيلي )

، ففي اليوم الخامس عشر من شهر محرم الحرام لعام 1433 الموافق 11/12/2011حيث أنتقل إلی جوار ربه بعد عمر من النشاط في الساحة الفنیة و العطاء الفني عن عمر ناهز أکثر من 85 عاماً و قد کان یعاني في السنوات الأخیرة من عمره من داء السکّري . ..

عندما سمعت بوفاته تفاجئت کثیراً و عضضت علی أناملي حیث کان لي أمل بأن التقیه بأعتباره آخر ما تبقّی من الجیل القدیم لأسمع رویاته عن ذلک الزمان و تلک الأیام و ذکریاته عن زملاءه و أقرانه و لکن لم تمهلني الأقدار و صروف الدهر و قد إنتزعه الخریف من بين أیدينا دون أن نودعه و نرفع القبعات اجلالاً له و إعجاباً به .

ربما تقاعسنا و عدم إهتمامنا الجاد – لتدوين تراثنا و ثقافتنا – هو الذي أعاقني عن لقاءه و الکثیر من الأعمال التي یجب أن نخلّدها عبر التدوین .

فور سماعي لنبأ رحيله قررت أن اکتب عنه و عن حیاته الفنية و اذکره و لو بشئ  نزیر ، فذهبت الی حي العامري و التقيت بعائلة عمه الحاج طالب العبودي و أعددت هذا التقریر علّي أن أساهم بشئ قلیل في تخلید ذکری الفنان الراحل حبیب البندقيلي إذ نتمنی أن یهتم جیل الشباب بجمع و تدوین تراثنا الذی قد یندثر في طي النسیان مع مرور الأیام و صروف الدهر .

یعد الفنان حبيب البندقيلي من ذلک الجيل الريادي الذي برز في الساحي الفنیة و ترک له بصمات جلیّة و خالدة في الستينيات و السبعينيات القرن العشرین أمثال صفر نيسي و یونس خلف و سید جواد واحمد کنعاني و …

المرحوم حبیب البندقيلي من موالید قرية البناودة و التاریخ المذکور في جنسیته يشير ألی عام 1313 و لکن حسب تأکید أحد افراد عائلته عمره عند وفاته کان اکثر من 85 عاماً و قد ترک بعد وفاته بنتان و ولداً واحداً يعيشون حالياً في نفس قرية مسقط رأس أبيهم .

کان حبیب في بداية شبابه موظفاً في شرکة النفط و لکن ترک العمل و تابع الفن الذي یعشقه و یهواه حد الوَلَه بشکل مستمر و کرّس جمیع أیام حیاته لخدمة هذا المعشوق الجمیل ، شکّل في بدایته الفنية و في ریعان شبابه ثنائياً رائعاً مع الفنان عبد الحمدانی ( معروف ب عبد لوتي ) حیث کانا یقیمان حفلات ثنائية و قد کانا يمتلکان صوتين رائعين شجيين و حنجرتين ذهبيتين و کانا یغنیّان معاً إذ تُسمی هذه المشارکات بال « إمناگل أو إمناوب » عندنا هنا في الأهواز .

کان یغنّي الأبوذية بصوته الشجي و أداءه الرائع و قد کان ممیزاً في هذا المجال کما قدم العلوانية بشکل جمیل أعجب الجمهور و أستمتع به و لازالت أشرطته تنال إعجاب المستمعین کما أدی الجوبية و الهچع و غیرها من الأطوار المعروفة و لکن لم تکن لدیه فرقة موسیقیة خاصة کباقي زملاءه الفنانین القدماء و قد التقی و صاحَبَ الفنانَین المعروفَین جواد وادي و داخل حسن عندما حضرا في الستینیات القرن الماضي و أقاما عدة حفلات هنا في الأهواز خاصة في سینما مولاژ الواقعة الی جانب محطة الوقود في حي السخیرية و قد نشأت بینهم صداقة و مودة أستمرت حتی بعد وفاة الفنان داخل حسن مع ابنه کاظم .

تعامل مع العدید من الشعراء من بینهم الشاعر شایع حسن الهلالي و مزبان الأميري و خلف خانزاده و حنش الیابر  و قد أقام حفلاته في جمیع مناطق الاهواز و له هواة کثيرين و شعبیة واسعة خاصة في مناطق الشعبية و الميناو و غیرها من القری و المدن .

کانت للمرحوم حبيب البندقيلي صداقة حمیمة مع الفنانين و تربطه علاقات واسعة مع زملاءه أمثال یونس خلف و خلف ديلمي و أخضير أبوعنب و رحيم طرفي و کان ملازماً و صديقاً حميماً للشاعر عبدعلي المياحي و مقرباً منه و کان یؤدي أشعاره و کلماته و أیضاً له صداقة مع الشاعر اسکندر المياحي…

کان کثیر السفر و التجوال ، یحضر الکثيرمن الحفلات و یزور الکثیر من الفنانين و هواة الفن و بسبب هذه المتابعة الجادة للساحة الفنیة قلّ حضوره في البیت مما أدی الی إمتعاض عائلته و أقربائه .

آخر حضور له في الساحة الفنية کان قبل اربعة أیام من مرضه الذي أدی الی وفاته حیث کان یعاني من داء السکّري و لکن لم یکن لیهتم لهذا الأمر و لم یعترف به حتی لا یعیقه عن متابعته للفن و الغناء و کان قد حضر هذا الحفل الفنان العراقي محمد الثامر الذي أشاد بصوته الممیز و أداءه الرائع .

توفي الفنان حبيب البندقيلي ( العبوداوي )في أحد مستشفیات الأهواز و تم تشییعه في قریة البناودة بحضور جمع من الفنانين و الشعراء و هواة الفن من بینهم محمد شهابي و لفته خلف الديلمي و آخرین .

ترک لنا تراثاً زاخراً من الأغاني الجمیلة التي قد نجدها هنا و هناک علی أشرطة الکاسیت يجب علينا جمع هذا التراث الخالد لنحمیه من الضیاع و الإندثار کما هي حال جمیع الفنانین الاهوازیین القدماء.

في النهایة نتقدم بأحر التعازي و أصدق المواساة بمناسبة رحیل الفنان حبیب البندقیلی ، لذویه و أسرة الفن الاهوازي و ندعو من الباري  جلّ و علا أن یغمده في رحمته و یسکنه فسیح جناته .

تقرير لفته الكعبي

شاهد أيضاً

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة

فوز الأديبة الأهوازية الشابة سرور ناصر في المركز الاول للقصة القصيرة جابر احمد 2024 / …