غالبية مسؤولي السجن من اعضاء الحرس الثوري الايراني وتربطهم علاقات حميمة بوزارة المخابرات. هذا التقرير الخاص لمؤسسة “ايران بريفينغ” يلقي الضوء على القسم السياسي, والأوضاع المعيشية, مشكلات السجناء, والتعذيب والمعتقل السري التابع لوزارة المخابرات الايرانية.
تضاعفت انتهاكات حقوق الانسان لدى الحكومة الايرانية في السنوات الأخيرة, فالأعداد تشير الى ارتفاع نسبة الاعدامات, عدد السجناء السياسيين, وعدد الذين قدموا طلب اللجوء السياسي وهذا كله يدل على انتهاك الحريات على يد الامن والسلطة الايرانية ومنع هذه القوات من ممارسة الحقوق المشروعة للمواطنين. الأمر يزداد سوءا عندما تتعلق المسألة بحقوق القوميات أو في المحافظات التي تقطنها قوميات غير فارسية حيث غياب وسائل الاعلام ومنظمات حقوق الانسان في هذه المناطق تزيد معاناة المواطنين لاسيما السجناء الذين يقضون أمَر فترة في حياتهم داخل السجون الايرانية. هذه الحالة تذكرنا بقول الشاعر : ان كنت تدري فتلك مصيبة – وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم. اعتمدت مؤسسة “ايران بريفينغ” في هذا التقرير على مصادر عدة موثقة حصلت عليها حصريا أما هذه المصادر ولأسباب أمنية وحفاظاً على سلامة من ساهم في جمعها تبقى سرية وفقاً للمؤسسة التي اعدت التقرير. لكن بامكان المؤسسة أن تقدم تلك المصادر (بشرط الحفاظ على سريتها) للمنظمات والمؤسسات الرسمية ذات الصلة بالقضايا الانسانية والحقوقية للتأكد من صحة التقرير, وفقا لما ذكرته المؤسسة في تقريرها.
يقع سجن “كارون” في وسط مدينة الأهواز في حيٍ قريب من دوارٍ يعرف أيضاً باسم “كارون”. ولا يبعد عنه السجن الثاني لمدينة الأهواز, سجن “سبيدار” الا أربعمئة متر او اقل. أما باقي سجون مدينة الأهواز كلها سرية وتُعرف باسم المعتقلات الأمنية.
يعتبر سجن “كارون” أكبر سجون محافظة خوزستان. ويضم أكبر عدد من السجناء في تلك المحافظة, وينقسم إلى عشرة أقسام حسب وضعية السجناء أو الجرائم.
القسم السياسي أو الأمني وهو الاهم في هذا السجن لانه يضم كل المعتقلين السياسيين, وتمارس فيه ابشع انواع التعذيب.
وخلافاً لباقي اقسام السجن ينقسم لثلاث صالات مختلفة:
الصالة الاولى: السرقة المسلحة والجرائم المتعلقة بالمخدرات.
الصالة الثانية: معتقل موقت.
الصالة الثالثة من القسم السادس, الخاصة بالسجناء السياسيين.
الصالة الثالثة: السياسي أو الأمني.
نظراً الى مستوى التعليمي لدى غالبية السجناء السياسيين وحالاتهم النفسية, فزجهم في هذا القسم وبالمجاورة مع المتهمين المذكورين في الأعلى مع وجود اقسام خاصة لجرائم السرقة والمخدرات وقسم خاص للمعتقلين, يعتبر أمراً لا مبرر له وانتهاكاً واضحاً لحقوق السجناء. أما الهدف من هذا الاندماج كما صرح به بعض السجناء هو الضغط النفسي وخلق حالات التوتر بينهم وبين السجناء الآخرين. الأمر الذي حصل مرات عدة وتجاهله المسؤولون.
جدير بالذكر أن كل ما يتعلق بالقسم السادس من سجن كارون هو مشترك بين كل الصالات وليس خاصاً بالسياسيين أو غيرهم وهذه المسألة تؤدي الى مضايقات ومشكلات كثيرة.
في بعض الأحيان عدد المعتقلين في الصالتين يزيد بصورة مفاجئة هذه الحالة تؤدي الى ذهاب المعتقلين للصالة الثالثة ومضايقة السجناء من ناحية المكان, ونظراً الى تنوع الجرائم في هذا القسم في بعض الحالات يزدحم حيث لا يوجد مكان للنوم على الأرض ولا في الممرات حتى تُستخدم الحمامات للنوم والجلوس. مسؤولو السجن كثيرا ما يقومون بتحريض المتخلفين على السجناء السياسيين بهدف الضغط على السجناء وزرع حالة الرعب عند السجناء السياسيين. ويستغلون حالة الدمج كوسيلة ضغط على السياسيين. الاوضاع المعيشية للسجناء السياسيين وما يتعرضون له من المسؤولين.
السجناء السياسيون في سجن كارون يعانون من مشكلات عديدة. بعضها تتعلق بالوضع المعيشي كعدم توفير المياه الصالحة, سوء التغذية والعناية الطبية غير المناسبة وبعضها يتعلق بالتصرفات اللاانسانية من قبل المسؤولين كالاهانة والضرب والتعذيب.
مياه الشرب: يعاني السجناء من انعدام المياه الصالحة للاستهلاك الآدمي حيث تنتشر الامراض الناتجة عن استخدام المياه الملوثة. وبعد عدم التفات المسؤولين لمطالب السجناء في توفير المياه الصالحة, اشترى السجناء جهاز تكرير مياه الشرب من اموالهم.
سوء التغذية: السجناء يعانون من اهمال ادارة السجن لتغذية السجناء من حيث الكم والنوع ونظافة الطعام. فتأتي الادارة كل يوم بأطعمة غير مغذية وغير نظيفة وفي بعض الأحيان فاسدة, مما يضطر السجناء الى شراء وصنع الطعام لأنفسهم. أما الفواكه والخضراوات فلا تُوجد في أغذية ادارة السجن قط. الرعاية الطبية: يشتكي السجناء من حالات الاهمال الطبي وسوء المتابعة, ما يعرض العديد منهم لمخاطر جسيمة. كما ان صيدلية السجن تعاني من قلة الدواء وعدم اهتمام الطبيب بالمعالجة الفعالة وتزويد الصيدلية بالأدوية اللازمة.
التفتيش المفاجئ والعاري: تقوم ادارة السجن بعمليات تفتيش مفاجئ وليلي ومتكرر من دون مبررات حقيقية اذ يدخلون غرفة النوم بالأحذية ويلوثون الفراش الذي يصلي عليه السجناء, ثم يفتشون الحقائب وفراش النوم الخاص بالسجناء ويوجهون السباب والشتائم الى السجناء الذين تم اخضاعه للتفتيش الجسدي دون أدنى احترام للخصوصية والكرامة الانسانية كذلك ضباط السجن يسرقون اشياء السجناء ويضربونهم بالهراوات أثناء التفتيش.
العزل الانفرادي: يتعرض السجناء لسياسة العزل والحبس الانفرادي والتنقلات التعسفية من دون أدنى مبرر او سبب وهو ما يؤثر في التواصل الانساني بينهم ويؤثر في الوضع النفسي والعقلي لهم. في سجن كارون زنزانات خاصة ويتعرض السجناء في هذه الزنزانات للتعذيب الجسدي والنفسي حيث يعصبون اعينهم وخاصة السجناء السياسيين منهم, ثم يعلقونهم من أذرعهم ويضربونهم بالعصي والهراوات ويرفسونهم بالأقدام. كذلك يستعملون هذه الزنزانات للمحكوم عليهم بالاعدام, حيث يبقون اياماً عدة قبل تنفيذ الحكم في هذا المكان. محل البيع: محل البيع في السجن تحت اشراف ادارة السجن, لكن العاملين فيه من السجناء. المواد والبضائع الموجودة في محل البيع محدودة من حيث النوع والكم ولا تكفي احتياجات السجناء. كذلك الأسعار مرتفعة جداً وبعض الأحيان تصل الى ثلاثة اضعاف السعر الواقعي. اجراءات تعسفية في الزيارة العائلية: عمدت ادارة السجن الى انتهاج مختلف أشكال التعسف والتفتيش قبل الزيارة من تصرفات لا انسانية بحق ذوي السجناء وما يتعرضون له من سب واهانة للكرامة. والحرمان من الزيارة كعقاب فردي وجماعي, أو بسبب ارتداء اللباس العربي, والمنع الأمني لذوي السجناء.
تتشكل ادارة السجن من موظفين, ضباط والحرس الخاص وما يتعرض له السجناء من تعذيب يأتي من قبل الموظفين والضباط, أما الحرس الخاص فيتشكل من وحدة خاصة تتكون من جنود وضباط جيش تستقر في بناء خاص لها داخل السجن. وتستعين ادارة السجن بهذه الوحدة في التفتيش المفاجئ والاقتحام التعسفي للقسم السادس وباقي أقسام السجن.
مدير السجن واصحاب المناصب العالية في ادارة السجن كلهم من ضباط الحرس الثوري الايراني. ليكون السجن بصورة غير مباشرة تحت سيطرة الحرس, وعملية نقل السجناء الى المعتقلات السرية واخضاعهم للاعتراف تحت التعذيب تتم بسرية تامة وباشراف الحرس من دون أن تتدخل بها ادارة حكومية اخرى.
ثمة صلة قوية تربط ادارة السجن بالمعتقل السري الذي يقع في دوار “شهيدبندر” او “جهارشير” الخاص بوزارة المخابرات والذي يسمى بالفيلق الأول (سباه يكم). هذا المعتقل والذي يطلق »سباه« والتي تعني بالعربية الحرس ويقصد بها الحرس الثوري, تابع لوزارة المخابرات الايرانية المعروفة بعلاقاتها الحميمة مع الحرس الثوري.
هناك بعض موظفي سجن كارون المعروفين بانتهاك حقوق السجناء ومنهم: محمدكياني, الرئيس الحالي للسجن.
ضابط برتبة العقيد في الحرس الثوري. تولى رئاسة سجن كارون بعد سلمان رستمي.ال معروف بعدائه للسجناء السياسيين. وعندما تأتي هئية حكومية لزيارة السجن يأمر بتعذيب من اشتكى من وضع السجن.
حاج امين سبحاني, مسؤول القسم التربوي والثقافي للسجن: يمنع كل وسائل الاعلام (جريدة,مجلة,كتاب ) غير تابعة للحكومة الايرانية من الوصول للقسم السادس. كذلك يمنع السياسيين من القيام ممارسة التقاليد العربية وارتداء اللباس العربي أثناء الزيارة العائلية.
سيد فرج الله جعفري, مسؤول دائرة استخبارات السجن: معروف بخلقه القاسي ضد السجناء السياسيين. ذولفقاري, أحد مساعدي رئيس السجن: من اعضاء قوة التعبئة (الباسيج): يمارس التعذيب النفسي ضد السجناء السياسيين. ويعتبر المسؤول عن التفتيش المفاجئ والمتكرر في الساعات المتأخرة من الليل من دون اي مبرر. بهرام حاتمي, موظف في قسم الزيارة العائلية: من اعضاء قوة التعبئة (الباسيج), المسؤول عن مضايقة عائلات السجناء حين الزيارة حيث يجبر عوائل السجناء بالانتظار الطويل والذي يصل في بعض الأحيان الى اربع ساعات.
اضافة الى عدد آخر من موظفي السجن في قسم الزيارة العائلية يقومون بتصرفات لا انسانية كالاهانة والتفتيش وحرمان السجناء من الزيارة او الاتصال الهاتفي. وهم: شجيرات, خليلي, زارع, قلندري, خدري, برمزيار, قراجه, كرمي.
المعتقل السري الخاص للمخابرات الايرانية في الأهواز
“سباه يكم” (فيلق الأول) او المعتقل الامني الاسم الذي يطلق على هذا المعتقل السري. تم اكتشاف هذا المكان من قبل بعض الجهات وهذا المعتقل خاص بوزارة المخابرات ويتم اخضاع المتهمين فيه للتحقيق, كذلك ضباط المخابرات يمارسون شتى انواع التعذيب ضد المعتقلين ويتم زج المتهمين بالزنزانات الأنفرادية, ومساحة كل زنزانة 2 مترمربع (ماعدا بعض الزنزانات الجماعية التي مساحتها اكبر وتستعمل في حالة ازدحام الزنزانات وعدم توفير المكان). يجردون المعتقل في هذه الزنزانة من كل شيء ما عدا لباس الراحة, المتهم في هذا الزنزانة لا يعرف الوقت الا بصوت الأذان وشعاع نور الشمس الذي يظهر من نافذة صغيرة مسيجة بقضبان حديد في اعلى الجدار, طوال الوجود خارج الزنزانة واثناء التحقيق والتعذيب يعصبون عيون المعتقلين بهدف الضغط النفسي والحفاظ على سرية المكان وعدم كشف وجوه المحقيقن حيث تبقى غير مكشوفة للمتهم حتى لا يستطيع أن ينظر اليهم ويجلسون خلفه أثناء التحقيق, ويجبرون المتهم على كتابة كل ما يتحدث به والتوقيع على التحقيق, ويجبرون المعتقل على ذكر الأسماء وشركاء آخرين له لتخليص نفسه, كذلك يجبرونه على قبول التهم الموجهة اليه للتخلص من هذا المكان الذي يصفه بعض المتهمين بالأمَرّ من الموت, فان السب والشتم وعدم احترام المتهمين أمر عادي في هذا المعتقل, وفي عملية الضرب, يقيدون المعتقل الى سرير, حيث ينام على بطنه ثم يضربونه بالسوط او الكيبل على كل بدنه وبخاصة على رجليه.
يذكر أن كل المعتقلين السياسيين قبل دخولهم الى سجن كارون مضوا اشهر عدة في هذا المعتقل السري.
بالعودة الى سجن كارون فانه يحمل اكبر عدد من سجناء السياسيين العرب في ايران في هذا السجن, اضافة الى ذلك بعد سجن أفين في طهران الذي يضم ما بين 175 الى 195 سجيناً سياسياً يبلغ عدد السجناء السياسيين فيه 103 سجناء.