نعتقد أنه لا يختلف أثنان على أن الأوضاع الدولية تلعب دورا حاسما في تحديد مسار قضيتنا العادلة، ومن هنا نرى بأن معرفة معطيات الواقع الدولي معرفة دقيقة تعدُ من أهم الاولويات للأحزاب والتيارات الاهوازية المؤثرة على الساحة.
وحتى نتمكن من ان نتفاعل بشكل صحيحِ مع مستجدات الساحة الدولية ونستثمر نتائجها وانعكاساتها المحتملة على قضيتنا، يجبُ ان نعرفَ بدقة متناهية واقعنا بمعزلٍ عن عواطفنا الجياشة. وأن لا نخلط من حيث نعلم أو لا نعلم الواقع مع الحقيقة حتى لا نتبنى مواقف ونطلق شعارات لا تنسجم مع الواقعية والعقلانية.
الحقيقة ما كان أمرا ثابتا بحسب الفطرة والعقل ومقاييس العلم. أما الواقع فقد يكون حقا وقد لا يكون. ومن هنا يتوجب علينا الفرز بين الواقع والحقيقة.
ولتغيير الواقع يجب قبل كل شي أن نعرفه كما هو وليس كما يحلو لينا وثم نعرف الدواعي والأسباب التي كانت منشاءً لتحقيقه، ليعطينا ذلك قابلية لمواجهتهِ أو تغييرهِ.
على سبيل المثال فإن بعض الاخوة المناضلين يقولون ببساطة بما أننا شعبُ محتلُ فيحق لنا أن نتبنى الكفاح المسلح و نطالب بالاستقلال، وأن المجتمع الدولي سيدعم خيارنا هذا، فهيا بنا إلى الكفاح المسلح وهيا بنا إلى إعلان دولتنا المستقلة؟
وهكذا يفوتهم بان ما يطرحونه، يدخلُ ضمن دائرة الحقيقة وليس الواقع الأهوازي وهو واقع مأساوي مرير. أي أنه لا شك بأن الأهواز ضُمت إلى السيادة الإيرانية بمعزل عن إرادة شعبها العربي، وأن إيران لا تمتلك أي شرعية قانونية أو سياسية أو تاريخية أو شعبية في الاهواز. ولكن هناك واقعا قد تكرس خلال العقود الأخيرة بحيث ظلت الأنظمة الإيرانية تحكم الاهواز وتلغي أبسط حقوق شعبها بقوته أي بقوة هذا الامر الواقع.
على سبيل مثال فإن واقعنا على الساحة الدولية يدلُ على أن المجتمع الدولي لا يعتبر الأهواز أرضا محتلة شئنا أم أبينا.. فكيف يمكنه أن يبررَ لنا الكفاح المسلح والمطالبة بالاستقلال في هذه المرحلة؟!!
وبالنسبة لعروبة الاهواز فهل هناك من يشكُ في أننا من أكثر الشعوب العربية أصالة؟!!، ولكن هذه الحقيقة الشديدة الوضوح لم تغير حتى الآن من الواقع السائد في العالم العربي حيث أن أيا من الدول العربية لا تعترف بعروبة الأهواز أو حق شعبها العربي في تقرير المصير ولم تدخل قضيتنا العادلة يوما ضمن جدول أعمال الجامعة العربية، لأن العرب يخضعون لمتطلبات الواقع الدولي الذي لا يعترف حتى الآن بالأهواز كأرض محتلة.
علما أن المجتمع الدولي يصنف الاهوازيين كأقلية قومية ضمن الأقليات القومية في إيران، وبالتالي لا يمنحهم الحق في المطالبة بالاستقلال. في حين أن الحقيقة الناصعة التي لا غبار عليها باننا لسنا أقلية قومية وأنما شعبُ قائم بذاته يحق له كل ما يحق للشعوب الأخرى في العالم.
أما لتغيير واقعنا على الساحة الدولية بحيث يحق لنا المطالبة بحقنا الطبيعي كشعب وهو حق تقرير المصير فكان علينا قبل كل شئ عدم القفز على المراحل والتحرك ضمن دائرة القوانين والمواثيق والمؤسسات الدولية المعنية التي تضمنُ الكثير من حقوقنا الضائقة في المرحلة الراهنة على الأقل.
ولتحقيق هذه الغاية كان تركيزنا في البداية على المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فتمكنا من إقناعها بأن هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الأهواز، ومن ثم حققنا نجاحا باهرا حين اعترفت هذه المؤسسات بوجود سياسية إيرانية تهدفُ إلى التطهير العرقي والإبادة الجماعية. وكان لانتفاضة نيسان المباركة ودماء شهدائنا الأبرار، والعدد الهائل من أسرانا البواسل دورا أساسيا في هذا الانتصار الأهوازي غير المسبوق.
ومن ثم كثفنا جهودنا على دائرة أخرى وهي دائرة البرلمانات الأروبية والاحزاب التقدمية والفاعلة المحبة للعدالة والسلام في العالم، حتى تمكنا من اقناعها بان هناك انتهاكات خطيرة للحقوق الإنسان ، بل استطعنا إقناعها بوجود خطة إيرانية للإبادة الجماعية في الأهواز من خلال الوثائق التي وصلتنا من الاخوة المناضلين في الداخل.
أما الدائرة الثالثة والأهم فهي المؤسسات والأجهزة الحكومية في الغرب والتي قطعنا شوطا كبيرا حتى الآن في إقناعها بوجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الأهواز ولكننا للأسف لم نتمكن حتى الآن من أن ننتزع منها أي اعتراف صريح بوجود سياسة إيرانية مبرمجة للتطهير العرقي في الأهواز.
إلى جانب ذلك كان لا بد من انتزاع اعتراف هامِ للغاية من مؤسسة دولية معنية وهي منظمة الشعوب غير الممثلة في الأمم المتحدة (يو أن بي أو )، حيث أنها المؤسسة التي تعملُ على فتح المجال للشعوب المحتلة أو المضطهدة للتعريف بقضيتها في الأوساط الدولية وخاصة الامم المتحدة.
وإلى ذلك فقد تمكنا من الحصول على هذا الاعتراف من هذه المنظمة على أساس أن النظام الإيراني لا يمثلُ الشعب العربي الأهوازي في الأوساط الدولية وبالتالي يحق لمثلي هذا الشعب الحضور في الأمم المتحدة ليعبروا عن قضيتهم.
وهكذا فقد اتيح لنا الحضور في الكثير من الاجتماعات الرسمية للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الاخرى بمساعدة منظمة يو أن بي أو . كخطوة أساسية في سبيل تغيير واقعنا الدولي وإحقاق حقوقنا المشروعة وعلى رأسهِ حق تقرير المصير..
وبما أن واقعنا يجزمُ بأنه لا يوجدُ أي دعم عربي أو دولي لقضيتنا العادلة فإننا في إطار السعي لإقناع المؤسسات الدولية المعنية بعدالة وشرعية قضيتنا قد تبنينا سياسة التظلم.
وهي السياسية التي ارتكزت على ثلاثة محاور: الأول إننا شعب غني جدا حيث أن أرضنا تحتوي على ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم وتوفر نحو تسعين في المائة من صادرات إيران البترولية، وفي الوقت ذاته شعبنا يعيش في فقر مدقع.
أما المحور الثاني فهو أننا عرب يزيدُ عددنا على خمسة ملايين ولكن العرب يتجاهلون قضيتنا تماما ولا يقدمون أي دعم إلينا. والمحور الثالث إننا شعب أعزل يتبنى النضال السلمي، في حين أن النظام الإيراني يوظفُ أشد أساليب العنف والقسوة لقمع مطالبنا المشروعة.
وكانت لهذه السياسية أي سياسية التظلم نتائج مثمرة جدا على الصعيد الدولي حيث أن الكثير من الجهات الدولية ، مؤسسات وأفرادا صار يتعاطف مع قضيتنا ويطرحها بقوة على الساحة الدولية. ومن هنا فإن أي تصرفٍ متهور أو غير محسوب العواقب داخل الأهواز في هذه المرحلة البالغة الدقة والحساسية من شأنه أن يلحقِ خسائر لا تجبر بقضيتنا.
وختاما نقول حتى لا تضيعُ الجهود التي بُذلت والتضحيات التي قٌدمت والانجازات التي تحققت حتى الآن لصالح قضيتنا لا بدُ من أن يكونَ هناك تنسيقُ وتعاونُ وثيق بين مختلف الجهات الأهوازية المؤثرة على الساحة حتى تتكلل جهودنا المشتركة بالنصر المؤزر لقضينا العادلة إن شاء الله.
القضية الأهوازية بين الواقع والحقيقة |
الشهيد الرمز منصور الأهوازي نعتقد أنه لا يختلف أثنان على أن الأوضاع الدولية تلعب دورا حاسما في تحديد مسار قضيتنا العادلة، ومن هنا نرى بأن معرفة معطيات الواقع الدولي معرفة دقيقة تعدُ من أهم الاولويات للأحزاب والتيارات الاهوازية المؤثرة على الساحة. وحتى نتمكن من ان نتفاعل بشكل صحيحِ مع مستجدات الساحة الدولية ونستثمر نتائجها وانعكاساتها المحتملة على قضيتنا، يجبُ ان نعرفَ بدقة متناهية واقعنا بمعزلٍ عن عواطفنا الجياشة. وأن لا نخلط من حيث نعلم أو لا نعلم الواقع مع الحقيقة حتى لا نتبنى مواقف ونطلق شعارات لا تنسجم مع الواقعية والعقلانية. |
نعتقد أنه لا يختلف أثنان على أن الأوضاع الدولية تلعب دورا حاسما في تحديد مسار قضيتنا العادلة، ومن هنا نرى بأن معرفة معطيات الواقع الدولي معرفة دقيقة تعدُ من أهم الاولويات للأحزاب والتيارات الاهوازية المؤثرة على الساحة.
وحتى نتمكن من ان نتفاعل بشكل صحيحِ مع مستجدات الساحة الدولية ونستثمر نتائجها وانعكاساتها المحتملة على قضيتنا، يجبُ ان نعرفَ بدقة متناهية واقعنا بمعزلٍ عن عواطفنا الجياشة. وأن لا نخلط من حيث نعلم أو لا نعلم الواقع مع الحقيقة حتى لا نتبنى مواقف ونطلق شعارات لا تنسجم مع الواقعية والعقلانية.
الحقيقة ما كان أمرا ثابتا بحسب الفطرة والعقل ومقاييس العلم. أما الواقع فقد يكون حقا وقد لا يكون. ومن هنا يتوجب علينا الفرز بين الواقع والحقيقة.
ولتغيير الواقع يجب قبل كل شي أن نعرفه كما هو وليس كما يحلو لينا وثم نعرف الدواعي والأسباب التي كانت منشاءً لتحقيقه، ليعطينا ذلك قابلية لمواجهتهِ أو تغييرهِ.
على سبيل المثال فإن بعض الاخوة المناضلين يقولون ببساطة بما أننا شعبُ محتلُ فيحق لنا أن نتبنى الكفاح المسلح و نطالب بالاستقلال، وأن المجتمع الدولي سيدعم خيارنا هذا، فهيا بنا إلى الكفاح المسلح وهيا بنا إلى إعلان دولتنا المستقلة؟
وهكذا يفوتهم بان ما يطرحونه، يدخلُ ضمن دائرة الحقيقة وليس الواقع الأهوازي وهو واقع مأساوي مرير. أي أنه لا شك بأن الأهواز ضُمت إلى السيادة الإيرانية بمعزل عن إرادة شعبها العربي، وأن إيران لا تمتلك أي شرعية قانونية أو سياسية أو تاريخية أو شعبية في الاهواز. ولكن هناك واقعا قد تكرس خلال العقود الأخيرة بحيث ظلت الأنظمة الإيرانية تحكم الاهواز وتلغي أبسط حقوق شعبها بقوته أي بقوة هذا الامر الواقع.
على سبيل مثال فإن واقعنا على الساحة الدولية يدلُ على أن المجتمع الدولي لا يعتبر الأهواز أرضا محتلة شئنا أم أبينا.. فكيف يمكنه أن يبررَ لنا الكفاح المسلح والمطالبة بالاستقلال في هذه المرحلة؟!!
وبالنسبة لعروبة الاهواز فهل هناك من يشكُ في أننا من أكثر الشعوب العربية أصالة؟!!، ولكن هذه الحقيقة الشديدة الوضوح لم تغير حتى الآن من الواقع السائد في العالم العربي حيث أن أيا من الدول العربية لا تعترف بعروبة الأهواز أو حق شعبها العربي في تقرير المصير ولم تدخل قضيتنا العادلة يوما ضمن جدول أعمال الجامعة العربية، لأن العرب يخضعون لمتطلبات الواقع الدولي الذي لا يعترف حتى الآن بالأهواز كأرض محتلة.
علما أن المجتمع الدولي يصنف الاهوازيين كأقلية قومية ضمن الأقليات القومية في إيران، وبالتالي لا يمنحهم الحق في المطالبة بالاستقلال. في حين أن الحقيقة الناصعة التي لا غبار عليها باننا لسنا أقلية قومية وأنما شعبُ قائم بذاته يحق له كل ما يحق للشعوب الأخرى في العالم.
أما لتغيير واقعنا على الساحة الدولية بحيث يحق لنا المطالبة بحقنا الطبيعي كشعب وهو حق تقرير المصير فكان علينا قبل كل شئ عدم القفز على المراحل والتحرك ضمن دائرة القوانين والمواثيق والمؤسسات الدولية المعنية التي تضمنُ الكثير من حقوقنا الضائقة في المرحلة الراهنة على الأقل.
ولتحقيق هذه الغاية كان تركيزنا في البداية على المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فتمكنا من إقناعها بأن هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الأهواز، ومن ثم حققنا نجاحا باهرا حين اعترفت هذه المؤسسات بوجود سياسية إيرانية تهدفُ إلى التطهير العرقي والإبادة الجماعية. وكان لانتفاضة نيسان المباركة ودماء شهدائنا الأبرار، والعدد الهائل من أسرانا البواسل دورا أساسيا في هذا الانتصار الأهوازي غير المسبوق.
ومن ثم كثفنا جهودنا على دائرة أخرى وهي دائرة البرلمانات الأروبية والاحزاب التقدمية والفاعلة المحبة للعدالة والسلام في العالم، حتى تمكنا من اقناعها بان هناك انتهاكات خطيرة للحقوق الإنسان ، بل استطعنا إقناعها بوجود خطة إيرانية للإبادة الجماعية في الأهواز من خلال الوثائق التي وصلتنا من الاخوة المناضلين في الداخل.
أما الدائرة الثالثة والأهم فهي المؤسسات والأجهزة الحكومية في الغرب والتي قطعنا شوطا كبيرا حتى الآن في إقناعها بوجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الأهواز ولكننا للأسف لم نتمكن حتى الآن من أن ننتزع منها أي اعتراف صريح بوجود سياسة إيرانية مبرمجة للتطهير العرقي في الأهواز.
إلى جانب ذلك كان لا بد من انتزاع اعتراف هامِ للغاية من مؤسسة دولية معنية وهي منظمة الشعوب غير الممثلة في الأمم المتحدة (يو أن بي أو )، حيث أنها المؤسسة التي تعملُ على فتح المجال للشعوب المحتلة أو المضطهدة للتعريف بقضيتها في الأوساط الدولية وخاصة الامم المتحدة.
وإلى ذلك فقد تمكنا من الحصول على هذا الاعتراف من هذه المنظمة على أساس أن النظام الإيراني لا يمثلُ الشعب العربي الأهوازي في الأوساط الدولية وبالتالي يحق لمثلي هذا الشعب الحضور في الأمم المتحدة ليعبروا عن قضيتهم.
وهكذا فقد اتيح لنا الحضور في الكثير من الاجتماعات الرسمية للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الاخرى بمساعدة منظمة يو أن بي أو . كخطوة أساسية في سبيل تغيير واقعنا الدولي وإحقاق حقوقنا المشروعة وعلى رأسهِ حق تقرير المصير..
وبما أن واقعنا يجزمُ بأنه لا يوجدُ أي دعم عربي أو دولي لقضيتنا العادلة فإننا في إطار السعي لإقناع المؤسسات الدولية المعنية بعدالة وشرعية قضيتنا قد تبنينا سياسة التظلم.
وهي السياسية التي ارتكزت على ثلاثة محاور: الأول إننا شعب غني جدا حيث أن أرضنا تحتوي على ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم وتوفر نحو تسعين في المائة من صادرات إيران البترولية، وفي الوقت ذاته شعبنا يعيش في فقر مدقع.
أما المحور الثاني فهو أننا عرب يزيدُ عددنا على خمسة ملايين ولكن العرب يتجاهلون قضيتنا تماما ولا يقدمون أي دعم إلينا. والمحور الثالث إننا شعب أعزل يتبنى النضال السلمي، في حين أن النظام الإيراني يوظفُ أشد أساليب العنف والقسوة لقمع مطالبنا المشروعة.
وكانت لهذه السياسية أي سياسية التظلم نتائج مثمرة جدا على الصعيد الدولي حيث أن الكثير من الجهات الدولية ، مؤسسات وأفرادا صار يتعاطف مع قضيتنا ويطرحها بقوة على الساحة الدولية. ومن هنا فإن أي تصرفٍ متهور أو غير محسوب العواقب داخل الأهواز في هذه المرحلة البالغة الدقة والحساسية من شأنه أن يلحقِ خسائر لا تجبر بقضيتنا.
وختاما نقول حتى لا تضيعُ الجهود التي بُذلت والتضحيات التي قٌدمت والانجازات التي تحققت حتى الآن لصالح قضيتنا لا بدُ من أن يكونَ هناك تنسيقُ وتعاونُ وثيق بين مختلف الجهات الأهوازية المؤثرة على الساحة حتى تتكلل جهودنا المشتركة بالنصر المؤزر لقضينا العادلة إن شاء االقضية الأهوازية بين الواقع والحقيقة
الشهيد الرمز منصور الأهوازي
نعتقد أنه لا يختلف أثنان على أن الأوضاع الدولية تلعب دورا حاسما في تحديد مسار قضيتنا العادلة، ومن هنا نرى بأن معرفة معطيات الواقع الدولي معرفة دقيقة تعدُ من أهم الاولويات للأحزاب والتيارات الاهوازية المؤثرة على الساحة. وحتى نتمكن من ان نتفاعل بشكل صحيحِ مع مستجدات الساحة الدولية ونستثمر نتائجها وانعكاساتها المحتملة على قضيتنا، يجبُ ان نعرفَ بدقة متناهية واقعنا بمعزلٍ عن عواطفنا الجياشة. وأن لا نخلط من حيث نعلم أو لا نعلم الواقع مع الحقيقة حتى لا نتبنى مواقف ونطلق شعارات لا تنسجم مع الواقعية والعقلانية.
نعتقد أنه لا يختلف أثنان على أن الأوضاع الدولية تلعب دورا حاسما في تحديد مسار قضيتنا العادلة، ومن هنا نرى بأن معرفة معطيات الواقع الدولي معرفة دقيقة تعدُ من أهم الاولويات للأحزاب والتيارات الاهوازية المؤثرة على الساحة.
وحتى نتمكن من ان نتفاعل بشكل صحيحِ مع مستجدات الساحة الدولية ونستثمر نتائجها وانعكاساتها المحتملة على قضيتنا، يجبُ ان نعرفَ بدقة متناهية واقعنا بمعزلٍ عن عواطفنا الجياشة. وأن لا نخلط من حيث نعلم أو لا نعلم الواقع مع الحقيقة حتى لا نتبنى مواقف ونطلق شعارات لا تنسجم مع الواقعية والعقلانية.
الحقيقة ما كان أمرا ثابتا بحسب الفطرة والعقل ومقاييس العلم. أما الواقع فقد يكون حقا وقد لا يكون. ومن هنا يتوجب علينا الفرز بين الواقع والحقيقة.
ولتغيير الواقع يجب قبل كل شي أن نعرفه كما هو وليس كما يحلو لينا وثم نعرف الدواعي والأسباب التي كانت منشاءً لتحقيقه، ليعطينا ذلك قابلية لمواجهتهِ أو تغييرهِ.
على سبيل المثال فإن بعض الاخوة المناضلين يقولون ببساطة بما أننا شعبُ محتلُ فيحق لنا أن نتبنى الكفاح المسلح و نطالب بالاستقلال، وأن المجتمع الدولي سيدعم خيارنا هذا، فهيا بنا إلى الكفاح المسلح وهيا بنا إلى إعلان دولتنا المستقلة؟
وهكذا يفوتهم بان ما يطرحونه، يدخلُ ضمن دائرة الحقيقة وليس الواقع الأهوازي وهو واقع مأساوي مرير. أي أنه لا شك بأن الأهواز ضُمت إلى السيادة الإيرانية بمعزل عن إرادة شعبها العربي، وأن إيران لا تمتلك أي شرعية قانونية أو سياسية أو تاريخية أو شعبية في الاهواز. ولكن هناك واقعا قد تكرس خلال العقود الأخيرة بحيث ظلت الأنظمة الإيرانية تحكم الاهواز وتلغي أبسط حقوق شعبها بقوته أي بقوة هذا الامر الواقع.
على سبيل مثال فإن واقعنا على الساحة الدولية يدلُ على أن المجتمع الدولي لا يعتبر الأهواز أرضا محتلة شئنا أم أبينا.. فكيف يمكنه أن يبررَ لنا الكفاح المسلح والمطالبة بالاستقلال في هذه المرحلة؟!!
وبالنسبة لعروبة الاهواز فهل هناك من يشكُ في أننا من أكثر الشعوب العربية أصالة؟!!، ولكن هذه الحقيقة الشديدة الوضوح لم تغير حتى الآن من الواقع السائد في العالم العربي حيث أن أيا من الدول العربية لا تعترف بعروبة الأهواز أو حق شعبها العربي في تقرير المصير ولم تدخل قضيتنا العادلة يوما ضمن جدول أعمال الجامعة العربية، لأن العرب يخضعون لمتطلبات الواقع الدولي الذي لا يعترف حتى الآن بالأهواز كأرض محتلة.
علما أن المجتمع الدولي يصنف الاهوازيين كأقلية قومية ضمن الأقليات القومية في إيران، وبالتالي لا يمنحهم الحق في المطالبة بالاستقلال. في حين أن الحقيقة الناصعة التي لا غبار عليها باننا لسنا أقلية قومية وأنما شعبُ قائم بذاته يحق له كل ما يحق للشعوب الأخرى في العالم.
أما لتغيير واقعنا على الساحة الدولية بحيث يحق لنا المطالبة بحقنا الطبيعي كشعب وهو حق تقرير المصير فكان علينا قبل كل شئ عدم القفز على المراحل والتحرك ضمن دائرة القوانين والمواثيق والمؤسسات الدولية المعنية التي تضمنُ الكثير من حقوقنا الضائقة في المرحلة الراهنة على الأقل.
ولتحقيق هذه الغاية كان تركيزنا في البداية على المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، فتمكنا من إقناعها بأن هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الأهواز، ومن ثم حققنا نجاحا باهرا حين اعترفت هذه المؤسسات بوجود سياسية إيرانية تهدفُ إلى التطهير العرقي والإبادة الجماعية. وكان لانتفاضة نيسان المباركة ودماء شهدائنا الأبرار، والعدد الهائل من أسرانا البواسل دورا أساسيا في هذا الانتصار الأهوازي غير المسبوق.
ومن ثم كثفنا جهودنا على دائرة أخرى وهي دائرة البرلمانات الأروبية والاحزاب التقدمية والفاعلة المحبة للعدالة والسلام في العالم، حتى تمكنا من اقناعها بان هناك انتهاكات خطيرة للحقوق الإنسان ، بل استطعنا إقناعها بوجود خطة إيرانية للإبادة الجماعية في الأهواز من خلال الوثائق التي وصلتنا من الاخوة المناضلين في الداخل.
أما الدائرة الثالثة والأهم فهي المؤسسات والأجهزة الحكومية في الغرب والتي قطعنا شوطا كبيرا حتى الآن في إقناعها بوجود انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الأهواز ولكننا للأسف لم نتمكن حتى الآن من أن ننتزع منها أي اعتراف صريح بوجود سياسة إيرانية مبرمجة للتطهير العرقي في الأهواز.
إلى جانب ذلك كان لا بد من انتزاع اعتراف هامِ للغاية من مؤسسة دولية معنية وهي منظمة الشعوب غير الممثلة في الأمم المتحدة (يو أن بي أو )، حيث أنها المؤسسة التي تعملُ على فتح المجال للشعوب المحتلة أو المضطهدة للتعريف بقضيتها في الأوساط الدولية وخاصة الامم المتحدة.
وإلى ذلك فقد تمكنا من الحصول على هذا الاعتراف من هذه المنظمة على أساس أن النظام الإيراني لا يمثلُ الشعب العربي الأهوازي في الأوساط الدولية وبالتالي يحق لمثلي هذا الشعب الحضور في الأمم المتحدة ليعبروا عن قضيتهم.
وهكذا فقد اتيح لنا الحضور في الكثير من الاجتماعات الرسمية للأمم المتحدة والمؤسسات الدولية الاخرى بمساعدة منظمة يو أن بي أو . كخطوة أساسية في سبيل تغيير واقعنا الدولي وإحقاق حقوقنا المشروعة وعلى رأسهِ حق تقرير المصير..
وبما أن واقعنا يجزمُ بأنه لا يوجدُ أي دعم عربي أو دولي لقضيتنا العادلة فإننا في إطار السعي لإقناع المؤسسات الدولية المعنية بعدالة وشرعية قضيتنا قد تبنينا سياسة التظلم.
وهي السياسية التي ارتكزت على ثلاثة محاور: الأول إننا شعب غني جدا حيث أن أرضنا تحتوي على ثاني اكبر احتياطي للنفط في العالم وتوفر نحو تسعين في المائة من صادرات إيران البترولية، وفي الوقت ذاته شعبنا يعيش في فقر مدقع.
أما المحور الثاني فهو أننا عرب يزيدُ عددنا على خمسة ملايين ولكن العرب يتجاهلون قضيتنا تماما ولا يقدمون أي دعم إلينا. والمحور الثالث إننا شعب أعزل يتبنى النضال السلمي، في حين أن النظام الإيراني يوظفُ أشد أساليب العنف والقسوة لقمع مطالبنا المشروعة.
وكانت لهذه السياسية أي سياسية التظلم نتائج مثمرة جدا على الصعيد الدولي حيث أن الكثير من الجهات الدولية ، مؤسسات وأفرادا صار يتعاطف مع قضيتنا ويطرحها بقوة على الساحة الدولية. ومن هنا فإن أي تصرفٍ متهور أو غير محسوب العواقب داخل الأهواز في هذه المرحلة البالغة الدقة والحساسية من شأنه أن يلحقِ خسائر لا تجبر بقضيتنا.
وختاما نقول حتى لا تضيعُ الجهود التي بُذلت والتضحيات التي قٌدمت والانجازات التي تحققت حتى الآن لصالح قضيتنا لا بدُ من أن يكونَ هناك تنسيقُ وتعاونُ وثيق بين مختلف الجهات الأهوازية المؤثرة على الساحة حتى تتكلل جهودنا المشتركة بالنصر المؤزر لقضينا العادلة إن شاء الله.
لله.